ربما يكون الارتفاع القياسي في أسعار الذهب قد تَصَدّر عناوين الصحف هذا العام، لكن أسعار الفضة هي التي تصعد بقوة أكبر وأسرع، حيث يستفيد المعدن الأقل بريقاً من طلب المستثمرين والمصنّعين القوي عليه.
ارتفعت أسعار الفضة بمقدار الربع تقريباً منذ بداية عام 2024 وحتى الآن، متجاوزةً بذلك الارتفاع الذي شهدته أسعار الذهب، مما جعلها أحد أفضل السلع الرئيسية أداءً في العام. ومع ذلك، لا تزال الفضة رخيصة نسبياً، حيث يعادل سعر 80 أونصة من الفضة تقريباً شراء أونصة واحدة من الذهب، ويقارن هذا مع متوسط فرق السعر بين المعدنين خلال 20 عاماً، والبالغ 68.
يتحرك المعدنان جنباً إلى جنب إلى حد كبير، حيث يقدم كلاهما خصائص تحوّط مشابهة على صعيد الاقتصاد الكلي والعملة. وسجلت أسعار الذهب مستوى قياسياً وسط إقبال البنك المركزي والأفراد على شرائه في الصين، وعودة الرهانات على خفض أسعار الفائدة الأميركية، كما تتبع أسعار الفضة الاتجاه ذاته.
رواج الفضة في السوق الفعلية
على الرغم من وجود اهتمام طفيف من المستثمرين بالصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالفضة، إلا أن مبيعات الفضة في السوق الفعلية ارتفعت، بما في ذلك في شركة «سيلفر بَليون» (Silver Bullion) الواقع مقرها في سنغافورة.
قال غريغور غريغرسن، مؤسس الشركة: «حتى العملاء المهتمين بشراء الذهب بدأوا يقولون: حسناً، ربما سنشتري الفضة أولاً، وننتظر حتى تعود النسبة بين سعر الذهب إلى الفضة لمستوى أكثر توازناً». وباعت الشركة في الفترة بين 1 و 25 نيسان نحو 74 أونصة من الفضة مقابل كل أونصة من الذهب، مقارنةً بمتوسط 44 في عام 2023.
صعدت أسعار الفضة الفورية فوق 29 دولاراً للأونصة في تداولات يوم الجمعة، متّجهة لتحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 5% تقريباً. وسيكون التحدي الكبير التالي أمام الفضة هو تخطي سعر 30 دولاراً للأونصة، وهو المستوى الذي تجاوزته لفترة وجيزة في عام 2021. وإذا صعد سعر المعدن إلى 30.1003 دولاراً للأونصة؛ سيرفع ذلك الأسعار إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عقد.
مقارنة بين الذهب والفضة
من حيث التناسب السعري، تقدم المعدن الأبيض بالفعل على الذهب. ففي كانون الثاني الماضي، كانت نسبة سعر الذهب إلى الفضة أكثر من 90 ضعفاً، وهي الأعلى منذ ايلول 2022. ويعتقد بنك «سيتي غروب» أنه إذا خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بالفعل، وظلّ النمو الاقتصادي قوياً في النصف الثاني، فقد تصل النسبة إلى نحو 70، لكنه حذّر من أنه في حالة تباطؤ الاقتصاد قد تتحرك النسبة في الاتجاه المعاكس، وفقاً لمذكرة.
تتمتع الفضة بميزة مزدوجة، حيث تكتسب قيمتها من استخدامها كأصل مالي من ناحية، كما تُعتبر أحد المواد الخام الصناعية من الناحية الأخرى، بما في ذلك دخولها في تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة. ويُعتبر المعدن عنصراً رئيسياً في صناعة الألواح الشمسية، ومع النمو القوي في هذه الصناعة، يُتوقع أن يصل استخدام المعدن إلى رقم قياسي هذا العام، وفقاً لمعهد الفضة.
نتيجة لذلك، تتجه السوق نحو المعاناة من عجز في العرض مقابل الطلب للعام الرابع على التوالي، ويُتوقع أن يكون نقص الإمدادات هذا العام ثاني أكبر عجز مسجّل على الإطلاق.
إستنفاد مخزونات الفضة
هذا الواقع ادى الى بحث المستخدمين الصناعيين - الذين يعتمدون عادة على الشراء من شركات التعدين - عن وجهات جديدة للحصول على إمدادات الفضة، من خلال استنزاف المخزونات الكبيرة حول العالم، وفقاً لغريغرسن من «سيلفر بَليون».
وتراجعت المخزونات التي تتبعها جمعية سوق السبائك في لندن (London Bullion Market Association) إلى ثاني أدنى مستوى لها على الإطلاق في نيسان، في حين أن الأحجام المتاحة في بورصتي نيويورك وشنغهاي تقترب من أدنى مستوياتها الموسمية.
على مدى العامين المقبلين، قد يتم استنفاد المخزونات التي تتبعها جمعية سوق السبائك في لندن نظراً لوتيرة الطلب الحالية، وفقاً لشركة «تي دي سيكوريتيز» (TD Securities). وتبلغ الأرقام الإجمالية في تقدير إمدادات المعدن المتاحة، لأنها تشمل حيازات الصناديق المتداولة في البورصة، حسبما قال دانيال غالي، استراتيجي السلع، في مذكرة صدرت خلال شهر نيسان.
قال غريغرسن: «نتّجه تدريجاً نحو المعاناة من نقص إمدادات الفضة وسط توقعات بارتفاع الطلب الصناعي. وإذا أقبل المستثمرون أيضاً على شراء المعدن؛ فأعتقد أنه في غضون شهرين أو ثلاثة، قد تتحول المشكلة الأساسية من عدم القدرة على بيع الفضة إلى نقص الإمدادات».
(المصدر: بلومبرغ الشرق)