لا حرب قبل «شهادة» نتنياهو..
لا حرب قبل «شهادة» نتنياهو..
طارق ترشيشي
Saturday, 29-Jun-2024 07:44

مع تصاعد الدعوات إلى معالجة ديبلوماسية لتنفيذ القرار 1701 في الجنوب يعمل عليها الموفد الرئاسي الاميركي عاموس هوكشتاين وسواه، وتجنّب اندلاع حرب واسعة انطلاقاً من حدود لبنان الجنوبية تهدّد بها إسرائيل «حزب الله» ولبنان، بدأ يسود اعتقاد أنّ تلك الدعوات انما تستبطن حالة انتظارية إلى حين عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من زيارته المقرّرة لواشنطن في 24 من تموز المقبل، للإدلاء بشهادة أمام الكونغرس الأميركي يخطّط «لأن يبلي فيها بلاء حسناً»، خدمة لحليفه مرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.

يقول ديبلوماسيون يواكبون التطورات، انّ الخلاف الدائر بين الرئيس جو بايدن وبين نتنياهو ناجم اساساً من دعم الأخير لترامب في السباق الرئاسي الاميركي ونكرانه «جميل» الدعم الذي قدّمه له ولا يزال في حربه على حركة «حماس» واخواتها في قطاع غزة منذ اليوم التالي لعملية «طوفان الأقصى»، وليس ناجماً عن خلاف على توسيع الحرب من عدمها، لأنّ واشنطن تؤيّدها منذ البداية.

 

ولذلك، يضيف هؤلاء، انّهم لا يتوقعون إقدام نتنياهو على توسيع الحرب في اتجاه لبنان طوال تموز المقبل على الاقل، لأنّه فيما يستعد لزيارة واشنطن بدأ يحتسب كل خطوة سيخطوها عسكرياً أو ديبلوماسياً في شأن غزة كما على الجبهة الجنوبية اللبنانية، وذلك ضماناً لكي لا يتأتى منها أي ضرّر انتخابي على ترامب، وذلك في ضوء اقتراب العدّ العكسي للانتخابات الأميركية المقرّرة في 5 تشرين الثاني المقبل.

 

ولذلك، فإنّ نتنياهو يستجيب للدعوات الأميركية والغربية لعدم توسيع دائرة الحرب في اتجاه لبنان، لئلا تتسبب بنشوب حرب إقليمية، ليس اقتناعاً منه بهذه الدعوات وإنما لأنّه يدرس فائدة توسيع هذه الحرب من عدمها، سواء على مستوى الاهداف التي يريدها منها أو على مستوى ما يمكن ان يفيد ترامب انتخابياً.

 

ويؤكّد هؤلاء أنّ نتنياهو لم يستخلص إلى الآن أي شيء يبني عليه خياراته الحربية أوالديبلوماسية المستقبلية قبل زيارته المرتقبة لواشنطن والنتائج التي سيعود بها. وفي انتظار ذلك فإنّه سيبقي على الوتيرة الحالية السائدة عسكرياً على جبهة لبنان، مع الاستمرار في السعي للسيطرة على رفح وقطاع غزة برمته، حسبما خطط ويخطط، فيما الوقائع الميدانية تدل إلى أنّه لم يحقق «الانتصار» الذي وعد به المجتمع الإسرائيلي وهو سحق حركة «حماس» وأخواتها. وتدل المعطيات الميدانية اليومية أنّ المقاومة الفلسطينية كانت ولا تزال تكبّد الجيش الإسرائيلي الخسائر وتمنعه من الإطباق او السيطرة على أي منطقة «غزّية» تحاول اقتحامها. ولذلك يعتقد كثيرون أنّ إسرائيل، وفي انتظار زيارة نتنياهو لواشنطن وعودته منها، ستستمر بالوتيرة القتالية السائدة الآن بينها وبين المقاومة، بحيث ستحاول إذا استطاعت اغتيال مزيد من القيادات العسكرية للمقاومة ومن المقاومين، فيما المقاومة أعدّت نفسها لكل الاحتمالات وعلى رأسها الحرب المفتوحة، على حدّ قول الأوساط السياسية الحاضنة لها، والتي تؤكّد أنّها تستبعد إقدام إسرائيل على هذه الحرب لأنّها «لن تجد من يلمّها هذه المرّة» ويساعدها على غرار «اللمّة» التي حظيت بها عندما شنّت حربها التدميرية على قطاع غزة غداة عملية «طوفان الأقصى». فغالبية الدول التي دعمتها وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي لم يعد في استطاعتها الآن وبعد 9 اشهر على الحرب تقديم هذا الدعم مجدداً، إلى درجة انّ واشنطن نفسها تحجز الآن شحنات من الذخائر المقرّرة لتل ابيب ومن ضمنها قنابل ثقيلة خاصة بتدمير التحصينات كتلك التي استخدمتها في تدمير أحياء كاملة في غزة بشراً وحجراً. فيما تشير التقديرات إلى أّن هذه الشحنة تريد إسرائيل استخدامها في قصف لبنان في حال قرّرت توسيع الحرب.

 

‏وتكشف الأوساط نفسها، أنّ حركة «حماس» وأخواتها، والتي يقول الإسرائيليون انّهم سحقوا غالبية كتائبها في غزة وأوشكوا على تحقيق «النصر» الذي يريدون، طوعت في الآونة الاخيرة آلاف المقاتلين الجدد في صفوفها، وغالبية هؤلاء من الفلسطينيين المدربين على القتال واستخدام مختلف أنواع الأسلحة، ما يدل إلى أنّها كانت ولا تزال قادرة على الصمود والقتال إلى فترة طويلة في مواجهة القوات الاسرائيلية الغازية للقطاع، ويدل أيضاً الى أنّ ادّعاء إسرائيل السيطرة عليه وانّها فكّكت غالبية كتائب «حماس» لا أساس له من الصحة، بدليل أنّ المقاومة لا تزال تتصدّى لها في كل مناطق القطاع وتقصف المستعمرات في غلاف غزة بالصواريخ فضلاً عن قصف تجمعات الجيش الاسرائيلي ومواقعه بمدافع الهاون.

 

وتشير هذه الأوساط إلى أنّ التهديد الإسرائيلي بالحرب الواسعة كان ولا يزال لا يعدو كونه تهديداً، فصحيح أنّ المقاومة في الجنوب بإسنادها حركة «حماس» وأخواتها ألحقت بإسرائيل خسائر كبيرة ومنعتها من الاستفراد بالقطاع، لكن الصحيح أيضاً أنّ إسرائيل لا تستطيع شن حرب واسعة ضدّ لبنان، لأنّ المقاومة ليست وحدها في الميدان وانما ستلقى الدعم من نظيراتها في العراق وسوريا واليمن ومن إيران التي يُقال إنّها أبلغت إلى اسرائيل عبر الولايات المتحدة الأميركية تحذيراً واضحاً من أنّها لن تتردّد في التدخّل المباشر في الحرب في حال تعرّض لبنان والمقاومة فيه لأي هجوم بري وبحري وجوي، مؤكّدة انّ مشهد ليلة 14 نيسان الماضي التي أمطرت السماء خلالها اسرائيل بصواريخ مجنحة وبالستية ومسيّرات إيرانية يمكن أن يتكرّر في هذه الحال.

theme::common.loader_icon