القرار المفارقة من الرئيس سعد الحريري بالعزوف عن الترشح للانتخابات الى جانب تيار المستقبل، مع ما ترافق من إشاعة أجواء عن مقاطعة سنّية للانتخابات المقررة في أيار المقبل، حوّل الأنظار الى دار الفتوى للدور الريادي الذي يضطلع به سماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان. وفي هذا السياق جاءت زيارته السراي الحكومي ولقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واصطحابه لأداء صلاة الجمعة، والإعلان من هناك بحضور الرئيس فؤاد السنيورة أن لا أسباب موجبة لمقاطعة الطائفة السنّية للانتخابات.
في ظل هذه التطورات، أتت زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون المتأخرة لدار الفتوى، للتأكيد على ما أعلنه ميقاتي أن لا مقاطعة سنّية للانتخابات، فكيف قرأت الساحة السنّية هذه الزيارة؟
مصادر سياسة مقرّبة من دار الفتوى رأت في اتصال مع "الأنباء" الإلكترونية ان زيارة عون الى دار الفتوى "تأخرت أكثر من خمس سنوات، وما بينهما من مساحات الجفاء الذي تُرجم في المواقف المعلنة وغير المعلنة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي انحاز بالكامل الى جانب "حزب الله"، وهو من سنوات لم يترك للصلح مكان في خلافه مع الرئيس الحريري".
وقالت المصادر: "اذا كان الهدف من زيارة عون إقناع السنّة بالمشاركة في الانتخابات فإن السنّة في لبنان يشكّلون أكبر مكوّن وطني، وهم لم يتخلوا عن دورهم كمكوّن أساس في لبنان، ولم يُسجَّل عليهم مقاطعة الانتخابات في تاريخهم منذ اغتيال رياض الصلح ورفيق الحريري، وحتى بعد عزوف الرئيس سعد الحريري، أما اذا كانت الزيارة لتعويم باسيل فهذا لن يحصل على الإطلاق".
عضو كتلة المستقبل النائب وليد البعريني أعرب في اتصال مع "الانباء" الالكترونية عن استهجانه لزيارة عون الى دار الفتوى، وكيف تذكر ان هناك مرجعية سنّية اسمها المفتي دريان، مؤكداً ان "أبواب دار الفتوى مشرّعة للقاصي والداني، فهل يعقل الا يزورها رئيس الجمهورية الا بعد اعتزال الحريري العمل السياسي؟"، مذكّرا بأن "الحريري عندما أعلن اعتذاره عن تشكيل الحكومة وتكليف حسان دياب لم يطلب من جمهوره وأنصاره النزول الى الشارع وقطع الطرقات، ولم يطالب بحقوق السنّة، فهذه ليست من شيمه ولا اخلاقه، لأنه رجل دولة ورجال الدولة لا يقطعون الطرقات ويفتعلون المشاكل ويعطلون الدولة خدمة لتهوائهم ومصالحهم"، مشيرا الى ان "الزيارة يمكن وصفها في خانة تسجيل المواقف ولن تغير شيئا من المعادلة القائمة".