الإستحقاق الرئاسي والنصاب السعودي
الإستحقاق الرئاسي والنصاب السعودي
الوزير السابق جوزف الهاشم
Friday, 05-May-2023 08:07

جبلٌ من الأحداث العاصفة يتراكم في لبنان...

والسياسةُ في لبنان «جبـلٌ من الأكاذيب»، هي تلك التي يصفها الأديب الإنكليزي «جورج أورويل».

الحدث الآني في لبنان: إنتخاب رئيس للجمهورية...

الحديث النيابي في لبنان: يوجّـه مباشرة إلى رئيس البرلمان.

لا... هذه ليست رسالةً منّـي إلى رئيس مجلس النواب... ولو شئتُـها رسالةً لضمَّنتها ما تناولَـهُ الفيلسوف الفرنسي «ديدرو» في «رسالة العميان إلى المبصرين» قبيل الثورة الفرنسية يـوم كانت البصائر لا تدرك والأبصارُ لا تـرى.

إنها بعض المشاهد التصويرية المقتضبة عن اللوحة التشكيلية لأعضاء المجلس النيابي بوصفه هيئة إنتخابية.

المشهد الأول: يتبادل ممثّـلو الأمّـة الأدوار الوطنية في رواية تمثيلية أشبه بالدراما الهزلية حيناً والمأساوية حيناً آخـر، تندمج حركاتها في وحدة من الإخراج الفنّي المشبوه وليس هناك من بطل.

المشهد الثاني: تبدو التكتلات النيابية موزعـة على شكل ثنائيات أو جماعات ثنائية تتقارب حيناً على اتصال وتتفارق حيناً على انفصال... وقـلْ: منذ أن شكّل الثنائي البشري الأول آدم وحواء، ثنائية قائمة على الشهوة فقـد تمكنت الحيّـة من فصلهما إلى أحدَينِ متلبِّسـينِ بالخطيئة.

المشهد الثالث: إنقسم المجلس النيابي إلى معسكرين يتوازنان في التصلّب، وفـي لغة الحرب، عندما يتساوى الطرفان في العدّة والعتاد وقوى الرعب، يرهب كـلٌّ منهما مغامرة المعركة، فيظـلّ الميدان في حالـة استنفار والفراغ في حالة انتظار.

الفريق السيادي جداً حسم الأمر، فهو يحاول التمثُّل «بالإغريق» واحتلال طروادة بحصان من خشب، فلا آلهةُ المعبد المقدس، ولا العرب والعجم وسائر الأمـم تروِّضُ فيه تأمين النصاب لرئيس ممانـع، حتى إنّ حصان الخشب أصبح شارداً عن «مربط» الخيل التاريخي.

وفريق المعارضة على تشعّبها، يعلن أنـه يحتفظ بإسم مرشحٍ أو بأسماء قيد الدرس وطـيّ الكتمان، تظهر عندما يحين الأوان كما المفاجأة: وفي دوائر النفوس السياسية، لو أنّ هناك أسماء برّاقـة لما استطاع أحـدٌ إخفاءها.

ويبقى مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، فلا «الكلام الفرنسي الإيجابي المباشر» يُجدي معه نفْعـاً، ولا الإرتدادات الإيجابية للتفاهم الإيراني السعودي، ولا إيجابية التصويت البرلماني الطاغية، ما دام هو الذي أعلن «أنه لو تأمّن لـه الفوز بأكثرية ثلثي المجلس النيابي فلن يخوض المعركة الرئاسية في معزل عن تأييد المملكة السعودية لأنه من دون ذلك لا يستطيع أن يحكم...».

ويهذا يكون الصوت السعودي هو الذي يتفوَّق على الستّـة والثمانين صوتاً نيابياً، وهو بالتالي شرطُ نجاحِ المرشح الرئاسي، وشرطُ نجاحِ الرئيس المنتخب، وشرطٌ من شروط خطاب القسم.

في هذا الجـوّ المرتبك، لم يبـق أمام رئيس المجلس النيابي إلا أن يدعو إلى جلسة إنتخابية مفتوحة، وليكن من يكون، على قاعدة شيطان معروف خيرٌ من قديسين مجهول.

و«إنّا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون»(1) .

theme::common.loader_icon