فيما يستمر الجمود على جبهة الاستحقاق الرئاسي والمتوقع أن يطول الى أمد بعيد في ضوء ما بدأ يدور همس من انّ إنجازه قد يتأخر الى ما بعد الانتخابات الرئاسية في 5 تشرين الثاني المقبل، بدأت الانظار تتجه الى ما بعد خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في 24 من الجاري امام الكونغرس الاميركي وما سيكون عليه الوضع في قطاع غزة وعلى الجبهة الجنوبية بعد هذا الخطاب، في الوقت الذي بدأت تتراجع احتمالات الاتفاق على هدنة ووقف نار في غزة قبل توجّه نتنياهو الى واشنطن.
وفي انتظار هذه المحطات قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ماثيو ميلر، أمس، انّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن اجتمع امس بمستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي ووزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر.
وشدّد على «التزام الولايات المتحدة الراسخ بأمن إسرائيل، وناقش الحلول العملية للقضايا التي ما زالت مطروحة على طاولة المفاوضات المستمرة لوقف إطلاق نار في غزة، كما أكد ضرورة التوصّل إلى اتفاق يضمن الإفراج عن الرهائن ويُخفّف معاناة الشعب الفلسطيني». وشدد بلينكن أيضا على «ضرورة ضمان تسليم المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء غزة»، مؤكداً «ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات إضافية للتخفيف من عدد الضحايا المدنيين». وتطرق إلى «أهمية تجنب المزيد من التصعيد على طول حدود إسرائيل مع لبنان والتوصل إلى حل ديبلوماسي يتيح عودة العائلات الإسرائيلية واللبنانية إلى منازلها».
مبادرة المعارضة
رئاسياً، لم يطرأ أمس اي جديد، لكن نواب المعارضة واصلوا تحركهم مُسَوّقين المبادرة التي اطلقوها الاسبوع الماضي، فاجتمعت لجنة المتابعة المنبثقة منهم والمكلفة الاتصالات مع الكتل النيابية والتي تضم النواب: غسان حاصباني، الياس حنكش، ميشال الدويهي وبلال الحشيمي، بعد ظهر امس في مقر المجلس النيابي، مع وفد من «التكتل الوطني المستقل» ضَمّ النائبين طوني فرنجية وفريد هيكل الخازن، وتم خلال اللقاء البحث في المبادرة التي طرحها «نواب قوى المعارضة» في شأن الاستحقاق الرئاسي.
وقالت مصادر اطلعت على ما دار في اللقاء لـ«الجمهورية» انه كان عادياً، تَبادلَ خلاله الجانبان وجهة نظر كل منهما بصراحة كلية من دون ان يحمل اي طرح أو اي عنصر او تفصيل جديد. فليس غافلاً على أحد انّ كلّاً منهما في واد، خصوصاً انّ اعضاء التكتل لديهم مرشحهم وهو رئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية ولا يمكن لأي منهم التجاوب مع الصيغة المطروحة. وهو ما ادى الى طرح متناقض صِيغَ بصراحة مطلقة عبر كل من الفريقين.
وقبل ايام على موعد لقاءَي اللجنة مع كتلتي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة»، قالت مصادر نواب المعارضة انّ الموعد مع الكتلتين ما زال قائماً أيّاً كانت الظروف التي تسبقه وهو لن يحمل جديداً. فنواب كتلة «التنمية والتحرير» شنّوا هجوماً على المبادرة منذ انطلاقتها، وعلى الرغم من ذلك سيُعقد اللقاء معهم ليُبنى على النتائج المرتقبة منه مقتضاه. وكذلك من الوهم بناء مستقبل المبادرة على أيّ موقف ايجابي لكتلة «الوفاء للمقاومة».
تلامذة الكلية الحربية
من جهة ثانية، تمكنت الحكومة سريعاً من احتواء الخلاف بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون، والذي امتد الى ملف دورة الكلية الحربية. وفي اقل من عشرة ايام على الجلسة الاخيرة دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المجلس الى جلسة تُعقد غداً بجدول اعمال يقتصر على بند وحيد يتناول الطلب الوارد من وزير الدفاع بالموافقة على إجراء مباراة إضافية لتعيين ٨٢ تلميذ ضابط لحاجة الجيش وسائر القوى الأمنية لعدد اضافي يفوق الـ ١١٨ تلميذ ضابط الناجحين في المباراة التي أُجريت أخيراً.
وبات معروفاً انّ القوى السياسية الحاضرة في مجلس الوزراء متجهة الى الموافقة على طلب وزير الدفاع المبني على جملة معطيات، منها كتاب ورده الأسبوع الماضي من قائد الجيش يصبّ في اتجاه الهدف عينه، كما من المفترض ان تجري المباراة الاضافية بالسرعة الممكنة ليُصار بعدها الى ادخال الناجحين بنتيجتها مع الناجحين الـ ١١٨ الى الكلية الحربية في آن واحد.
وقال مصدر حكومي لـ«الجمهورية» ان «هذا الحل للأزمة التي نشبت واستمرت في الأشهر الاخيرة بين وزير الدفاع وقائد الجيش تمّ العمل عليه بعد الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، وقد استمع وزير الثقافة محمد وسام المرتضى المكلّف من مجلس الوزراء وميقاتي، والذي تربطه صداقة مع الطرفين الى وجهة نظر كلّ منهما، وبين إصرار سليم على استكمال العدد الى١٧٣ تلميذ ضابط ورَفض قائد الجيش ان يأخذ المتبقّين بمعدلات دون المستوى، طرحَ مرتضى فتح دورة جديدة بعدد يوفي بالغرض على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، وبنتيجة المشاورات التي اجراها معهما وبهدوء تمّ الاتفاق على فتح الدورة التي ستتيح للمتخرجين الجدد التقدّم اليها». واكد المصدر انّ بري وميقاتي ارتاحا الى هذا الحل، وأوصيا بتنفيذه بالسرعة الممكنة «حرصاً على استقرار الأمور في المؤسسة العسكرية».
تشكيك بنصاب
على انّ مصادر وزارية شَكّكت، عبر «الجمهورية»، في إمكان توافر النصاب القانوني لجلسة مجلس الوزراء في حال نفّذ وزير الدولة لشؤون المهجرين عصام شرف الدين تهديده بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء، في موازة احتمال عدم مشاركة وزير الدفاع فيها لأنه مُصرّ على عدم مشاركته في اي جلسة لمجلس الوزراء لاسباب دستورية، وقد لا يغيّر موقفه ايّاً كانت الظروف طارئة واستثنائية، على ما يؤكد.
لكنّ مصادر قريبة من رئيس الحكومة قالت لـ«الجمهورية» انه لم يتبلّغ مثل هذا القرار ولا يعتقد انّ هناك شيئاً من هذا القبيل سيحصل، فالجلسة مهمة جدا ولم يدع رئيس الحكومة اليها قبل ضمان توافر نصابها القانوني. وليس هناك اقتناع بأنّ قراراً من هذا النوع حان أوانه، فهو له مرجعيتين حزبية قريبة وأخرى أبعد منها بقليل تُظَلّل أعمال مجلس الوزراء بالرعاية الكافية لضمان تنفيذ القرارات الملحة التي على المجلس إتمامها».
واضافت المصادر ان جلسة غد «لا تحتمل المزاح ولا ركوب موجات غير طبيعية، فهي جلسة جدية ودقيقة جداً يتوقف عليها إقفال ملف بحجم مصير تلامذة ضباط الكلية الحربية. وكما بات واضحاً انها مخصصة لترجمة التفاهم على الحل الذي تم التوصل إليه في شأن تطويع تلامذة ضباط الى المدرسة الحربية، وفقاً لمضمون كتاب وزير الدفاع الذي طلب فتح دورة اضافية تؤدي إلى رفع عدد التلامذة الى 200 ليتمّ جَمعهم في دورة واحدة في مهلة قصوى تنتهي في الخريف المقبل حسبما تم التفاهم بين وزير الدفاع وقائد الجيش.
جنوباً، استمرت الاعتداءات الاسرائيلية على المدن والقرى والبلدات الجنوبية قصفا جويا ومدفعيا، فأغارت مسيّرة اسرائيلية بعد ظهر امس على دراجة نارية كان يستقلها شخصان على طريق النبطية - الخردلي عند مفترق الزفاتة - بلدة ارنون، وعندما حاول عدد من المواطنين الاقتراب منها تعرّضت لغارة ثانية ما تَسبّب بمقتل راكبَيها السوريين عبد المطلب عبد الفتاح نانيس، وحمزة مرهج شعبان.
كذلك استهدف مسيّرة إسرائيلية بلدتي يارين و«أم التوت»، ما ادى الى سقوط 3 اطفال سوريين.
وأعلنت «المقاومة الاسلامية» قصف كريات شمونة بعشرات صواريخ الكاتيوشا رداً على استهداف مدنيين امس، فيما تعرضت المنطقة الواقعة قرب خزان مياه بلدة يارين لغارة، وسقط عدد من الجرحى في غارة أخرى على بلدة أم التوت الحدودية في القطاع الغربي أدّت الى مقتل 3 أطفال سوريين. فيما تعرضت أطراف ديرميماس والأطراف الشرقية لبلدة يحمر الشقيف المتصلة بنهر الليطاني لقصف مدفعي وقد طاولَ أطراف القوزح وعيتا الشعب ورامية.
في المقابل، أعلن المقاومة انها ردّت على قصف مدينة بنت جبيل بقصف كريات شمونة (قرية الخالصة) بعشرات الصواريخ، فيما قال الجيش الإسرائيلي في بيان: «قصفت طائرات إسرائيلية ليلاً البنية التحتية لـ«حزب الله» في بلدات حولا وكفركلا وبني حيان في جنوب لبنان. بالإضافة إلى ذلك، قصفت مدفعية الجيش الإسرائيلي بلدات بليدا ودير ميماس ورميش لإزالة التهديدات».
الى ذلك، استمرت فرق الدفاع المدني اللبناني وكشافة الرسالة والهيئة الصحية في إخماد الحرائق منذ ساعات الليل حتى السادسة صباحا، في الاحراج المتاخمة لنهر الليطاني جرّاء القصف الفوسفوري الاسرائيلي.
وأعلنت وزارة الاتصالات انها «تقدّمت بشكوى تتعلّق بالتشويش الاسرائيلي الذي يطاول بشكل أساسي نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الى وزارة الخارجية، موجّهة الى الامم المتحدة والى الـ ITU للنظر بها».
الى ذلك أشار رئيس بلدية حيفا، يونا ياهف، في لقاء مع «القناة 12» الإسرائيلية، إلى أنّ «الحرب مع «حزب الله» هذه المرة ستكون حرباً مختلفة عما كانت عليه في حرب لبنان الثانية»، معتبراً أنّها ستكون «أكثر تعقيداً». وقال انّ «كل المؤسسات، سواء أكانت عسكرية أو حكومية، تُهمل الشمال، وهذا ليس أمراً جديداً، وأنا أحذّر من هذا منذ وقت طويل، ولا أتلقى أي تعاون من أي رئيس بلدية في الشمال».
وشدّد مراسل «القناة 12» في الشمال، هدار غيتسيس، على انّ «عشرات آلاف المواطنين يحتاجون في هذه المرحلة إلى تحصين داخل بلدات الشمال، واستعداد لاحتمال المكوث لوقت طويل داخل أماكن محمية». ولفت إلى أنّ «آلاف المستوطنين في حيفا المدينة الثالثة في إسرائيل من ناحية الحجم، لا يعلمون في هذه المرحلة ما الذي نواجهه، وهنا يُطرح السؤال على قيادة المنطقة الداخلية، هل هذه الأمور تُمثّل وتعكس ما يحصل داخل الغرف المغلقة؟».
نصرالله
وفي الليلة الاخيرة من ليالي عاشوراء قال الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي سيطلق اليوم جملة من المواقف في ذكرى العاشر من محرّم: «المسلمون على اختلاف انتماءاتهم المذهبية يحبّون أهل البيت ويُكنّون لهم الود وكل الحب، ومن يخرج عن ذلك هم «النواصب» الذين يناصبون العداء لأهل البيت». وأشار إلى أن «من بركات طوفان الأقصى وتضامن جبهات الإسناد أنه تركَ آثاراً إيجابية جداً وساعدَ في تخفيف الاحتقان المذهبي الذي خططت له الاستخبارات الغربية خلال العقد الماضي».
واضاف أن «النواصب وبعض من تخاذلوا عن نصرة غزة ليغطّوا على فعلهم يلجأون إلى إحياء قضايا طائفية ويثيرون أحقاداً وكأنه لا توجد معارك ولا ومجازر ولا شهداء ولا تحديات في غزة». واكد أنه «من المتوقع بعد انتهاء معركة طوفان الأقصى بالنصر إن شاء الله... أن نشهد أجهزة المخابرات تعمل على إثارة الفتنة ولذلك يجب أن نكون حذرين»، موضحاً أنّ «هناك شريحة من الناس لا قيمة لها تعمل على فتح ملفات بين المسيحيين والمسلمين في لبنان وبين الشيعة والسنة... عندما يتم التجاوب مع هؤلاء على منصات التواصل يظنّون أن لهم أهمية».
وأشار إلى أن «معركة طوفان الأقصى من أطول وأضخم المعارك التي يعترف بها العدو، والأهم أنها معركة محور وشعوب المقاومة». وقال: «نحن نقاتل في معركة أفقها واضح، وفي البُعد الغيبي والبعد الإلهي لدينا وعد قرآني بزوال الكيان»، مضيفاً «ما يجري منذ 1948 إلى اليوم إفساد كبير وعلو اسرائيلي على كل شعوب وحكومات المنطقة وجيوشها. وطالما تجدد الافساد الاسرائيلي فالوعد الالهي بالعقوبة آتٍ وهذا الإفساد لا يمكن أن يستمر، والمسألة مسألة وقت».