بعدما تصدّر لبنان قائمة الدول العربية، والترتيب الثالث عالمياً، في مؤشر البؤس العالمي، ها هو يحتلّ المركز ما قبل الأخير في مؤشر السعادة العالمي، وذلك بعد استطلاع الآراء في 143 دولة.
ويستند تقرير السعادة العالمي السنوي، الذي تم إطلاقه في عام 2012 لدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، إلى بيانات من شركة أبحاث السوق الأميركية «غالوب»، التي حَللها فريق عالمي بقيادة جامعة أكسفورد.
ويطلب من أشخاص في 143 دولة وإقليم تقييم حياتهم على مقياس من صفر إلى 10، إذ يمثل الرقم 10 أفضل حياة ممكنة لهم، ويجري حساب متوسط النتائج من السنوات الثلاث الماضية لتحديد الترتيب. ولقد أدّى تزايد الشعور بالتعاسة بين الشباب إلى تراجع تصنيف الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى في غرب أوروبا على المؤشر، بينما احتفظت دول منطقة الشمال بالمراكز الأولى.
ظلت فنلندا في المركز الأول بمتوسط نقاط 7.7 تَليها مباشرة الدانمارك وأيسلندا والسويد، في حين احتل لبنان وأفغانستان المركزين الأخيرين بحصولهما على 2.7 نقطة و1.7 نقطة على الترتيب.
بشكل عام، ترتبط التصنيفات بشكل فضفاض بازدهار البلدان، لكن يبدو أن عوامل أخرى، مثل متوسط العمر المتوقع والروابط الاجتماعية والحرية الشخصية والفساد، تؤثر على تقييمات الأفراد أيضاً.
أظهر التقرير أن الولايات المتحدة خرجت من قائمة الدول العشرين الأوائل للمرة الأولى، إذ تراجعت إلى المركز 23 بعدما كانت في المركز 15 العام الماضي، وذلك بسبب الانخفاض الكبير في الشعور بالرفاهية لدى الأميركيين الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عاما.
في حين أن التصنيف العالمي لسعادة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فما فوق من شأنه أن يضع الولايات المتحدة في المرتبة العاشرة، فإن تقييمات الحياة لمن هم دون الثلاثينيات وحدها تضع الولايات المتحدة في المرتبة 62.
تتعارض هذه النتائج مع الكثير من الأبحاث السابقة حول الرفاهية، التي وجدت أن السعادة تبلغ أعلى مستوياتها في مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة قبل أن تنخفض إلى أدنى مستوياتها في منتصف العمر ثم ترتفع عند التقاعد.
وفي السياق، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة أكسفورد أحد مُعدّي التقرير يان إيمانويل دي نيف: «من المرجّح أن تقلّل مجموعة من العوامل من سعادة الشباب، مثل زيادة الاستقطاب حول القضايا الاجتماعية والجوانب السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي وعدم المساواة الاقتصادية التي جعلت من الصعب على الشباب شراء منازلهم الخاصة مقارنةً بالماضي. ورغم أن هذه الظاهرة أكثر وضوحا في الولايات المتحدة، فإن الفجوة العمرية في الرفاهية كبيرة أيضا في كندا واليابان، وبدرجة متناقصة في فرنسا وألمانيا وبريطانيا التي تراجعت جميعها في تصنيفات هذا العام.
وعلى النقيض من ذلك، فإن العديد من البلدان التي شهدت أكبر تحسن في الرفاهية هي دول شيوعية سابقة في وسط وشرق أوروبا.
وهناك، خلافاً للبلدان الأكثر ثراء، يعيش الشباب نوعية حياة أفضل كثيرا من حياة كبار السن، وغالبا ما تكون على قدم المساواة أو أفضل مما هي عليه في غرب أوروبا.
وقال دي نيف: «سلوفينيا والتشيك وليتوانيا تنتقل إلى المراكز العشرين الأولى، وهذا مدفوع بالكامل بشبابها».