مش مناسبة النسبيّة
مش مناسبة النسبيّة
فادي عبود
Saturday, 21-May-2022 06:07

إنتهت العملية الانتخابية والغائب الأكبر هو قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة، الذي كنا نتمنى ان يكون أساس الحملات الانتخابية، بعد كل ما تعرّض له المواطن من نهب وإخفاء معلومات وسرقة جنى العمر.

وأصبح من الواجب إجراء مراجعة شاملة وجدّية للقانون الانتخابي، حيث بات واضحاً انّ هناك كثيراً من الثغرات والأخطاء التي ظهرت في العملية الانتخابية، يُضاف إلى ذلك انخفاض نسبة التصويت.

 

ونكرّر، انّ النسبية تُعتمد في المجتمعات التي يتمّ فيها اختيار ايديولوجيات مختلفة، فيختار الناخب بين هذه الأفكار، بحيث يكون كل فكر مكتملاً في حدّ ذاته، وحينما يختار الناخب ايديولوجية معينة يقبلها كاملة بكل أفكارها. اليوم تغيّر الواقع، فلم يعد أحد يقبل ايديولوجية متكاملة كما هي، فيختار فكرة من هنا وطرحاً من هناك، وباتت اقتناعات الناخب معقّدة ومتصلة بعوامل عدة، وبالتالي النسبية لم تعد تؤدي النتيجة المطلوبة.

 

بالإضافة الى ذلك، فقد سلب هذا القانون الناخب أهمّ حرّية يملكها، ألا وهي حرية الاقتراع للمرشحين الذين يريد. فالقانون يفرض عليه أن يضع اللائحة كما هي معَدّة، من دون أن يحقّ له أن يُدخِل عليها أيّ تعديل، سواء لاختيار المرشحين الذين يعتقد أنّهم الافضل، أو لاستبعاد من لا يريد الاقتراع لهم. أي انّه مجبَرٌ على أن يقترع لمن لا يريد، ليتمكّنَ من انتخاب المرشح الذي يريد، وبذلك لن يتمكّن من ممارسة حقه في المحاسبة، عبر شطب أي إسم يعتبر انّه فشل في تمثيله ولم يحقق له الإنجازات المطلوبة.

 

كما أنتج القانون تحالفات انتخابية ظرفية مستغربة، نتج منها تشكيل لوائح «هجينة» لا يجمع بين أعضائها أيُّ رابط سوى المصلحة الانتخابية وربما أيضاً المال السياسي، وغابت عنها البرامج الموحّدة للائحة، حيث أصبح النزاع داخل اللائحة الواحدة لاصطياد الصوت التفضيلي.

 

واعتماد صوت تفضيلي واحد أعاد شدّ العصبيات الطائفية بمقدار كبير، وحتى انّه بات يُنظر إلى الأصوات التفضيلية كمعيار قوة لطائفة معينة، وتناسوا البُعد الوطني للعملية الانتخابية.

 

لم يتمكن بعض المرشحين المستقلين من الاستمرار في المعركة الانتخابية، ممن رفضوا ان يكونوا في لوائح لا تعبّر عن تطلعاتهم ومبادئهم، وهذا أبعد عدداً من الشخصيات المستقلة عن المشاركة في العملية الانتخابية.

 

وهناك ثغرات اخرى لن يسع المجال لذكرها في هذا المقال.

 

نتوجّه للنواب الجدد بالتهنئة، وبالدعوة إلى العمل الجاد المنتج. فقد انتهت شعارات العملية الانتخابية، واصبحنا أمام واقع الامر. تحدّيات كبيرة في انتظاركم، بلد منهوب واقتصاد مدمّر وشعب محروم من أبسط الخدمات، وحيث انّ كل حزب يسعى لزيادة كتلته النيابية عبر التحالفات، نتمنى ان نرى كتلة للأوادم تتوحّد في سبيل الانجازات والحلول، كتلة اوادم تتبنّى قانون الشفافية المطلقة، وتعمل لإقراره ليتحوّل سلاحاً رئيسياً في مسيرة الإصلاح.

theme::common.loader_icon