ثلاثة عوامل باتت تشكّل لاعباً مؤثراً في سعر برميل النفط عالمياً: إرتفاع التوتر بين روسيا واوكرانيا والتهويل بالحرب، مصير المحادثات حول النووي بين اميركا وايران واستعادة الاقتصاد العالمي لنشاطه بعد تراجع حدة وباء كورونا.
أدّت هذه العوامل مجتمعة الى ارتفاع سعر برميل النفط مطلع الاسبوع الى أعلى مستوياته في 7 سنوات ليسجل 96 دولارا قبل ان يتراجع الى 93 دولارا أمس. وفيما كان يتوقع ان يكون لهذه القفزة في اسعار النفط انعكاسها السلبي على اسعار المحروقات في لبنان أتت الزيادات خلال الفترة الاخيرة خجولة مع العلم انّ جدول التسعير بات يصدر بشكل شبه يومي. وبعدما سجل سعر صفيحة البنزين زيادة امس الاول 2400 ليرة عادَ وتراجع امس 4800 ليرة كذلك تراجع سعرا المازوت والغاز 400 و 300 ليرة على التوالي. فما سيكون تأثير ارتفاع سعر برميل النفط عالميا على جدول الاسعار محليا؟ وهل من توقعات للأسعار في الحقبة المقبلة؟
في السياق، يقول عضو اصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لـ"الجمهورية": لو انّ جدول تركيب اسعار المحروقات في لبنان يرتبط فقط بسعر برميل النفط عالمياً، لكان من السهل التوقّع بانعكاسها على اسعار المحروقات محليا، إنما العامل الاساسي الذي دخل في جدول تركيب الاسعار هو تقلبات سعر صرف الدولار في لبنان. على سبيل المثال، تراجع سعر الدولار على منصة صيرفة من الاثنين حتى اليوم نحو 600 ليرة، وفي مقابل هذا الانخفاض ارتفع سعر كيلو ليتر البنزين من 705 دولارات الى 719 دولارا اي نحو 14 دولارا، الا ان هذه الزيادة ترجمت بارتفاع سعر صفيحة البنزين 2800 ليرة فقط، ورغم ان هذه الزيادة لا تزال على حالها سجل سعر صفيحة البنزين امس تراجعا بقيمة 4800 ليرة، لأن سعر دولار صيرفة تراجع الى 20200 ليرة، بما يعني ان منصة صيرفة تقي حتى الآن اللبنانيين من الارتفاعات الكبيرة في اسعار المحروقات.
وردا على سؤال، أكد البراكس "لو كان سعر صرف الدولار الموازي ثابتاً في لبنان لكان من السهل تقدير الارتفاعات المرتقبة في اسعار المحروقات، لكن هذا لا يعني ان الاسعار لن ترتفع بحيث من المتوقع ان يتخطى سعر صفيحة البنزين الـ 400 الف ليرة في الاسابيع المقبلة".
وتابع: "فلنفترض ان سعر دولار منصة صيرفة لن يقل عن 20 الفا خصوصا ان ارقام الموازنة والدولار الجمركي قدرت على هذا السعر، فإذا بقي حول هذا المعدل، او اذا زاد سعر الدولار فحكماً نحن متجهون الى ارتفاع في اسعار المحروقات محلياً. وعَزا ذلك الى عدة اسباب منها: الأزمة بين روسيا واوكرانيا، تراجع المخزون الاستراتيجي العالمي، عودة الانفتاح في الاقتصاد العالمي بعد تراجع حدة كورونا، عودة حركة الطيران والسيارات في العالم ما رفعَ الطلب على النفط، اضف الى ذلك ان منظمة اوبك ترفض زيادة الانتاج عن 400 الف برميل يوميا لخفض الاسعار رغم الضغوطات الاميركية عليها التي، ولخفض الاسعار، تضخ من مخزونها الاستراتيجي في السوق لتزيد العرض. وبما ان الطلب أكثر من العرض نلاحظ ان اسعار النفط ترتفع.
الى ذلك، قال البراكس: ان ارتفاع سعر برميل النفط سيواصل اتجاهه صعودا في المرحلة المقبلة فهو يقترب من سعر الـ100 دولار للبرميل، وهذا سيؤدي حكماً الى ارتفاع في اسعار المحروقات.
اضاف: لو ان سعر دولار السوق 32 الف ليرة، كما كان عليه منذ نحو 4 اسابيع، اي في 13 كانون الثاني 2022 ، وسعر دولار المنصة 22600 الفا لكان سعر صفيحة البنزين اليوم 446 الفا. واشار الى انه منذ 13 كانون الثاني حتى اليوم زاد سعر كيلوليتر البنزين 119 دولارا، لكن بدلاً من ان يرتفع سعر الصفيحة في لبنان تراجع بسبب تراجع سعر الدولار. وعليه، من المتوقّع خلال الأسابيع الاربعة المقبلة في حال بقي سعر دولار صيرفة على 20 الفا وكسور، وسعر برميل النفط مرتفعا، ان نشهد زيادات في اسعار المحروقات قد يتخطى معها سعر صفيحة البنزين الـ 400 الف ليرة.