إلى متى سيستمر هذا الظلم والقهر لا بل الطغيان السلطوي القاتل للبنان واللبنانيين؟
بئس هذا الزمن العابق باللّامسؤولية والغارق باللّاخجل، لا بل باللّاضمير، الذي تنوء تحته حفنة من مجرمين أو عاجزين، لا يتعبون ولا يملّون من الاقتتال على كراسٍ مخلخلة، ومناصبٍ مهلهلة، ولا يشبعون من مصّ دم الشعب ولا يتوبون عن مالٍ حرام.
المجرمون، في المنطق، يجب أن يرحلوا تماماً مثل العاجزين. فلبنان ليس صكاً مسجّلاً بأسمائهم، ولا الشعب، حتى لو زعّمهم، عبيداً لهم...
أما الساكتون عن الحق فهم شياطين خرس برص، وشركاء المجرمين والعاجزين، إذا لم ينحازوا إلى الحق والعدل، وينتفضوا فوراً لإنقاذ ما تبقّى من هذا الوطن، النازف دستوراً ودولة وقضاء واقتصاداً ومالاً وعلماً.
السلطة التي لا تمارس واجباتها ولا تترك الساحة لغيرها، تتحوّل إلى مغتصب لحقوق الناس ومصيرهم، والناس التي تخنع وتخضع يصيبها ما أصاب «دجاجة ستالين»، فيُنتَف ريشها وهي حيّة، فتزعق ألماً، ولكنها سرعان ما تلتصق بناتف ريشها عندما يرمي لها حفنة من الحبوب.
لم نكن نحلم يوماً أن يُدمّر لبنان، وخصوصاً اللبناني، بهذا الشكل البشع، وهو الذي سطّر نجاحات في كل دولة اغترب اليها، وفي كل عمل قام به، إلّا في وطنه.
السعودية وإيران توصلتا إلى اتفاق تاريخي، وحفنة من أشباه القوى والأحزاب المستقوية بالخارج والمبعثرة بالداخل تعجز عن انتخاب رئيس لأطلال جمهورية. يرفعون شعارات كبيرة، والحقيقة أنّ كلاً منهم يريد رئيساً أقرب إلى أشباه الرجال، لكي يؤمّن مصالحه من خلال هذا الرئيس.
هذا يرفع لواء السيادة، ويطرب له عشاقها، من دون أن يسأل أحد: سيادة على مَن ولمن؟ سياديون ولا نملك انتخاب رئيس لا ترضى عنه هذه الدولة أو تلك؟ سياديون وشعبنا نُهبت أمواله وجنى أعماره ولم تفعلوا له شيئاً؟ سياديون على دستور يُخرق كل يوم، ونظام ديموقراطي أصبح أقرب إلى نظام مافيا من نظام دولة؟ سياديون على مرضى لا يملكون غير الإستجداء للحصول على دواء؟ على أطفال ينامون بلا وجبة عشاء؟
وذلك يرفع لواء المقاومة. والله ما فعل العدو بنا ما فعله بعض السياسيين والمصرفيين والمحتكرين والجشعين ببلدنا وشعبنا. ماذا تنفعني المقاومة وشعبي يُذلّ على أبواب المصارف والمستشفيات، وحكومتي تسعى للنيل مني بشطب 83 مليار دولار من التزاماتها وديونها، والفقر عنوان المرحلة، والبطالة حدِّث ولا حرج، والهجرة نزيف لا يتوقف؟
أين هي حقوق المتقاعدين والقضاة والضباط والأساتذة الذين انهارت رواتبهم وتعويضاتهم وضاقت بهم سبل العيش؟
ألا يكفي كل ما حصل حتى الآن لكي يصحو ضمير، فيعمل أو يرحل، لا أن يجثو على صدور المتألمين ويتغنّى بالتعطيل؟
قريباً، سيتبدّل المشهد، سيتوقف التعطيل، ليس لصحوة، وإنما لأنّ كلمة السر ستأتي بإسم الرئيس، وسيركض اللاعبون الصغار لتنفيذ توجيهات الكبار، ولكن المصيبة أنّ الوجوه هي هي لن تتغير، ومن شبّ على تعطيل وتدمير وتضليل، شابَ عليه.