لكي لا تبقى عالقة في الزمن وتماشياً مع العصر ووسائل التواصل الاجتماعي، قرّرت اللجنة الأولمبية الدولية استقطاب عنصر الشباب إلى الألعاب الأولمبية الصيفية التي تنطلق في 23 تموز في العاصمة اليابانية طوكيو، مع إدخال رياضات "أكثر شمولية، أكثر حضرية، وبمشاركة عدد أكبر من النساء".
وبهذه الطريقة، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية عام 2016 عن جديدها للألعاب الأولمبية الصيفية، التي كانت مقررة بنسختها الـ32 الصيف الماضي، قبل أن يتدخّل فيروس كورونا لإرجائها حتى صيف 2021.
وإذا أدّى وباء كورونا إلى تأجيل الألعاب لعام، وإجبار المنظّمين على تقديم العديد من التنازلات والترتيبات غير المسبوقة، بما في ذلك الغياب شبه التام للمتفرّجين في المنشآت والملاعب الأولمبية، فإنّ ذلك لم يؤثر على عملية الإصلاح التي أرادها رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ.
وكشف باخ، في ختام اجتماع المجلس التنفيذي للهيئة الأولمبية في 9 حزيران 2017، "يُسعدني أن تكون الألعاب الأولمبية في طوكيو أكثر شبابية، أكثر حضرية، وأن تُرَحّب بمزيد من النساء".
وقرّرت اللجنة الأولمبية الدولية إضافة 15 حدثاً جديداً، مع التركيز على الأحداث التي تجمع بين الرجال والنساء، مثل سباق التتابع المختلط 4 مرات 100م في السباحة، والتتابع المختلط 4 مرات 400 م في ألعاب القوى، والزوجي المختلط في كرة الطاولة، والأحداث المختلطة في الجودو والترياتلون والرماية.
ونتيجة لذلك، سيكون هناك ضعف عدد الأحداث المختلطة في طوكيو (18)، مقارنةً بالألعاب الماضية في ريو عام 2016 (9).
"التوازن بين الجنسَين"
في رسالة تعكس واقع العصر ووفقاً للجنة الأولمبية الدولية، سيكون أولمبياد طوكيو "أول ألعاب أولمبية في التاريخ تحترم مبدأ التوازن بين الجنسَين"، إذ تمثل حصة الرياضيات 49 بالمئة من إجمالي المشاركين، مقابل 44,2 بالمئة في أولمبياد لندن 2012 و45,6 بالمئة في أولمبياد ريو 2016.
وبهدف تحقيق هذا التوازن الجندري، قامت اللجنة الأولمبية الدولية بمراجعة البرنامج الأولمبي من خلال استبدال أحداث الرجال بأحداث للسيدات في التجذيف والملاكمة والكانوي.
ونتيجة لذلك، قدّمت 4 اتحادات دولية جديدة للمرة الاولى عدداً متطابقاً من أحداث الرجال والسيدات (التجذيف، الكانوي، رفع الأثقال والرماية).
وعلى صعيد الرياضيِّين المشاركين، حققت 6 اتحادات دولية للمرة الاولى التوازن بين الرجال والنساء (التجذيف، الكانوي، رفع الأثقال، والجودو، الرماية والإبحار).
وسيكون هذا التوازن بين الجنسَين مرئياً بدءاً من حفل الافتتاح لأنّه، وللمرة الأولى، سيتعيَّن على كل من اللجان الأولمبية الوطنية البالغ عددها 206، أن تضمّ على الأقل رياضياً واحداً ورياضية واحدة في وفدها إلى الألعاب الأولمبية.
كما شجّعت اللجنة الأولمبية الدولية الأعضاء الـ206 على أن يتولّى حمل العلم الوطني في حفل الافتتاح رياضيين، إمرأة ورجل.
بانتظار الـ"برايك دانس"
تمثل ألعاب طوكيو أيضاً البداية الأولمبية لرياضات لوح التزحلق "سكايت بورد"، التسلّق، ركوب الأمواج والكاراتيه، بينما تعود لعبة البيسبول ونظيرتها النسائية "سوفتبول"، بعدما غابت عن الألعاب منذ بكين 2008.
وتشترك رياضات الـ"سكايت بورد" والتسلّق وركوب الأمواج، بالإضافة إلى الأحداث الجديدة مثل كرة السلة الثلاثية 3*3 ودراجات الطرقات الوعرة "بي أم أكس"، لأنّها تُمارَس من قِبل الشبان الذين لا يعيرون الاهتمام عادةً للألعاب الأولمبية.
وحتى لو كانت لهذه الرياضات "شكلها" الخاص، إن كان من ملابس أو سلوكيات قد لا تعجب المتابعين التقليديّين للألعاب الأولمبية، فإنّ عملية تجديد الدم هذه والتي ينتقدها البعض، لم تنتهِ.
فقد أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية أنّ رياضات "سكايت بورد" والتسلّق وركوب الأمواج ستدخل مرة أخرى في برنامج الألعاب الأولمبية المقبلة عام 2024 في باريس، وذلك بصحبة رياضة جديدة أكثر "تقدمية"، وهي رقص "برايك دانس" المستوحاة من موسيقى الـ"هيب هوب".
ورأى باخ أنّ هذه الرياضات "تساهم في تحقيق توازن أفضل بين الرجال والنساء داخل البرنامج، إذ تجعله أكثر حضرية، وتجعله أكثر محاكاة لجيل الشباب".
ومن المؤكّد أنّ هذا التجديد الذي يحاكي الشعار الأولمبي "أسرع، أعلى، أقوى"، يناسب عصرنا الحالي، ويتلاءم بالتأكيد مع ما يريده الرعاة والشركات الناقلة للألعاب والمعلنون الآخرون.