رغم الغاء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي جلسة الحكومة التي كان مزمع عقدها يوم الاثنين الماضي والتي كان على جدول أعمالها بند وحيد يتعلق باقرار الزيادات المتفق عليها على رواتب واجور العاملين والمتقاعدين في القطاع العام، لا تزال جلسة لجنة المؤشر ليوم غد الخميس قائمة للبحث في زيادات جديدة على الرواتب والاجور للقطاع الخاص.
في هذه الاثناء، دخل لبنان في حلقة التضخم المفرط بحيث انه قبل ان يجف حبر اي زيادة على رواتب القطاع العام يسجل سعر الصرف في السوق السوداء ارتفعا يُفقد الزيادة قيمتها، لأن تمويل هذه الزيادة لم يأت من ايرادات الخزينة وليس مغطى بالعملة الاجنبية انما يؤمن من باب طبع الليرات الذي يزيد من حجم الكتلة النقدية ما يضاعف الضغط على سعر الصرف ويدفعه صعودا.
هذه الدوامة نفسها تتكرر في كل مرة تقر فيها زيادة الرواتب والاجور وبالتالي قد يكون ارجاء جلسة مجلس الوزراء الاخيرة التي كانت مخصصة لاقرار زيادة رواتب القطاع العام يهدف الى تأخير ارتفاع الدولار سيما وان المصرف المركزي لا يزال يتدخل في السوق للاسبوع الثاني على التوالي شاريا لليرة ما ادى الى تراجع سعر الصرف واستقراره على 107 الاف ليرة.
فهل من مخرج لهذه الحلقة المفرغة التي يدور فيها ملف الاجور؟ وهل ان ربط رواتب القطاع العام بالدولار هو حل مطروح؟ وما تداعيات السير به؟
صالح
في السياق، يقول مدير المحاسبة السابق في وزارة المال أمين صالح لـ"الجمهورية" ان الدولرة هي من احد اسباب المشاكل التي نعاني منها في لبنان، فنحن بلد يقوم على الاستيراد وليس التصدير وبالتالي ان الفارق في الميزان التجاري يمول بالدولار عبر تحويلات من المغتربين او من السياحة او غيرها، إذن نحن اساسا نعاني من مشكلة الدولار لان اقتصادنا غير منتج كي يؤدي الى التوازن في ميزان المدفوعات وبالتالي اي دولرة جديدة للاقتصاد سيعني زيادة العجز في ميزان المدفوعات.
تابع صالح: اقتصادنا مدولر بنسبة 78% وما كانت النتيجة التي حصدناها؟ توقفنا عن الدفع، افلسنا ونعاني من أزمة نقدية بحيث انخفضت العملة النقدية مقابل الدولار، فإذا دولرنا الرواتب اليوم او وضعناها على اساس سعر الصرف من اين سنأتي بالدولار؟
واعتبر ان الهم الاساسي اليوم هو ايجاد سبيلاً للمحافظة على القدرة الشرائية للمداخيل وذلك لا يكون سوى عبر مكافحة التضخم. فعلى سبيل المثال كيف كافحت اميركا هذا التضخم مؤخرا هل عبر زيادة الرواتب؟ ابدا انما عبر رفع الفائدة لأن التضخم هو ضريبة مستترة بحيث ان اي زيادة في السيولة النقدية ستؤدي الى زيادة في الطلب التضخمي، والى مزيد من التدهور والتآكل في القدرة الشرائية لكل المداخيل وليس فقط الرواتب والاجور.
واعتبر صالح ان طرح دولرة الرواتب هو الهاء وتسخيف للأزمة والحل يكون بمكافحة التضخم ومعالجة اسباب الانهيار الاساسية.
وراى ان الحل يبدأ بالبحث عن اين تبخرت اموال المودعين واين الاموال المسروقة والمنهوبة؟ اين ايرادات الدولة؟ وما الاسباب التي ادت الى تفاقم الدين؟ في الواقع ان أكثر من 93% من الدين العام هو فوائد عن طريق الكسب غير المشروع ذهب بغالبيته لكبار المتمولين والمصارف وعلى المودعين الكبار.
ورأى صالح ان معالجة التضخم يتم من خلال خفض سعر الدولار من خلال اعادة توزيع الخسائر كل الناس وليس حصرها بالمودعين الصغار الذين يدفعون اليوم ما بين 30 و40 ضعف الاسعار التي كانت سائدة في السابق اي 4100% ما يعني انه بخفض سعر صرف العملة الوطنية جرى تخفيض الدين العام بالليرة اللبنانية الى ما يساوي نحو الملياردولار بعدما كان 63 مليار دولار هذا الفارق أخذوه عبر خفض العملة ورفع الاسعار وبالتالي أخذ من جيوب المواطنين، فالشعب وحده تحمل الخسائر، في الوقت التي كان يجب تحميل الخسارة لكل من تسبب بها ومن كسبوا ثروات غير مشروعة، وثروات المسؤولين.
ورأى صالح ان المطلوب اليوم البدء بإعادة هيكلة المصارف، واعادة هيكلة للودائع وخفض سعر العملة الوطنية لتتناسب مع قدرة الافراد الشرائية، وعندها وبعد ان يتكشف سعر الصرف الحقيقي واعيد ترتيب سلاسل الرتب والرواتب والاجور في القطاع العام.
وعن تداعيات اي زيادة جديدة على الرواتب للقطاع العام، قال: مجرد البحث بالزيادة سيرتفع الدولار الى 200 الفافي السوق السوداء، عدا عن ان فور الانتهاء من مفعول صيرفة وتدخل المركزي في السوق فإن الدولار الاسود سيتضاعف.