يكتسب خطاب الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله اليوم أهمية استثنائية ترتبط بالظرف التاريخي الذي تمر فيه المنطقة، على وقع عدوان اسرائيلي غير مسبوق يتعرّض له قطاع غزة، وتصيب هزّاته الارتدادية كل الإقليم، بدءاً من لبنان.
منذ أن تم الإعلان رسمياً عن موعد اطلالة السيد نصرالله، كثرت التقديرات والتكهنات حول ما يمكن أن يدلي به في هذا التوقيت، الى درجة ان وسائل التواصل الاجتماعي والصالونات السياسية فاضت بمسودات افتراضية للخطاب، في حين انّ السيد وحده يعرف ما الذي سيتضمنه، الى جانب أعضاء مجلس الشورى المطلعين على خطوطه الاساسية.
وليس الداخل اللبناني فقط يترقّب الخطاب، بل أيضا، وربما أولاً، الكيان الاسرائيلي حيث يسود حبس أنفاس في انتظار إطلاق «صلية» الرسائل العابرة للحدود من الضاحية الجنوبية. ولعل ما يعكس وطأة الانتظار الاسرائيلي الثقيل لكلام امين عام الحزب، ما أورَده حاييم ليفنسون في صحيفة هآرتس حيث توقع ان يتجاوز عدد المشاهدين للخطاب عدد مشاهدي الكلاسيكو الاسباني والكلاسيكو الانجليزي مجتمعين، مشيراً الى انّ «اسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط، ولا ابالغ ان قلتُ العالم، على مفترق طرق شائك وبالغ التعقيد، والآتي مفتوح على جميع الحسابات، وقد يكون في خطاب نصر الله المفتاح لفك شيفرة خريطة ما هو آت».
واللافت ان وزير الخارجية الاميركي أنتوني بلينكن سيكون موجودا في تل أبيب بالترافق مع ظهور السيّد، الأمر الذي يعني ان خطابه سيخضع تلقائيا الى ترجمة اسرائيلية - اميركية فورية، خصوصاً ان رسائله ستشمل واشنطن حُكماً، انطلاقاً من كونها شريكة في الحرب وليست فقط راعية لها.
وهناك في محور المقاومة من يلفت الى ان الطرف الآخر هو مَن بادر الى توسيع الصراع عندما انخرطت فيه الولايات المتحدة علناً، بثقلها العسكري والسياسي، منذ اليوم الأول لاندلاع المواجهة سواء عبر إرسال السلاح وحاملات الطائرات والخبراء والوزراء لدعم تل ابيب، او عبر زيارة الرئيس جو بايدن نفسه الى الكيان وإنشاء غرفة عمليات مشتركة. وبالتالي، صار من الطبيعي والضروري أمام هذه المشاركة الأميركية في إدارة الحرب، ان يعزّز محور المقاومة التنسيق والتعاون بين أطرافه لنصرة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، لا سيما انّ الدور سيأتي على الباقين اذا سمحوا للاحتلال بأن يَستفرِد بغزة، وفق تقديرات قوى المحور.
ولأن التهديد الراهن يحمل طبيعة استراتيجية، فإنّ خطاب السيد نصرالله لن يعكس موقف الحزب وحسب، بل سيكون معبراً كذلك عن المحور بمجمله، لا سيما ان خطوط السيد مفتوحة مع جميع الحلفاء، والمداولات بينه وبينهم لا تتوقف.
وإضافة الى تواصله المستمر مع قيادتي «حماس» و«الجهاد» وقائد فيلق القدس اسماعيل قآني وانصار الله في اليمن، افادت معلومات انّ السيد نصرالله زار قبل أقل من أسبوعين دمشق والتقى الرئيس السوري بشار الأسد ضمن إطار تفعيل التنسيق بين اطراف المحور ودرس الخيارات الممكنة للتعامل مع الحرب الإسرائيلية، استعداداً لكل الاحتمالات في المرحلة المقبلة.
ووفق المعلومات، فإنّ قوات من الحشد الشعبي العراقي انتقلت الى سوريا اخيراً في سياق التحسب لإمكان فتح جبهة الجولان ضد كيان الاحتلال، فيما كان لافتاً خلال الأيام الأخيرة انضمام اليمن إلى المواجهة عبر إطلاق أنصار الله صواريخ ومسيرات نحو الاراضي المحتلة، سبقتها عمليات ضد المواقع الأميركية في سوريا والعراق، ما يؤشّر إلى ان قوى المحور آخذة في تصعيد وتيرة الرسائل التحذيرية التي ستصل الى حدها الأقصى مع خطاب السيّد.