شح الأدوية والأزمة الاقتصادية في لبنان يخنقان مرضى السرطان
شح الأدوية والأزمة الاقتصادية في لبنان يخنقان مرضى السرطان
Monday, 06-Dec-2021 08:28

يعيش مرضى السرطان في لبنان معاناتهم، مع اشتداد الأزمة الاقتصادية، التي ضاعفت من آلامهم الجسدية والنفسية، إذ بدأت أنواع عديدة من الأدوية، من بينها تلك المخصصة لمكافحة السرطان، تنفد من الصيدليات والمستشفيات.

ويمكن اختصار معاناة مرضى السرطان في لبنان، بأوجاع كوليت زغيب (53 عاما)، التي تحدثت عن وضعها بحرقة ويأس، لموقع «سكاي نيوز عربية»، فقالت: «أصارع المرض منذ سنوات، لكنني اليوم أنتظر النهاية بلا أمل».

 

وأضافت: «زوجي مريض مما اضطره إلى ترك عمله. وأصبتُ أنا بسرطان الثدي ثم سرطان الرئة أخيراً، بعد أن تدهورت حالتي النفسية بسبب صعوبة تأمين العلاج، والظروف الصعبة التي حكموا علينا أن نعيشها في لبنان».

 

وأضافت زغيب، وهي واحدة من آلاف المصابين: «هاجس الموت لا يفارقني. أصارع المرض كما يفعل أصدقائي مرضى السرطان في لبنان، وهم كثر. أصبح علاجنا متعذرا. حكموا علينا بالموت البطيء لأننا لا نملك المال لشراء الأدوية على نفقتنا».

 

وأردفت بحزن: «المسؤولية تقع على كتف ابني الوحيد، الذي يعيلني من دخله الشهري، الذي لا يكفي لشراء وقود سيارته، كما أن وزارة الصحة توقفت عن مساعدتي في العلاج».

 

وعن كلفة علاجها، قالت: «حوالى 7 ملايين ليرة شهريا، لا قدرة لي على تأمينها، فيما الفحوصات المخبرية وحدها والتي نضطر لإجرائها لا تكفي راتب ابني، ولا تغطيها وزارة الصحة. لم يعد بإمكاننا الدخول الى المستشفى الحكومي لأن الأقسام المخصصة لنا خُصصت لقسم علاج كورونا».

 

ووسط كل هذه الأوجاع التي تعانيها زغيب وغيرها من اللبنانيين المصابين بالسرطان، توقعت منظمة الصحة العالمية أن ترتفع حالات الإصابة بالسرطان بنسبة 60 بالمئة في شرق المتوسط خلال العقدين المقبلين. ومن المرجح أن تصل إلى 37 مليون إصابة جديدة عام 2040.

 

ووفقاً لأرقام منظمة الصحة العالمية، يحتل لبنان المرتبة الأولى بين دول غرب آسيا في عدد الإصابات بالسرطان، قياساً بعدد السكان، لأنّ هناك 242 إصابة بين كل 600 ألف لبناني كل عام.

 

وكان تقرير سابق للمنظمة قد ذكر أن 17 ألف لبناني أصيبوا بالسرطان خلال عام 2018 فقط، وزادت معاناتهم مع اشتداد الأزمة الاقتصادية، إذ بدأت أصناف عديدة من الأدوية تنفد.

 

وأوضحت أن «العامل الوراثي يساهم بنحو 10 إلى 30 بالمئة من حالات الإصابة، بينما تعود نسبة 70 إلى 90 بالمئة من الإصابات بالسرطان في الدول العربية إلى نمط الحياة وعوامل بيئية، كالتدخين وقلّة النشاط البدني، إضافة إلى الأنظمة الغذائية غير الصحية وشرب الكحول وتلوث الهواء والتوتر العصبي والسمنة.

 

من جانبه، قال رئيس قسم أمراض الدم والسرطان في الجامعة الأميركية - بيروت البروفيسور ناجي الصغير، لموقع «سكاي نيوز عربية»، تعليقاً على الأرقام: «في لبنان تعاني حوالى 40 بالمئة من النساء المصابات بالسرطان من سرطان الثدي، أما النسبة الأكبر من الرجال فيصابون بسرطان المثانة، وسرطان الرئة بسبب التدخين».

 

وأضاف: «معدلات الإصابة بالسرطان تزيد في كل دول العالم، ونلاحظ أن 50 بالمئة من الإصابات بسرطان الثدي في لبنان تصيب من هنّ تحت سن الـ50، بينما هي في أوروبا وأميركا بنفس النسبة (50 بالمئة) لكنها تصيب من هنّ تحت سن 63 عاما».

 

وكشف الصغير أن هناك حوالى 12 إلى 14 ألف إصابة بالسرطان سنويا في لبنان، مضيفا: «لا نملك إحصاءات دقيقة منذ عام 2015 وهنا تكمن المشكلة. وهناك حوالى 2500 حالة سرطان ثدي جديدة سنويا».

 

وعزا الصغير تفشي السرطان في لبنان والعالم العربي لعدة أسباب، أبرزها وتيرة الحياة ونظام التغذية، وقال: «90 بالمئة من أسباب مرض سرطان الرئة هي بسبب التدخين».

 

وشدد على «التوعية بشأن سرطان الثدي، وضرورة إجراء التصوير الإشعاعي في سن الـ40، لأن الكشف المبكر يقلل من عدد الإصابات».

 

كما أكد أن الحفاظ على نظام تغذية صحي يعتمد على الفاكهة والخضروات وممارسة الرياضة هو من الأمور التي تساعد على تجنب الإصابات.

 

وتوقّع الصغير زيادة نسبة الإصابة بالسرطان في الأعوام المقبلة، بسبب التلوث والمبيدات الزراعية، لافتا إلى ضرورة مراقبة الطعام والتأكد من خلوّه من المواد المسرطنة.

 

وختم الرجل حديثه إلى موقع «سكاي نيوز عربية»، بالقول: «علينا أن نبقى على جهوزية تامة، ومن المهم جدا أن نواجه الفيروسات بالأدوية واللقاحات المطلوبة، لأن أي التهاب فيروسي يدوم لفترة طويلة يصير سرطانا يعيش في عنق الرحم، وهذا بدأ ينتشر بكثرة في بلداننا».

theme::common.loader_icon