في عيد الإستقلال... كم كان الإستقلال بعيداً
في عيد الإستقلال... كم كان الإستقلال بعيداً
د. فؤاد زمكحل

رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ

Monday, 06-Dec-2021 06:22

في ذكرى الإستقلال التي مرّت، تذكرنا كم كان بعيداً الإستقلال الحقيقي، وكم كنا بعيدين ومحرومين من معناه الأصيل. لكن في الوقت عينه، كان الإستقلال في قلوبنا وأذهاننا وإرادتنا وعنفواننا، من أجل استيعابه، وبنائه من جديد على أسس متينة.

يبدأ الإستقلال الحقيقي في داخل كل شخص وكل لبناني، ومن ثم يمتد إلى العائلة والمحيط، فإلى الإقتصاد والشركات، والتبادل التجاري الحر.


إن الإستقلال لا يُورث ولا يُهدى لكن يُحتفظ به ويُبنى عليه، ويُدار ويُحمى.


في ذكرى الإستقلال شهدنا الحقيقة المرة، ورأينا الضربات الموجعة والمهدّمة لأسس وأركان إستقلالنا. تذكرنا كم كنا بعيدين عن تفكير وإرادة وأهداف أجدادنا.


في ذكرى الإستقلال كانت عيوننا ملأى بالدموع وأوجاعنا تمنعنا من أي احتفال في غياب أي إستقلال، لأننا تذكرنا مرة أخرى أن الحريات في خطر، والديمقراطية مستهدفة، والحزن يملأ قلوبنا.


كيف يُمكن أن نتحدث عن الإستقلال، عندما يكون القضاء والحقوق مهمّشة وموجّهة، وتنجرّ في وحول السياسة. وحتى الإقتصاد الحر والمستقل أصبح رهينة التشنجات المحلية والإقليمية، ويُطعن كل يوم، ليضعنا تحت رحمة الإدمان الداخلي، والإستيلاء على المصالح الداخلية.


أما الشعب المستقل والحر، فقد بات مُجبراً ان يعمل ليلاً ونهاراً فقط ليبقى على قيد الحياة، ويُجبر على الإبتعاد يوماً بعد يوم عن استقلاليته واستقلال بلده.


رغم ذلك، فإنّ استرجاع الاستقلال الحقيقي ليس مستحيلاً، لكن علينا أن نثابر بثقة وإيمان، مدركين أن أحداً لن يُعطينا المفاتيح أو سيفتح لنا أبواب السيادة إلا الشعب اللبناني بإرادته وشغفه وعمله الدؤوب ومحبته للحرية والإنفتاح على العالم.


نعم، إن الإستقلال يُمكن أن يُبنى من جديد، أو يُعاد ترميمه، وتمكين أسسه، شرط أن يبدأ كل واحد باستقلال قلبه وأفكاره وعقله، وأيضاً قراراته ورؤيته المستقلة. ومن ثم تصبح هذه الإرادة تُعدي محيطنا، ويصبح تأثيرها ككرة ثلج، تتدحرج وتكبر أكثر فأكثر.


في سبيل استعادة استقلالنا، علينا أن نحفر عميقاً لتمكين الأسس والزرع من جديد لبذرة الحريات ومحبة الحياة، والعيش الكريم واحترام الغير، وغرس علم الأرز شامخاً من جديد في كل لبنان والعالم.


إستقلالنا هو حق لا يُحجب، ودستور لا يُخطف، وإرادة لا تُهدى.


في الخلاصة، مهما كانت الصعوبات، سيبقى الإستقلال الحقيقي راسخاً في قلوبنا وعقولنا وأفكارنا، وحتى لو لان من وقت لآخر أو خُطف منّا في بعض الأحيان، سيبقى لبنان واللبنانيون شعباً مستقلاً وحراً، متمسكاً بجذوره وتاريخه، وسيرجع أمثولة في العالم للعيش المشترك وحب الحياة والإحترام، ومنصة للحرية والحريات والإنفتاح على العالم.

theme::common.loader_icon