هم المراقبون الذين قادوا مسيرة النهب
هم المراقبون الذين قادوا مسيرة النهب
فادي عبود
Saturday, 06-Jul-2024 07:02
نهنئ النائب جورج عدوان و»القوات اللبنانية» على تقديم اقتراح قانون «يرمي إلى إخضاع كل من شركة «طيران الشرق الأوسط» وكازينو لبنان وإدارة حصر التبغ والتنباك لرقابة أحكام قانون الشراء العام وديوان المحاسبة.

هذه خطوة جيدة في مراقبة الهدر الكارثي الذي يحصل لمقدّرات الدولة، ولكن يجب ان تشمل كل مؤسسات الدولة بلا استثناء مثل مرفأ بيروت واللجنة الموقتة لإدارة المرفأ وغيرها. اما المراقبة السليمة فلن تتمّ الّا عبر الشفافية المطلقة وليس عبر اي هيئات رقابية. فتجربتنا في لبنان مع الهيئات الرقابية معروفة، وقد ارتكبت ابشع الجرائم المالية في حق الشعب اللبناني تحت نظر الهيئات الرقابية نفسها التي نريدها اليوم ان تضبط الفساد والهدر.

 

ونعود الى مبدأ رئيسي يتعلق بالرقابة، وقد وجّهنا سؤالاً في السابق: من يراقب المراقب؟ من هو مسؤول عن المراقبين؟ من يديرهم ويعيّنهم؟

 

انّ هيكلية الرقابة تفترض انّ هناك الذي يعمل، ومن يراقبه والمسؤول الاعلى، ونفترض ثلاث درجات من الرقابة لتبسيط الصورة، علماً انّه يمكن ان تكون هناك درجات اكثر، الفساد ليست له هيكلية محدّدة، ويمكن ان يكون في اي مستوى من هذه الهيكلية، يعني لضبط الامور نفترض انّ المراقب غير فاسد والمسؤول عنه غير فاسد، وهذه افتراضات غير واقعية، فيمكن انّ من يقوم بالعمل آدمي ولكن المراقب فاسد، وايضاً المسؤول عن المراقب فاسد، ويجوز العكس او الجميع فاسدون او الجميع اوادم، هناك إمكانات عدة. ولذلك نستنتج انّ هذه الهيكلية لا تضمن مكافحة الفساد، وبالتالي الشفافية هي الوحيدة القادرة على اظهار حقيقة الامور في وضوح للشعب بكامله.

 

ولنتذكر انّ لدينا ما يُسمّى «مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان المركزي» ودوره مراقبة اعمال المصرف، وهناك لجنة الرقابة على المصارف وهي لجنة مستقلة عن المصرف المركزي، مهمّتها الرقابة على أداء المصارف والتأكّد من تطبيق القوانين والتدقيق في سلامة القطاع المصرفي، ونتيجة هذه الرقابة كانت سرقة ودائع الناس في عملية احتيالية ضخمة يستحق تعليمها لمن يريد ان يتخصّص في مكافحة عمليات الاحتيال، عملية احتيالية حرمت الناس من جنى أعمارهم.

 

بعد كل ما مررنا به من فساد نؤكّد انّه لا توجد رقابة فاعلة الّا رقابة الشعب مباشرة وإشراك المجتمع كله في عملية الرقابة على اعمال الحكومات والادارات والمصرف المركزي...الخ.

 

من دون الشفافية ستبقى المنظومة التي نهبت قادرة على الاختباء وحماية بعضها البعض ومتماسكة وراء أعدادها الكثيرة ولن نتمكن من معرفة الحقائق.

وهذا يعني ضرورة إقرار قانون للشفافية المطلقة، يمكّن المواطن من الإطلاع على كل اعمال الدولة مباشرة من دون وسيط، فهو صاحب المصلحة الاول.

 

اذاً، المطلوب اليوم الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة عبر المنصّات الرقمية، وأن تكون كل أعمال السلطة موجودة تلقائياً على الإنترنت والمواقع الإلكترونية التابعة للإدارات، ليتمكن من يرغب الإطلاع عليها مباشرة ومن دون وسيط. وأي حجب لأي معلومة بغض النظر عن حجمها، يُعتبر جناية ضدّ الشعب ويُحاكم ويُطرد ويُجزى من هو مسؤول عن حجبها، فحجب المعلومة هو نية للشر.

 

وهكذا تتوفر لدينا أعداد ضخمة من المراقبين، ومهما كان الموضوع، يوجد عدد كبير من اللبنانيين المقيمين والمغتربين قادرين على ان يحلّلوا ويكشفوا أي خلل.

 

نتمنى على الكتل النيابية التي يهمّها ضبط الهدر والنهب ان تبادر الى تبنّي قانون للشفافية وإقراره لتصبح كل العمليات مهما كانت، مداخيل ومصاريف كل المؤسسات التابعة للدولة مثل «طيران الشرق الاوسط»، وإدارة حصر التبغ والتنباك، وكازينو لبنان ومرفأ بيروت وغيرها، موجودة تلقائياً على الانترنت وبمتناول الجميع.

 

هكذا فقط يتمّ ضبط الهدر والنهب، ويوضع الجميع امام مسؤولياتهم.

وفي اختصار، لا رقابة فعّالة إلاّ من الشعب بكامله مسلحاً بالشفافية.

theme::common.loader_icon