لم يحمل يوم أمس أي جديد على مستوى الاستحقاقات الداخلية التي يتصدّرها الاستحقاق الرئاسي ولا على مستوى الاستحقاقات الخارجية التي تتصدرها المحاولات الجارية لتنفيذ قرار مجلس الامن بوقف اطلاق النار في غزة، والذي سيؤدي الى توقف اطلاق النار على الجبهة الجنوبية اللبنانية. وبَدا الجميع ينظرون الى ما بعد عطلة عيدي الفصح والفطر التي ستبدأ مع مناسبة «الجمعة العظيمة» غداً، حيث ستنشط الاتصالات مجدداً في شأن الاستحقاق الرئاسي مع استئناف سفراء المجموعة الخماسية العربية والدولية جولتهم على المسؤولين والقيادات السياسية والكتل النيابية، خصوصا اذا تحقق في هذه الاثناء وقف إطلاق النار في غزة والجنوب.
إنكفأت السياسة مع تراجع الحركة الداخلية في الملف الرئاسي وترحيله الى ما بعد عطلة الاعياد التي أعطَت فرصة لشراء مزيد من الوقت في ظل التخبّط والارباك وغياب أفق الحلول لشدة ارتباطها بالحدث الاقليمي الام...
وقد تقدمت حادثة رميش أمس على ما عداها وحبست الانفاس بعد محاولات البعض توظيفها في الفتنة الداخلية والمواجهة بين المعارضة المسيحية و«حزب الله» على خلفية جبهة الجنوب. وقالت مصادر الحزب لـ»الجمهورية» ان «كل ما قيل عار من الصحة، فهناك قرار اتخذ منذ مدة طويلة بتحييد القرى المسيحية في الجنوب عن اي نشاط عسكري، ومن الطبيعي ان يحصل هذا الامر. أولاً، لأن لا وجود لنا في داخلها. وثانياً، لتجنيب البلدات الحدودية وخصوصا المسيحية منها مخططات الفتنة التي يريدها العدو ولا تخدم سواه في هذه المرحلة، وما استمرار الوجود السكاني لأهلها سوى دليل الى ان لا خطر من تعريضها لغارات ردا على اطلاق الصواريخ منها». واكدت المصادر «ان محاولات المُغرضين لزرع الفتنة واخذ المعركة الى غير مكانها لن يسمح «حزب الله» بهما، والمواجهة هي فقط مع العدو والإشكال انتهى»...
وكان قد وقع إشكال بين مواطن من رميش ومجموعة تابعة لـ«حزب الله»، قيل انها كانت تحضّر لنصب راجمة صواريخ في كرم زيتون قرب ثانوية رميش، فحصل تلاسن بين الطرفين واطلقت المجموعة رصاصتين فوق رأسه. إثر ذلك، دق الشاب جرس الكنيسة، وتجمع شباب البلدة في وقت غادرها عناصر الحزب. وأُفيد انه تم اطلاق ٣ صواريخ من المنطقة، اضافة الى صاروخين من «صنوبر رميش» قرب منتجع «ليالي النجوم»، في حين حاول شباب البلدة مع الجيش رَدع الحزب.
مبادرة «الاعتدال»
وعلى جبهة الاستحقاق الرئاسي واصَل تكتل «الاعتدال الوطني» جولته على مكونات المجلس النيابي لتكملة التواصل وتوضيح مبادرته الحوارية والرئاسية. وفي هذا الإطار، التقى وفد منه امس النائبَين وزير الصناعة جورج بوشكيان والعميد جان طالوزيان. وأكد النائب سجيع عطية بعد الاجتماع أنه «بات هناك إجماع كبير على مضمون المبادرة وصلَ إلى مئة نائب». وقال: «شرحنا موقفنا ولقد قطعنا شوطا كبيرا في التواصل والحوار. هناك بعض الشكليات التي نأمل تذليلها خلال هدنة وقف النار المتوقّع تطبيقها في غزة بعد تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار وقف اطلاق النار. كما نترافق مع عمل اللجنة الخماسية التي نتوقع استئناف نشاطها قريباً، بهدف تحديد موعد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية».
وزار وفد «الاعتدال» ايضا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقال النائب محمد سليمان بعد اللقاء: انّ البحث تناول «الوضع الراهن في المنطقة ولبنان»، واضاف: «كان لقاؤنا مميزا مع دولته، وان شاء الله تتجه الأمور نحو الافضل، ونأمل انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن لانتظام الأمور والمؤسسات».
المهمة الاساسية
الى ذلك، قال ميقاتي خلال إفطار «مؤسسات الرعاية الاجتماعية في لبنان ـ دار الأيتام الإسلامية» ان «ما تتعرض له الحكومة من حملات ومواقف رغم دقة الظرف وحراجة الوضع، لن يدفعنا الى اليأس او الاحباط، ولا الى التسليم بما يمكن ان يؤذي وطننا ويهدد وحدتنا ويعطّل دور مؤسساتنا وفي مقدمها دور الحكومة الوطني والدستوري». واضاف: «لن نَنجرّ يوماً الى المهاترات، وسنظل نعمل فوق الحسابات الضيقة والاعتبارات الشخصية للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها. أما من يعيب على الحكومة أنها ماضية في عملها، فعليه أن يبادر الى القيام بواجباته في إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، لاكتمال عقد المؤسسات الدستورية وتلاقيها في ورشة واحدة للنهوض بالوطن». واكد ان «انتخاب فخامة الرئيس هو المهمة الاساسية للسادة النواب، لا التصويب المجاني على حكومة يعلم الجميع أنها تواجه التحديات الواحدة تلو الاخرى بروح المسؤولية».
ميلوني في بيروت
ويستقبل ميقاتي اليوم رئيسة الحكومة الايطالية ميلوني التي ستصل السابعة مساء اليوم في زيارة رسمية للبنان تدوم يومين. وسيكون ميقاتي في استقبالها في قاعة الزوار الكبار في مطار بيروت الدولي، ثم ينتقلان معا الى السرايا الحكومية حيث سيقام لها استقبال رسمي، ثم تعقد محادثات ثنائية.
وستلتقي ميلوني ايضا رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقالت مصادر معنية بالزيارة ان برنامج ميلوني يلحظ غداً زيارة قيادة قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) في الجنوب، وتفقّد مقر الكتيبة الايطالية العاملة في نطاقها ولقاء ضباطها وجنودها، فهي إحدى ثلاثة قوى اساسية تتكوّن منها «اليونيفيل» وأكبرها عدداً الى جانب الكتيبتين الإسبانية والفرنسية.
«خطة مواجهة»
وعلى صعيد الجديد في المواقف السياسية من التطورات الجارية، لفتَ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، امام نقابة محرري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزيف القصيفي، الى أنّ «الوثيقة التي تحضر في بكركي مهمة ولكنها لن تكون كافية إذا لم تكن مرفقة بخطة عمل أو «خطة مواجهة» لعملية الاقصاء التي تحصل بشكل واضح ومُمنهج ومبرمج من الاشخاص انفسهم الذين يريدون وضعنا امام خيار من اثنين، امّا ان نسلّم بانتخاب الرئيس الذي يريدونه او يبقى البلد بلا رئيس ويحكمون من دوننا». وشدد على أننا «نواجه أخطارا وجودية، ليس فقط بسبب الحرب في الجنوب»، وقال ان «أكبر أزمة وجودية اليوم هي قضية الشراكة والعيش معاً وحتى يبقى الناس في البلاد يجب أن يتم تأمين الاستقرار لهم وتحييد معيشتهم».
وأكد باسيل أن «التفاهم (بين التيار و«حزب الله») كان قائماً على ثوابت وعندما تغيرت اهتَزّ»، مشيرًا الى أن «مشكلات عدة واجهت هذا التفاهم، أوّلها عدم الالتزام ببناء الدولة، ثم تغطية ضرب الشراكة، وأخيرا المشكلة الاساسية التي طرأت هي تخطي حدود الدفاع عن لبنان، والانخراط في نزاع لا نملك القرار فيه». وشدد على أنّ «اللعبة التقليدية القائمة لا يمكن أن تنجح لاجتراح حل شامل، سواء أكنّا في المعارضة أو السلطة، مع إدراكنا أنه لا يمكن ان تتشكّل السلطة من دون المكوّن المسيحي». وشدد على «اننا نحتاج الى اصلاح النظام انطلاقاً من اتفاق الطائف وصولا الى الدولة المدنية». وقال: «لبنان بلد يعيش على التفاهمات ولا أحد يستطيع العيش من دون الآخر في هذا البلد، وإذا إنتفى العيش المشترك يزول لبنان، وميزة هذا البلد هي في تنوّعه»، مؤكدا أن «ما يحصل في السعودية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان هو خير دليل على تطور كبير».
الجبهة الجنوبية
وعلى الجبهة الجنوبية، وضِمن تطور جديد وَسّعت اسرائيل اعتداءاتها على لبنان فشنّت طائراتها غارات جوية استهدفت منطقة وادي فعرا القريب من مدينة الهرمل على بعد نحو 130 كيلومترًا من الحدود مع فلسطين المحتلة. واصابت شاحنة صغيرة في محيط سهل رأس بعلبك، وسمع دوي الانفجارات في محيط الهرمل فيما ارتفعت سحب من الدخان...
وتعد هذه الغارات أول ضربات تستهدف منطقة الهرمل في سهل البقاع وأكثرها عمقًا في الأراضي اللبنانية، منذ بدء المواجهات في جبهة الجنوب قبل نحو ستة أشهر.
وأعلنت «هيئة البث الإسرائيلية» انّ «الجيش شَن غارات على أهداف في بعلبك ردا على استهداف وحدة مراقبة جوية في ميرون».
وقبَيل السادسة مساء، اغارت الطائرات الاسرائيلية مجددا على البقاع واستهدفت سهل بوداي ـ إيعات في محلة «تلة وردين» قرب مدينة بعلبك.
واعلن محافظ بعلبك ـ الهرمل بشير خضر انّ المعلومات الأولية لا تشير الى وقوع إصابات في الغارة الأخيرة التي طاوَلت سهل إيعات. وطلب من المواطنين توخّي الحيطة والحذر وعدم الإقتراب من المواقع المستهدفة، وعدم اعاقة عمل فرق الإسعاف. لكن بعض المعلومات غير المؤكدة اشارت الى سقوط شهيدين وجريح.
ورداً على قصف الهرمل، استهدفت »المقاومة الإسلامية» عصر أمس «ثكنة يردن» في الجولان السوري المحتل، مقر القيادة الرئيسي في زمن الحرب، بأكثر من 50 صاروخ كاتيوشا.
وفي الجنوب واصلت اسرائيل اعتدءاتها بعد ظهر امس، فأغار طيرانها الحربي على منازل في بلدات حانين وبئر المصلبيات حولا وبيت ياحون المجاورة... واستهدف القصف المدفعي كفرشوبا ـ محلة العين... وأحراج بلدة القصير وأطراف بلدة القنطرة قرب وادي الحجير.
وكانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد كثّفت ليل امس الاول وفجر امس اعتداءاتها على قرى الجنوب، فشَن طيرانها الحربي غارات متتالية مُستهدفاً بعض المنازل على بلدات عيتا الشعب والناقورة وطير حرفا والجبين، ما ادى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى بين المواطنين، نقلوا الى مستشفى الشهيد صلاح غندور في بنت جبيل. وترافقت هذه الغارات مع قصف مدفعي من عيار ١٧٥ ملم على اطراف وادي حامول وخراج الناقورة وتلة العويضة وطير حرفا والجبين والضهيرة.
وأعلنت غرفة عمليات الدفاع المدني في «جمعية كشافة الرسالة الإسلامية»، في بيان، أنّ الاعتداء الاسرائيلي الذي طاوَلَ أطراف بلدة طيرحرفا تَسبّب بأضرار جسيمة في مقر الدفاع المدني لكشافة الرسالة الاسلامية في البلدة، بالاضافة الى اضرار في سيارات الاسعاف وآليات الاطفاء. وانّ جميع المسعفين المتطوعين بخير وإصاباتهم طفيفة (3 مسعفين).
كذلك تعرضت اطراف بلدة مارون الراس لقصف مدفعي طاوَلَ منطقة فطنون الواقعة بين بلدتي يارون ورميش، واضطرت المدارس في رميش للإقفال بسبب القصف الذي طال اطراف البلدة واطراف رشاف لجهة الطيري، فيما استهدفت دبابة ميركافا المنازل في طيرحرفا بقذائف عدة تزامَنت مع قصف مدفعي على حديقة مارون الراس ومحيط مسجد البلدة واطراف طير حرفا.
واطلقت قوات الاحتلال الاسرائيلي رشقات نارية في اتجاه المزارعين في الماري - قضاء حاصبيا لإرهابهم ومَنعهم مِن تفقّد محاصيلهم، ما ألحق أضرارا كبيرة في قفران النحل وخزانات المياه الموجودة في محلة مرج الطبل ومزرعة المجيدية. وسجّل ظهراً تحليق مكثف للطيران الاسرائيلي على مستوى متوسط في أجواء كسروان والمتن. فيما تجددت الغارات الجوية بعد الاولى والنصف بعد الظهرعلى مارون الراس وعيتا الشعب وكفركلا.
وكانت «المقاومة الإسلامية» قد استهدفت فجر امس «مبنىً يستخدمه جنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة «شوميرا» بالأسلحة المناسبة». وفي الوقت نفسه، استهدفت مبنىً آخر «يستخدمه جنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة «شلومي» بالأسلحة الصاروخية». واستهدفت ايضا مبنيين في مستعمرة «أفيفيم» يستخدمهما الجنود الاسرائيليون.
واعلنت وسائل إعلام إسرائيلية اشتعال النيران في مصنع داخل مستوطنة «أفيفيم» بعد إصابته بصاروخ أُطلق من لبنان. ونشرت «فيديو» يظهر النار تلتهم المصنع.
فيما قصف المقاومون تجمّعاً للجنود الإسرائيليين في محيط ثكنة برانيت.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: «انّ مقاتلاتنا قصفت مباني عسكرية لـ»حزب الله» في عيتا الشعب وكفركلا ومارون الراس».
ولاحقاً، اعلنت المقاومة انه «رداً على اعتداء العدو الصهيوني على بلدة الصويري (بالبقاع الغربي) واستكمالاً للرد على الاعتداء على مدينة بعلبك، استهدفَ مجاهدو المقاومة الإسلامية قاعدة ميرون الجوية بالصواريخ الموجهة وحققوا فيها إصابات مباشرة».
وفعلاً، أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن «تعرّض قاعدة ميرون الجوية لهجوم صاروخي». فيما اكدت وسائل إعلام إسرائيلية «انّ صاروخاً أو طائرة مسيّرة أصابت قاعدة ميرون الجوية».
كذلك اعلنت »المقاومة الإسلامية» انّ مقاتليها هاجموا قوة مشاة إسرائيلية في محيط مستعمرة «شتولا» وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح. كذلك هاجموا قوة مشاة إسرائيلية في حرش حانيتا.
ولاحقاً، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي «أطلق النار في اتجاه عدد من الإسرائيليين قرب «كفار يوفال» ظنًا منه أنهم أشخاص تَسللوا من الجانب اللبناني».
وقالت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية «انّ سكان الشمال يرفعون الصرخة، ساعتنا الرملية نفذت، منذ أكثر من خمسة أشهر ونحن مهجّرون من منازلنا، ومن بيئتنا، ومن كل حاجة أساسية يحتاجها الإنسان».
ونعت «المقاومة الإسلامية» احد مقاتليها حسين علي دبوق من بلدة شبريحا، فيما نعت «سرايا القدس» ـ الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، أحمد محمد محمود، «الذي ارتقى على حدود فلسطين المحتلة في جنوب لبنان ضمن معركة طوفان الأقصى أثناء أدائه واجبه القتالي».