مؤشر «التجار - فرنسَبنك»: ضغوط غير مسبوقة على الأسَر
مؤشر «التجار - فرنسَبنك»: ضغوط غير مسبوقة على الأسَر
Tuesday, 13-Jun-2023 08:22

أظهر «مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة» للفصل الأول من سنة 2023 (Q1 - 2023) أنّ «الضغوط النقدية تزداد على المواطنين والقدرة الشرائية للأُسَر اللبنانية تتعرّض لضغوط غير مسبوقة».

أورد المؤشر ما يأتي: «إنّ أرقام الأعمال الإسمية (Nominal) المجمّعة لقطاعات تجارة التجزئة ما بين الفصل الأول من 2022 والفصل الأول من 2023، تشير الى أنّ هناك ارتفاعاً في هذه الأرقام بنسبة توازي 28.30% (للتذكير: إنّ هذا الإرتفاع يمثل نسبة الإرتفاع في أرقام الأعمال الإسمية بالليرة اللبنانية قبل التثقيل). إنما بعد عملية تثقيل تلك الأرقام بنسبة مؤشر غلاء المعيشة للفترة المعنية (+ 263.84 %)، يتبيّن أنّها قد سجّلت بالفعل إنخفاضاً كبيراً لامس كالعادة الـ 100%، وذلك في كافة قطاعات الأسواق التجارية، بما فيها قطاع الوقود، حيث تمّ أيضاً تسجيل انخفاض في حجم الكميات التى تمّ بيعها (- 5.02 %) بالمقارنة مع الفصل الأول لسنة 2022.

 

تلك الأرقام تعكس طبعاً الأحوال الإقتصادية المتردّية في البلاد، والإنكماش الشديد بالرغم من الإعلان عن نمو بلغ 2.50% خلال العام 2022، إلّا أنّ الإنهيار ما زال مستمراً على أرض الواقع وفي معظم القطاعات، نتيجة للتردّي المستمر في القدرة الشرائية لدى الأسر اللبنانية التى تشهد، حتى بعد زيادات الرواتب والأجور، مزيداً من التراجع. بالإضافة إلى تحليق لسعر الدولار حيث بلغ 143.000 ل.ل. في أواخر شهر آذار، قبل أن يتدخّل البنك المركزي ويدفع الليرة إلى التراجع مجدّداً الى مستوى حوالى الـ 110.000 ل.ل.

 

وبالتزامن مع التدهور الذي حصل في قيمة الليرة اللبنانية، كان لمفاعيل قرارات الحكومة ووزارة المالية والبنك المركزي - من حيث الضرائب والرسوم المتصاعدة والمتراكمة جرّاء رفع الدولار الرسمي والجمركي، والغموض حول السعر المعتمد لاحتساب الضريبة على القيمة المضافة، بالإضافة الى العوامل الإقليمية والدولية، التأثير الكبير في تسارع إرتفاع معدّل التضخم العام.

 

وجاءت نسبة الزيادة في مؤشر التضخم ما بين الفصل الأول لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023 لتسجـّـل مستوى 263.84%، وهي زيادة غير مسبوقة، كما وكان ملفتاً الإرتفاع الذى سجّله غلاء المعيشة ما بين الفصل الأخير لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023، والذى بلغ 81.40%، وهو أيضاً أمر مقلق جداً في ما يتعلق بالمسار المقبل.

 

أما لجهة المواد الغذائية، التي تحظى بالأولوية في السلّة الإستهلاكية للأسر اللبنانية، فقد أشارت تقارير دولية بأنّ نسبة تضخّم أسعار الغذاء في لبنان باتت الأعلى عالمياً، حيث بلغت مستوى 139.00% في نهاية شهر آذار الماضي.

 

أما معدّلات نسب التضخم في كل قطاع على حدة، فهي كما يلي:

 

ما بين الفصل الأول لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023 زادت الاسعار على النحو التالي:

 

- الإتصالات 620.80%،

- المشروبات الروحية والتبغ 450.97%

- المطاعم والفنادق 385.54%

- قطاع الصحة 373.90%

- الألبسة والأحذية358.91%

- الأثاث والتجهيزات المنزلية 358.45%

- المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية 352.34%

- النقل 300.75%

- الإستجمام والتسلية والثقافة 210.60%

- التعليم 193.02%

 

وتُعتبر هذه النسب مرتفعة جداً في القطاعات كافة التي تُعتبر في معظمها حيوية، لاسيما الإتصالات والصحة والمواد الغذائية والمشروبات والملابس، ناهيك عن قطاع النقل.

 

أما بين الفصل الرابع لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023، فقد زادت الاسعار وفق المعدلات التالية:

 

- المشروبات الروحية والتبغ 140.78%

- المطاعم والفنادق 133.26%

- الأثاث والتجهيزات المنزلية 126.50%

- المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية 115.00%

- النقل 107.00%

- الصحة 90.62%

- الألبسة والأحذية 89.67%

- الاتصالات 77.19%

- الإستجمام والتسلية والثقافة 45.41%

- التعليم 1.42%

 

وكما في نسب الإرتفاع على مدى 12 شهراً، يتبين أنّ نسب الإرتفاع الفصلية قد طالت القطاعات الأساسية ذاتها، إنما بنسبة أشدّ في قطاعات المواد الغذائية والمشروبات والمطاعم. تعود تلك النسب المرتفعة في التضخم لعدّة عوامل أساسية، منها زيادة الكتلة النقدية المستمرّة، لاسيما بعد رفع سقوف الأجور والمساعدات الإجتماعية، ومنها أيضاً الدولرة المتسارعة في الأسواق (والتى تمّ تقديرها بـ 9.9 مليارات دولار في أواخر عام 2022 من قـبل البنك الدولي، أي ما يقارب الـ50% من الناتج القائم)، وتحوّل الإقتصاد اللبناني أكثر فأكثرإلى اقتصاد نقدي، مع كل تداعياته لناحية النظرة الدولية لهذه الحالة. كل ذلك يضع الجميع أمام سيناريو إنهيار لا حدود واضحة له، بخاصة في غياب تبلور أي خطة، أقلّه لوقف التدهور الحاصل، إذا ما كان رسم خطة تعافٍ متعذراً.

 

عليه، ومهما تمكن التجار من تحقيق مبيعات وأرقام أعمال، يجدون - بعد التثقيل بنسب التضخم الخاصة بقطاعاتهم وبعد احتساب الفروقات بأسعار الدولار الأميركي، أنّ تلك الأرقام لا تزال تتراجع بشكل مستمر.

 

عليه، جاءت النتائج المجمّعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجّل خلال الفصل الأول لسنة 2023 المزيد من التراجع في أرقام الأعمال الحقيقية المجمّعة.

 

وقد بلغ التراجع الحقيقي (أي بعد التثقيل بنسبة التضخم) للنشاط المجمّع نسبة - 80.92% ما بين الفصل الأخير لسنة 2022 والفصل الأول لسنة 2023، بعد استثناء قطاع الوقود والمحروقات (بالمقارنة مع نسبة - 21.28 % في الفصل السابق).

 

... في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أنّ المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنّيه، هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأنّ تضخم الأسعار خلال الفصل الأول من سنة 2023، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 81.40%، نعلن عن أنّ «مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة» هو: 0.83 للفصل الأول من سنة 2023 مقابل 1.07 في الفصل السابق له.

 

إذاً، لم يكن مفاجئاً أنّ «مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة» للفصل الأول من سنة 2023 بات تحت عتبة الـ1، بانخفاض يلامس الـ 99 %، بالمقارنة عمّا كان عليه في الفصل الرابع من سنة 2011».

theme::common.loader_icon