فرصة حقيقية ولو مُحاطة بالألغام إذا صَفت النيّات
فرصة حقيقية ولو مُحاطة بالألغام إذا صَفت النيّات
د. فؤاد زمكحل

رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ

Monday, 20-Sep-2021 06:10
ولدت أخيراً الحكومة اللبنانية الجديدة ولادة قيصرية، بعد اتفاقات داخلية إقليمية - دولية، وذلك بعد 13 شهراً من الخلافات السياسية الضيقة، والمحاصصة، وتجربة الأسماء، والذل والحرمان للمواطنين، وتراجع نسبة عيش اللبنانيين، وبعد كل هذا الأخذ والرد، أُجبِر المسؤولون على تأليف الحكومة.
 

لا شك في أنه من الأفضل أن يكون لدينا سلطة تنفيذية بدلاً من الفراغ، ونتمنى على هذه السلطة أن تحاول مواجهة وإدارة هذه الأزمة الكارثية بعدما واجهنا 13 شهراً من الإستقالة عن الإستقالة، وعدم اتخاذ أي قرار والضياع في الوحول المتحركة، فيما كان الشعب ينزف.

 

لسنا منجّمين كي نتفاءل أو نتشاءم، بل علينا أن نكون واقعيين، نبني أراءنا واقتراحاتنا على أهداف قصيرة المدى يُمكن أن تنفذها الحكومة الجديدة في وقت سريع، إذا كان هناك نية حقيقية لوقف الإنهيار وإعادة بعض الكرامة المخطوفة للبنانيين.

 

أولاً، بعدما شاهدنا هذا الإتفاق الداخلي الذي كان مستحيلاً لـ 13 شهراً توالياً، والذي أتى بعد ضغط إقليمي ومظلة دولية، على الحكومة أن تستفيد من هذا الإتفاق والإهتمام، وتطلب رسمياً من الأقطاب المساعدة لمراقبة الحدود اللبنانية، ووقف تهريب المواد الأساسية من درب اللبنانيين. ليس سراً على أحد، أن الحدّ من التهريب وضبط الحدود لا يُنجز من دون غطاء سياسي داخلي قليمي ودولي.

 

واليوم في ظل هذه الموجة الايجابية، على الحكومة أن تستفيد من هذا الدعم للتطرق الى هذا الموضوع الشائك لكي تستطيع أن ترد قسماً من حقوق اللبنانيين.

 

ومن جهة أخرى، وبعد تسمية نائب رئيس للحكومة وهو مساعد مدير في دائرة الشرق الأوسط ووسط آسيا لدى صندوق النقد الدولي، ووزير المال وهو المدير التنفيذي لمصرف لبنان، وبعد الجو الإيجابي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، إنه الوقت الأكثر ملاءمة لبدء المفاوضات المباشرة مع صندوق النقد الدولي. بمعنى آخر انّ المسؤولين الجدد عن هذا الملف يعلمون تماماً المطالب الدقيقة من المسؤولين الدوليين، وهم خبراء لرسم الإستراتيجيات المطلوبة، والجو ملائم أيضاً لدعمٍ داخلي للوصول إلى استراتيجية بنّاءة ومقبولة من الجميع، وبدء تنفيذها في الأشهر المقبلة لاستقطاب العملات الأجنبية من الصندوق.

 

ينبغي أيضاً أن يتزامن مع التفاوض الصريح مع الدائن الداخلي والخارجي، إعادة الجدولة كمرحلة اولى لبدء الإصلاح النقدي والداخلي.

 

على الحكومة الجديدة أن تُصارح أخيراً اللبنانيين في موضوع الدعم، الذي هو في الحقيقة دعم وهمي ودعم التهريب ودعم الاحتكار ودعم الاقتصاد الأسود. وعلى الحكومة أن تأخذ قرارها النهائي باستمرار هذا الدعم أو وقفه. فإذا قررت متابعته عليها أن تعلن كيف تموّل هذا القرار، كذلك إذا قررت وضع اليد على ما تبقى من الاحتياطي في المركزي. واذا قررت وقفه الذي هو القرار الوحيد المنطقي لسوء الحظ، لأنه ليس لها الإمكانية لتمويل هذه المساعدات، عليها أن تبني وتُنفّذ خطة طوارئ اجتماعية لمساعدة الشعب المُستنزف.

 

أخيراً، علينا ألّا ننسى أو نتناسى أن هذه الحكومة هي حكومة انتخابية بامتياز، ولديها المسؤولية الكبرى لتنظيم وتنفيذ انتخابات نيابية لسنة مقبلة بمراقبة وشفافية تامة. عليها أن تلتزم رسمياً أنها ستنظم الإنتخابات في مواعيدها الدستورية المحددة بمراقبة دولية، وشفافية تامة وحوكمة رشيدة.

 

إذا كانت هناك نية حقيقية للعمل الدؤوب، وإرادة بنّاءة لوقف الإنهيار وإدارة الأزمة، وإذا امتد الإتفاق الإقليمي والدولي لمساعدة بعض الإنجازات، يُمكن للحكومة الجديدة تنفيذ هذه النقاط الأربع في وقت قياسي وإعادة كرامة اللبنانيين، ومن ثم بعض الثقة من المجتمعات الداخلية والخارجية الذي سيؤدي إلى إعادة الدورة الإقتصادية. لكن علينا ألّا نتجاهل أن الذين يمسكون بالخيوط الأساسية لا يزالون يستطيعون التلاعب بها مرة أخرى لأغراض وأجندات مشبوهة، وكل هذه الأولويات تبقى حبراً على ورق. هناك فرصة حقيقية لكنّ الأفخاخ والألغام محيطة.

theme::common.loader_icon