آخر الدواء الكيّ
آخر الدواء الكيّ
Wednesday, 26-Jun-2024 09:11

تعيش الجمهورية اللبنانية حالة أزمة كبيرة ومستعصية حيث يتداعى ويترّنح النظام السياسي اللبناني الذي نشأ بعد الحرب، أي حرب الأخرين على أرض لبنان. والمشكلة أنّ الشعب والحكام والمجتمعين العربي والدولي لم يتدراكوا مجتمعين حقيقة ما يجري أو ما ينبغي فعله حيال ما هو حاصل.

صدق من قال أنّ علينا التخلّي عن فكرة أنّ العالم منظّم بطريقة عقلانية، والمؤسف أنّ الشعب اللبناني يعيش في وضعية غير منطقية وغير علميّة وغير دستورية ويستمّر في إفساد الحلول المنطقية للأزمة اللبنانية عن طريقة الإقتراع غير الديموقراطية، والتي أوصلت إلى الندوة النيابية بعض النوّاب الذين يفتقرون للحس الديموقراطي السليم ولحُسن التشريع.

الجمهورية اللبنانية في حالتها الراهنة دخلت حالة الفوضى القاتلة، والدليل الإنقسامات العميقة التي يُعانيها الشعب اللبناني ومسؤولوه. وهذا ما يجعلهم غير قادرين على التعامل مع القضايا الوطنية المُلحّة على غرار بعض الإستحقاقات الداهمة ومنها الإستحقاق الرئاسي، والحرب الدائرة في قسم كبير من الجنوب اللبناني وتفاقم توافد السلاح غير الشرعي وإنتشاره بين الناس بطريقة عشوائية.

عن أي حلول يتحدّث البعض (اللجنة الخماسية – الموفد الرئاسي الفرنسي – البطريرك الماروني – الدول الكبرى العربية والغربية الفاعلة) في ضوء وصول الوضع إلى طريق مسدودة نتيجة الإنقسامات الجيوسياسية، خصوصاً بعد توّسيع رقعة التهديدات التي أطلقها أحد المسؤولين العسكريين الميليشيويين في الجمهورية الفاقدة للسيادة، وفي ظل فقدان الآليات الديبلوماسية الراسخة في إدارة العلاقات بين اللبنانيين أنفسهم وبين المجتمعين العربي والدولي وهي الغائبة كليًا اليوم وعديمة الفاعليّة من جرّاء نشوء توسّع غير ديموقراطي وغير قانوني لإحدى الدول الإقليمية والمخالف لأبسط قواعد الديموقراطية والقانون الدولي العام.

حال الجمهورية اللبنانية وتأثيرها على الداخل والخارج يُغني عن السؤال وعلى غير المنطق يُتابع الانحدار مساره على أكثر من خط، وحديث تطوّر العلميات العسكرية في أرض الجنوب ومدى إنعكاسها على الواقع اللبناني العام وهو أمر حتمًا يأتي ردًا على عدم وجود دولة ذات سيادة تامة وناجزة ونظام سياسي مركزي قوي، مما يعني أن ممرات الفوضى تجاوزت المنطق وباتت تهدِّد السلم الوطني والإقليمي والدولي.

الجمهورية اللبنانية باتت ضمن حدود بيئة أمنية ميليشيوية شديدة التقلُّب مما يُنذر على الأكيد بخطورة تتسّم باللجوء الى الخطوات العسكرية الميليشيوية للحصول على بعض المطالب، وخصوصاً في ظل نحر السيادة الوطنية اللبنانية وفي ظل تنامي الفراغ داخل المؤسسات الرسمية المدنية والعسكرية، إضافةً إلى الإنقسامات في الرأي التي غالبًا ما تكون مغلّفة بمطالب شخصية هدفها الوصول إلى ممارسة أو اكتساب جزء من السلطة على حساب المصالح العامة.

سؤال يطرحه مركز الأبحاث PEAC: من المسؤول عن دخول الجمهورية اللبنانية في هذه المرحلة المثيرة والخطيرة؟ من دون كثرة الترجيحات يُجيب الباحثون في المركز إنها الدولة الإقليمية التي تنتهك السيادة الوطنية وبسببها انهارت المؤسسات الرسمية مدنية وعسكرية، ومن الغريب أنّ إجابات الجميع (مراكز أبحاث عربية – دوليّة) لا تختلف كثيرًا عمّا كتبته بقية مراكز الأبحاث. إذ تأتي خلاصة الدراسات: "الجمهورية اللبنانية عالم تكتنفه الفوضى، والسياسة اللبنانية هي الإشكالية الكبيرة في عالم الفوضى المستشرية" .

الجمهورية اللبنانية تشهد مرحلة خطيرة ودقيقة جداً، وهي في وضع بمنتهي الكراهية، والملاحظ أن كل المساعي باءت بالفشل والوضع على حافة الهاوية، وبات يؤشِّر إلى حالات أمنية – إجتماعية خطيرة والحكام في لبنان يُعانون من حالة هذيان قصوى، ولتفادي الأسوأ إن المركز الدولي للابحاث السياسية والإقتصادية International Political and Economic Affairs Center يطرح حلاً للأزمة اللبنانية في أسبابها الموجبة ما يلي:

الوضع ضبابي والجمهورية اللبنانية في أصعب حرج: بلد منهك مفلس بلا رئيس ولا حكومة شرعية، مجلس نيابي مشلول، سيادة مغتصبة ... المطلوب دور عربي – دولي أكبر يرتكز على المادة الثالثة من قانون الدفاع الوطني والمرسوم الإشتراعي الرقم 52 تاريخ 5 تمّوز 1967، والذي يقتضي بقيام سلطة إنتقالية مرحلية تستوفي شروط الصيغة الوطنية وميثاق العيش المشترك مهمتها تنحصر بما يلي:

1- حفظ الأمن على كل الأراضي اللبنانية.

2- تقديم شكوى عاجلة لمجلس الأمن الدولي مضمونها حصري يمنع إيفاد السلاح غير الشرعي إلى الأراضي اللبنانية.

3- حل عربي – دولي – لبناني، لسلاح ميليشيا "حزب الله".

4- إقرار قانون إنتخاب عادل ومتوازن لإعادة تكوين السلطة على الأسُس الديموقراطية.

5- محاكمة المسؤولين عن الفوضى في الجمهورية.

إنّ الجمهورية واقعة بكاملها تحت سلطة الفراغ والفوضى وميليشيا تصادر القرار عزلتها عن العالم ووضعتها في مواجهة الجميع ومنعت كل الإصلاحات والمبادرات، وبالتالي أصبحت الجمهورية سائبة وفاشلة... والمنطق يقول "آخر الدواء الكيّ". وللبحث صلة.

theme::common.loader_icon