حالة من الهلع عاشها المواطن خلال نهاية الاسبوع تمثّلت بالتهافت على محطات المحروقات خوفاً من انقطاع المادة، وذلك إبّان تصريح لممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا يؤكد فيه انّ المخزون في لبنان لا يكفي لأكثر من اربعة أو خمسة ايام، فكانت النتيجة عودة مشهد الطوابير امام المحطات.
تكرّر خلال نهاية الاسبوع مشهد طوابير الذل امام محطات المحروقات بحيث اصطفت عشرات السيارات لتعبئة البنزين تحسباً لنقص محتمل في هذه المادة وارتفاع كبير مرتقب في جدول تركيب اسعار المحروقات لهذا الاسبوع خصوصا بعد وصول سعر برميل النفط عالميا الى 118 دولارا.
الا ان هذا التهافت قوبِل ببعض التطمينات بأن لا أزمة بنزين، خصوصاً ان هناك مجموعة بواخر محمّلة بالمشتقات النفطية سوف تصل تباعا الى لبنان وستقوم بإفراغ حمولتها فور الانتهاء من فتح الاعتمادات اللازمة لها من قبل مصرف لبنان، وانه الى حينه هناك مخزون كاف لدى الشركات. لكن هل يمكن للمواطن تصديق ذلك والاطمئنان، خصوصا ان مشاهد الاذلال على محطات البنزين التي عانى منها الصيف الماضي الى جانب تأخّر مصرف لبنان بفتح الاعتمادات لا تزال ماثلة امامه؟ لذا يبقى التحوّط والتخزين برأي المواطن افضل السبل للمواجهة.
عدا عن انه لا يمكن التكهن بأمد الحرب وما اذا كانت الشركات المستوردة للنفط ستتمكن من ايجاد اسواق بديلة بسرعة لتلبية حاجة المواطنين في المرحلة المقبلة، وهل سيكون في مقدور المواطن تحمّل عبء هذه الارتفاعات التي لا شك ستزيد معها اسعار كل السلع الاستهلاكية وستُدخلنا مجددا بدوامة ارتفاع كلفة اعباء التنقل وزيادة بدل تعرفة النقل وتسعيرة المولدات... ناهيك عن توقف اصحاب المحطات عن القبول بالبطاقات المصرفية بما سيصعّب على المواطن تأمين مبالغ نقدية أكبر لشراء البنزين.
في هذا السياق، اكد رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس لـ»الجمهورية» ان لا مبرر لحالة الهلع عند المواطنين فالبنزين متوفر ومؤمن حاليا وستُضاف اليه حمولة بعض البواخر التي هي في طريقها الى لبنان، عازياً هذا التهافت على المحطات الى الخوف من ارتفاع الاسعار محليا بعد ارتفاعها عالميا. واكد ان سعر صفيحة البنزين سيرتفع قليلا هذا الاسبوع الا انه لن يتضاعف كما يتم الترويج له. في المقابل اشار شماس الى ان الشح هو في مادة المازوت بسبب ارتفاع الطلب عليه لتأمينه للمولدات.
وقال: انّ سوق المحروقات يمرّ الآن بوضع استثنائي جدّا وغير مسبوق، نتيجة للحرب الدّائرة بين روسيا وأوكرانيا. وعليه، فإنّ كل البضاعة التي تدخل لبنان ستكون محخصصة لتأمين حاجة الاستهلاك الفورية، نظرا لانعدام إمكانية التخزين لأن الأسعار والأسواق العالمية لا يسمحان بذلك راهنا.
وردا على سؤال، اوضح شماس أن هناك كميات كبيرة من النفط تصل إلى لبنان من روسيا ومن البحر الأسود لكن وبسبب الحرب الدائرة هناك، نتخوّف من أن تشهد السوق شحاً في البضاعة خلال الشهر الحالي الا اننا نحاول إيجاد أسواق بديلة مثل تركيا وغيرها. وأكّد أن الشركات المستوردة للنفط عقدت ولا تزال اجتماعات أزمة متتالية مع وزارة الطاقة لتدارك الأوضاع، ولتأمين استمرارية السوق وعمليات الاستيراد إلى لبنان عبر أسواق بديلة.
الاسعار
ولدى سؤاله اذا كانت الشركات تقنّن في توزيع المحروقات وهذا ما ادّى الى حالة الهلع هذه؟ قال: لم نقنّن التوزيع انما الناس تملأ سياراتها بالوقود خشية ارتفاع الاسعار. اضاف: لا يمكن توقّع إلى أي مستوى يمكن أن تصل أسعار المحروقات عالميا، وإذا ما كانت ستنخفض أو ستتابع ارتفاعها، اما محليا فالزيادة التي يتخوف منها المواطنون لن تكون بحجم الارقام التي يتم الترويج لها اي بحدود الـ100 الف واكثر، رافضا وضع اي تقدير للزيادة المرتقبة.
وذكر انه سبق للشركات المستوردة للنفط ان تقدمت باقتراح لوزارة الطاقة والمياه في ما يخصّ تغيّر أسعار المبيع في لبنان في حالات استثنائية كالتي نمرّ بها اليوم، ويتمثّل بأنه طالما لا يتخطى تغيّر السعر العالمي للمحروقات سقف الـ20 دولاراً للطن الواحد، فلا تصدر الوزارة أي جدول جديد للأسعار. أما إذا تخطى الارتفاع هذه العتبة بحسب سعر السوق العالمي، فعندها يتم إصدار جدول جديد وتجميد آلية الاسعار السابقة. أما الآن وبحسب شماس، فإن الوضع استثنائي جدا، والبرهان على ذلك أنه خلال ستة أسابيع فقط، وبمجرّد الحديث عن الحرب وقبل اندلاعها، ارتفع سعر طن البنزين 155 دولارا وسعر طن المازوت 136 دولارا، وذلك بين 4 كانون الثاني و21 شباط 2022. ولكن بعد بدء الحرب فعلياً بين روسيا وأوكرانيا وفي أقلّ من سبعة أيام بين ٢٢ شباط و٤ آذار ٢٠٢٢، ارتفعت الأسعار بشكل جنوني بلغ ٢٠٠ دولار اضافي على الزيادة الأولى لطن البنزين و٣٤٦ دولارا إضافيا لطن المازوت الواحد.
وردا على اتهام الشركات المستوردة بالاستفادة من ارتفاع الاسعار عالميا لزيادة أرباحها، شرح شماس أنه لا مصلحة للشركات في ارتفاع الاسعار وذلك لسببين رئيسيين. أولاً، لأن ارتفاع الاسعار يترافق حكما مع انخفاض الاستهلاك والمبيع. ثانيا، لأن وزارة الطاقة والمياه تحدد سقفا لهامش الارباح غير الصافية للشركات، وهذا السقف لا يتغير حتى لو تخطّت الاسعار عتبة الـ ٩٠٠ دولار للطن الواحد، وهو اليوم ١١٠٦ دولارات للبنزين و١١٦٠ دولارا للمازوت.
ولدى سؤاله اذا كان هناك تحرّك ما لعودة العمل بالبطاقات المصرفية على محطات المحروقات خصوصا انه مع ارتفاع اسعار المحروقات سيضطر المواطن الى تأمين سيولة اكبر لشراء البنزين؟ قال: لقد أرسلنا كتاباً في هذا الخصوص الى وزارة الاقتصاد ولم يصلنا منها اي جواب بعد.