في حوار الساعتين الخاص مع الزميلة سمر أبو خليل على قناة «الجديد» مساء أمس، كان دولة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية السابق إلياس المر واضحاً وصريحاً وشفافاً وبلا قفازات في ما أعلنه من مواقف تناولت مجمل القضايا والتطورات اللبنانية والإقليمية والدولية، فهو الآتي من رئاسة مؤسسة الانتربول الدولية التي خدمها سنين طويلة، مشتاقاً لبلده وعائلته وأصدقائه، ومقرّراً الاستمرار في تعاطي الشأن العام وخدمة الناس عبر «حركة الجمهورية» التي سيطلقها فور انتهاء حرب غزة والجنوب. أما رئاسياً فأعلن دعمه ترشيح الزعيم سليمان فرنجية، مؤكّداً أنّه لن يتخلّى عنه، ومشدّداً ومتوقعاً انتخاب رئيس للجمهورية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية حسب معلومات غربية، ومؤكّداً متانة علاقته بـ»حزب الله»، ومعتبراً أنّ المواجهة التي يخوضها الحزب في الجنوب جنّبت البلد «براكين عدة مثل نهر البارد». وتحدث عن علاقته بالقيادات السياسية المسيحية، فأكّد أن لا مشكلة لديه في العلاقة مع «التيار الوطني الحر»، وانّه لا يثق برئيس حزب «الكتائب اللبنانية»، كما لا يؤيّد التحالف مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لكنه ينصح نجله النائب ميشال المر «بالتحالف مع الشباب «القواتي» وليس مع القيادة»، لافتاً من جهة أخرى إلى أنّه لو كان وزيراً للداخلية لما سمح لأي نازح سوري بالدخول إلى لبنان، لكنه شدّد في هذا الصدد على أنّ فرنجية يستطيع معالجة هذا الملف مع القيادة السورية.
أعلن دولة الرئيس الياس المر، أنّ عودته جاءت بعد أن «اشتقت لبلدي وأهلي وأصدقائي، وحان الوقت لكي اعمل شيئاً لبلدي، وما نفع ان يربح الإنسان العالم ويخسر وطنه؟». وقال عن سبب استقالته: «انتُخبت من قِبل 197 دولة لمدة 7 سنين «كان شرف إلي»
وأوجز المرّ ما حققه خلال تولّيه رئاسة مؤسسة الأنتربول الدولية، في حلقة «حلقة خاصة» على قناة الجديد، فقال: «أطلقنا ونفّذنا 7 مشاريع استفادت منها 197 دولة، واستطعنا توقيف 9000 مجرم غير عادي حول العالم، ومن إنجازاتنا في الانتربول أيضاً ضبط 221000 طن من المخدرات
وعقد 34000 ندوة تدريب للشرطة والأمن والقضاء في العالم».
ولأنّ «لا حياة سياسية في لبنان والبلد «فلتان» ونعيش في شريعة الغاب والناس جاعت»، كشف المرّ عن عودته إلى العمل السياسي المحليّ، فأعلن: «تقدّمتُ إلى وزارة الداخلية بطلب لإنشاء تيار سياسي اسمه «حركة الجمهورية»، لافتاً إلى أنّ «مشروع «حركة الجمهورية» سيطاول كل قرية في المتن وبالتالي كل لبنان. و1000 شاب وصبية يعملون اليوم بإشرافي وإشراف النائب ميشال المر». وقال: «من أهداف إطلاق «حركة الجمهورية» توقف المسيحيين وتحديداً الأرثوذكس عن تقديم جوائز ترضية للأحزاب، وعتبي اليوم كبير على البطريرك الأرثوذكسي».
وعمّا يميّزه عن غيره من السياسيين قال المرّ: «تميّزتُ بأمر ألا وهو أنني لم أطلق شعارات لن أستطيع تطبيقها وتحقيقها، والناس ستختار بين الشعارات والصدقية».
وأسف المرّ لواقع الحال السائد في لبنان، «إذ لا توجد دولة لا تتوافر فيها الكهرباء والمياه»، وكشف «أنّي خلال السنوات الماضية تعلّمت العمل المؤسساتي الدولي. فإذا تمكنت اليوم من تقديم خبرتي لمنطقتي وبلدي فسيكون هذا جيداً، وإذا لم أستطع ستكون لديّ القدرة على الإنسحاب»، محدّداً في هذا الإطار موعد إطلاق «حركة الجمهورية» «فور توقف الحرب في غزة والجنوب».
وعن «ثورة 17 تشرين» رأى المرّ أنّها «كانت ثورة حقيقية في الأسبوع الأول فقط، أما في الأسبوع الثاني فبدأت تأخذ طابعاً سياسياً، وخرجت عن مسارها عندما تدخّلت فيها الأحزاب وحاولت استثمارها»، مشدّداً في الوقت عينه على أنّ «الأحزاب كلها وبلا استثناء شاركت في حرب لبنان ودماره».
وعن مسيرة عائلة المرّ واستمراريتها في تعاطي الشأن العام، قال المر: «كل الأحزاب التي خاضت المعركة ضدّ «أبو الياس» خانته. ولم أقبل أن ينهي حياته السياسية مكسوراً». أمّا عن نجله النائب ميشال المر فقال: «انّه يستمع إلى مشكلات الناس، وهذا ما يفرحني. وفي انتظار أن يصبح هناك رئيس للجمهورية، وحكومة، ودولة، سيطرح برنامجه كما سيطرح مشاريع قوانين ويناقشها، وأنّ احتكاكه اليوميّ بالأرض مكنّه من إعداد سلسلة مشاريع مفيدة ومميزّة».
ورداً على سؤال عن التحالفات السياسية، قال المر: «لا أنصح النائب ميشال المر بالتحالف مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ولا أوافق على هذا التحالف. إلاّ أنني أنصحه بالتحالف مع الشباب «القواتي» وليس مع القيادة حتماً كما أنني لا أثق برئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل. أما «التيار الوطني الحر» فلا مشكلة لديّ معه».
وبالنسبة الى تيار «المردة»، فقال: «النائبان المر وفرنجية صديقان، وانا مسرور لصداقتهما واستقلالية رأييهما».
وعن علاقاته السياسية المتنيّة، قال المر: «نحن كنا في خدمة الناس لـ 90 سنة، ولم أحارب الياس بو صعب في المعركة الانتخابية».
وعن علاقته بالأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، قال المر: «زعيم بيستقبلني وبيودّعني عالمدخل بكل محبة واحترام».
وعن القرار الظني الذي صدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة محاولة إغتياله، قال المرّ: «أصدرت المحكمة الدولية قراراً ظنياً في أنّ أفراداً من «حزب الله» حاولوا اغتيالي، علماً أنني لا أثق بهذه المحكمة، ولا بأي قاضٍ أجنبي في النيابة العامة للمحكمة الدولية، بل أني أثق «عالعمياني» بالقضاة اللّبنانيين».
واكّد بأنّ الوزير الراحل ميشال المر والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد كانا بمثابة أخوين، «فلا أعتقد أنّ إبن حافظ الأسد يقوم بتفجير إبن ميشال المر». وقال: «بعد التفجير زرت سوريا، والرئيس الأسد، وكانت جلسة ممتازة وتخلّلتها مصارحة كاملة».
ورداً على سؤال عن اتهام الضباط الأربعة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قال المر: «النائب اللواء جميل السيد ليس مجرماً، وهو أذكى من أن يسمح لأحد بأن يُدخله في عملية كهذه، ولم يقم يوماً بأيّ عمل مخالف للقانون أو يضرّ بأيّ إنسان، كما أنّ الضباط الأربعة ليسوا مجرمين».
مرشحي فرنجية
على الصعيد الرئاسيّ، أعلن المر أنّ «مرشحي لرئاسة الجمهورية هو الزعيم سليمان فرنجية»، موضّحاً انّ «البلد في حاجة لزعيم، وليس لرئيس فقط، ومفهوم الزعيم هو الشهامة والجرأة والاستمرار في التحالف، وهذه الصفات هي صفات سليمان فرنجية، كما أننا في حاجة إلى رئيس للجمهورية يقول «لا» لحلفائه أولاً ومن ثم لخصومه، لكي يستطيع تحقيق شيء ما، وأن يتمكّن من اتخاذ قرار، وفرنجية يستطيع ذلك».
وعن إمكانية تبنّيه لترشيح المدير العام للأمن العام بالإنابة اللّواء الياس البيسري، شدّد المرّ على أنّ «اللواء البيسري هو الأوفى، مات وعاش معي، وهو بمثابة أخي الصغير ولديه قدرات عسكرية وأمنية كبيرة، ولكن هناك اتفاقاً بيننا على أنّه طالما انّ فرنجية هو المرشح فنحن ندعمه ولن نتخلّى عنه، أنا اعطيته كلمة ولن أتراجع عنها».
وإذ اعتبر المرّ أنّ «الظرف واللحظة يصنعان الرئيس في لبنان والقفل إيراني والمفتاح أميركي أو العكس»، شدّد على أنّ الملف الرئاسي «سيُنجز قبل الانتخابات الأميركية بحسب معلومات غربية».
جبهة الجنوب
وعن قول البعض انّ «حزب الله» أقحم لبنان في حرب غزّة، قال المرّ أنّ «حزب الله» حمى لبنان بفتح الجبهة الجنوبية من إنفجار كبير في المخيمات الفلسطينية وغيرها. ونحن لسنا هواة حرب وكذلك الحزب الذي قدّم الشهداء»، كما اعتبر أنّ الحزب ومن خلال فتح جبهة الجنوب أيضاً، حمى لبنان من انفجار سوري - لبناني داخل المخيمات». ولفت إلى انّ «حزب الله حمى البلد من براكين عدة مثل نهر البارد».
ورداً على سؤال إن كان يؤيّد استمرار جبهة الجنوب في إسناد جبهة غزة، أم يجب أن تتوقف، قال المر: «انّ «حزب الله» ليس هاوي حرب، فلذلك، فإنّ أي حل يأتي بشيء للبنان ويحقّق لنا تحرير أراضينا المحتلة ويعود ويرتّب لنا وضع حدودنا ويفتح لنا باباً لاستخراج الغاز والنفط لكي يستفيد البلد منه أنا معه». واعتبر انّ القرار الدولي 1701 هو «قرار منصف للبنان ويحميه، فالجنوب منذ عام 2006 الى اليوم بقي بهذا الهدوء، فهو بسبب 1701، وهو نُفّذ بمقدار ما إسرائيل التزمت». وأضاف: «نقطة انسحاب «حزب الله» إلى شمال الليطاني صياغتها جميلة أما تنفيذها ومضمونها فمختلفين، ماذا يعني انسحاب «حزب الله» إلى ما بعد الليطاني؟ يعني المفروض أنّ المستوطنين في شمال إسرائيل يجلسون في مستوطناتهم وأهالي الجنوب وشبابه ينسحبون إلى ما بعد الليطاني، غالبية مقاتلي «حزب الله» في الجنوب من جنوب الليطاني، يعني علميًا من ستخلين؟».
وردًا على تعقيب على أنّ الإخلاء مقصود به المظاهر المسلّحة، قال المر: «ليست بمشكلة، أنا لا أراها مشكلة أمام وقف حرب»، وأضاف: «الانسحاب إلى شمال الليطاني بإعلان انسحاب لا يوازي أن تبقى الحرب ولا يوازي المكاسب التي سيأخذها لبنان». وقال: «أقول لحزب الله، المظاهر المسلّحة التي يطالبون بها اليوم بتطبيق القرار 1701 لا توازي المكاسب التي حقّقها الحزب بخوضه المعركة في الجنوب، هذه المكاسب هي أكبر بكثير من هذا الإعلان، انّ «حزب الله» وحركة «أمل» عندهما مصالح كبيرة جدًا في الجنوب ولأهل الجنوب سيحقّقانها بعد هذه المرحلة. وأنا متفائل جدًا للمرحلة المقبلة. فلا يقفا على فقرة ونصف فقرة، لقد ضحّيا بـ 350 شهيداً ليس لكي يقفا على كلمة».
وعن علاقته مع «حزب الله»، أشار المر الى «أنّ النائب محمد رعد صديق، كان صديقاً لأبو الياس واليوم هو صديقي. وهذه العلاقة لا تهتزّ لأنّها مبنية على الصدق والمحبّة، وكذلك العلاقة ممتازة مع معظم نواب الحزب. أمّا علاقتي مع الحاج وفيق صفا فكانت كبيرة، لكنه ابتعد بعد الإنفجار».
وعن انفجار المرفأ، لفت المر إلى أنّ تحليله قاده إلى أنّ «قنبلة من طائرة أدّت الى تفجير مرفأ بيروت، ولم يقدّر حجم المواد الموجودة، لذلك لم يتبنّاها المجرم بفعلته»، معتبراً «أنّ إسرائيل هي من أقدمت على هذا الفعل».
النزوح السوري
وفي ملف النزوح السوري، قال المرّ: «لو كنت وزيراً للداخلية ما كنت لأسمح لأي نازح سوري بالدخول إلى لبنان من الأساس مهما كان الثمن»، ملاحظاً أنّ هذا الملف يمكن أن «يحلّه سليمان فرنجية مع الرئيس بشار الأسد».
وختم: «نحن محكومون بالوحدة، ونحن أبناء بلد واحد، ولا يمكن أن نبني دولة من دون «حزب الله» ولا يمكن له ان يبنيها من دوننا».