عشية بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعاني حزب "الكتائب" التاريخي، الذي أوصل رئيسين من قيادته إلى رئاسة الجمهورية، من أزمة حادة في قيادته، حوّلته من لاعب أساسي ورقم صعب في المعادلة اللبنانية إلى متفرج على الاستحقاقات المصيرية، والسبب أصبح واضحاً وجلياً، ويُختصر بكلمة واحدة، فشل رئيس الحزب سامي الجميل.
"سامي ما سقط"، كان إعلاناً تلفزيونياً مؤثراً، لكن سامي إبن رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل وإبن شقيق رئيس الجمهورية الشهيد بشير الجميل "سقط وكتّر".
على صعيد الحزب، يكاد سامي الجميل يقضي على تاريخه من خلال غدره بكل الحزبيين المناضلين أصحاب الفكر والموقف، ممن عايشوا كثيراً التحدّيات والاستحقاقات، وقدّموا الكثير من التضحيات، حيث أقصاهم بدل محاورتهم والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم، ما قلّص حجم الحزب وانتشاره، وأعطى منافسيه فرصاً للاقتناص من أخطاء سامي وإرباكاته وتكبير حضورهم وأحجامهم مثلما نجحت "القوات اللبنانية" في قضم قواعده في مناطق عدة.
حتى عندما قرّر سامي استقالة وزراء "الكتائب" من الحكومة لم يعره نائب رئيس الحزب ووزير العمل في حينه الزميل سجعان قزي أي اهتمام، ولم يلتزم تفرّده في قراره، لأنّه لم يقتنع بصوابيته ولم يرض بأسلوب تبليغه، كما خرج النائب السابق وإبن رئيس حزب "الكتائب" السابق جورج سعادة السيد سامر سعادة عن قرار سامي الجميل الغدر به وبرفاقه، وإقصاء الحزب عن الانتخابات في البترون تحت عنوان تبنّي ترشّح المحامي مجد حرب، فلا وصل مجد ولا حصل سامي على أي مجد، بل خسر الحزب كوكبة من مناضليه في المنطقة.
أما على صعيد التحالفات، فحدث ولا حرج. سامي يرفع يافطة معاداة "حزب الله" ويتغطّى بها وفي الوقت ذاته يعادي من يعتبر انّهم في خط سيادي واحد. فعلاقته مع "القوات" سيئة وإن فُتحت قنوات اتصال بين "الكتائب" و"القوات" أخيراً، لكن رئيس "القوات" الدكتور سمير جعجع لا جلد له لمحاورة سامي الجميل، فأهانه وأحاله على النائب جورج عدوان عشية الانتخابات الرئاسية علّه يحتاج إلى "صوتين تلاته". وعلاقة سامي مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل سيئة، وحتى لا نسترسل في التعداد، نسأل مع من ينسجم ويتفق سامي الجميل الذي لم يترك له صديقاً لا في السياسة ولا في غيرها.
ويكشف العارفون، انّ اسباب إخفاقات سامي الجميل التي تؤدي الى تقزيم دور "الكتائب" يوماً بعد يوم، انّه لا يجيد الحساب في السياسة ولا يريد أن يتعلّم لا من أخطائه و"ولدناته"، ولا من معلّم كبير كوالده الرئيس أمين الجميل، وبالتالي يستمر في "حركة بلا بركة"، وفي الطريق الخطأ وبإسلوب خطأ، ولا يعيد النظر في الحسابات.
والأسوأ أنّ سامي الجميل الذي راهن على المجتمع المدني وعلى التغييريين واستمات في ركوب موجتهم، فشل أيضاً في اقناعهم واستمالتهم. حتى من كان يرى في سامي حتى الأمس القريب أخاً وصديقاً طبيعياً، تخلّى عنه بسبب عناده وعنجهيته وولدناته وغدره بأصدقائه والاسترسال في اطلاق العنان للسانه والثرثرة عليهم بدل الاتعاظ وتصحيح اعوجاج مساره.
حزب "الكتائب" الذي كان يصنع الرؤساء والسياسات على مدى عقود، يدفع اليوم فاتورة سقوط سامي الجميل في الحسابات والخيارات العشوائية، ولن تنفع تصريحات سامي الطنانة ولا شعاراته الرنانة ولا صراخه المزعج ولا بالتأكيد ثرثرة تفضح شخصيته ونفسيته.