الملف الرئاسي رَحّله الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى شهر ايلول، مُخيّراً التناقضات السياسية بأن يختاروا واحدا من امرين؛ اما الانخراط في ما سمّاه حوار الفرصة الاخيرة لكسر جدار التعطيل، وامّا أن يدخل لبنان مدار التخلّي الدولي عنه، وتركه متخبّطاً في أزمة لا نهاية لها، ومفتوحة على سيناريوهات كارثية.
تحديد موعد «حوار لودريان» في أيلول المقبل، ضَمّ شهر آب الجاري تلقائيّاً الى أشهر التعطيل، وحَوّله إلى فترة تحضيريّة لهذا الحوار، الذي تتجاذبه من جهة الرغبة الخارجية، وتحديداً لدول «الخماسية»، في ان يكون حوارا مجديا ومنتجا لمخرج توافقي لأزمة الرئاسة في لبنان يُفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية، ومن جهة ثانية التشكيك في تَمكّن هذا الحوار من تحقيق النتائج المرجوة منه، وكسر إرادات التعطيل القابضة على رئاسة الجمهورية.
وأكّدت مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ»الجمهورية» انّ موعد انعقاد الحوار بات شبه محسوم في بدايات شهر أيلول، وذلك ربطاً بالتجاوب الذي لقيه الموفد الفرنسي من مختلف الاطراف اللبنانيين». وكشفت انّ «هذا الحوار سيقوده لودريان نفسه، مع أرجحية انعقاده في مقرّ السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر».
ولفتت المصادر الديبلوماسية الى «ان مختلف الاطراف في لبنان عبّرت عن استجابة للمشاركة، وهو ما يجعلها ملزمة في أن تتشارك في بلورة حلّ رئاسي، والسيد لودريان من موقعه سيشكّل عامل دفع اساسي في هذا الاتجاه».
وعندما تسأل المصادر عن العقوبات على معطّلي الحل الرئاسي، قالت المصادر: نامل الا تصل الامور الى هذا الحد، ولكن ينبغي النظر الى هذه الإجراءات على انها جدية جدا، على من يعطّل الحل في لبنان، الذي سيسمّى بالإسم، وسلّة العقوبات ستكون شاملة ومؤلمة. وبالتالي، وربطاً بفرصة الحوار هذه، فإنّ كل المكونات السياسية في لبنان هي تحت المجهر الدولي، وعلى اساس مقارباتها سيتقدّر ردّ الفعل عليها».
في هذا الوقت، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» ان الملف الرئاسي في لبنان سيكون حاضرا بين دول الخماسية عبر اجتماع محتمل لممثليها على هامش اجتماعات الدورة 78 للجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك اواخر ايلول الجاري، بما يشكل خطوة دفع اضافية نحو حوار لبناني مُنتج رئاسياً، فيما برزت في المقابل تحذيرات مباشرة لسفير دولة كبرى في لبنان مما سمّاها «صعوبات التأخر الاضافي في انتخاب رئيس في لبنان».
وبحسب معلومات موثوقة لـ»الجمهورية» فإن لقاء حصل منتصف الاسبوع الماضي بين شخصيات لبنانية من قطاعات مختلفة، والسفير المذكور، حيث قدم الاخير مقاربة سوداوية تجاه الوضع في لبنان، ولفت قوله ما حرفيته: لست متفائلاً ابداً بحل لبناني لا في المدى المنظور ولا في المدى المتوسط». وعندما سئل: ماذا عن المدى الطويل؟ قال: لست اعلم، ربما تنشأ ظروف تجعلني أتفاءل. امّا الآن فلا استطيع ان أُبدي تفاؤلاً.
وقال ايضاً ما حرفيته: «نحن ننظر بحزن شديد الى واقع لبنان، فالوجع الذي يصيب اللبنانيين جميعهم وصلَ الى مراحل غير انسانية، ونقول للقادة السياسيين انه بات من الضروري ان يتوقف هذا العذاب».
اضاف، بما يشبه النصيحة الى السياسيين اللبنانيين: لم يعد ثمة مجال للاستهتار وتضييع الوقت والفرص، المجتمع الدولي يصرف آخر جهوده تجاه لبنان، وهو ما اكدت عليه مهمة الموفد الرئاسي الفرنسي. ومن هنا على اللبنانيين ان ينتبهوا الى ان ظروفا خارجيّة متفجرة تشد اهتمامات المجتمع الدولي اليها، كمثل ما يحصل في اليمن، وكذلك في السودان، وقبلهما الحرب الاوكرانية التي تدخل في منعطفات اخطر مما كانت عليه، واخيرا في النيجر، كلها محطات تُخرِج لبنان تلقائياً من دائرة الاهتمامات بحيث لا يعود له اي وجود، وحتى لا تصلون الى هذا الوضع، ليس امامكم سوى ان تتقاسموا مسؤولية الحل والتعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تباشر بالاصلاحات والاجراءات الانقاذية، وتجذب المساعدات الخارجية التي أُلزِم المجتمع الدولي بتقديمها».