«ضبابية الدماغ» والهبّات الساخنة أعراض خطرة! والحل؟
«ضبابية الدماغ» والهبّات الساخنة أعراض خطرة! والحل؟
Thursday, 08-Jul-2021 08:02

إنّ ضعف الإدراك أو التدهور المعرفي لدى النساء في سن انقطاع الطمث متعلق بشكل مباشر بانخفاض حاد في مستويات هورمون الاستروجين؛ الهورمون الذي يبدأ في التقلب خلال السنوات التي تسبق انقطاع الطمث (والذي يبدأ سريرياً بعد عام واحد من آخر دورة شهرية للمرأة).

 

أحد أعراض انقطاع الطمث الأقل شهرة، هي ضبابية الدماغ أو ضبابية الذاكرة. ومن أكثر الأشياء المقلقة بشأن ضبابية الدماغ (والذي يُطلق عليه أيضاً في بعض الأحيان الضباب الذهني أو العقلي)، هو أنّ العديد من النساء يعانين منه من دون أن يدركن أسبابه.

وتقول طبيبة الأعصاب غاياتري ديفي: «العديد من النساء اللواتي يعانين انقطاع الطمث - فترة قد تستمر حوالى 7 سنوات - يبدأن في المعاناة من صعوبة تذكّر الكلمات أو التركيز على عدة مهام في وقت واحد».

وتضيف: «قد يعانون الطلاقة اللفظية، الأمر الذي تميل النساء إلى التميّز فيه». وقالت بولين مكي، أستاذة الطب النفسي وعلم النفس والتوليد وأمراض النساء في جامعة إلينوي في شيكاغو، والرئيسة السابقة لجمعية فترة انقطاع الطمث الأميركية: «إنه يؤثر على نوع الذاكرة التي نستخدمها، كأن نذهب إلى المتجر ونحاول أن نتذكر ما كنّا نريد شراءه». وأضافت: «كما يؤثر أيضاً في قدرتنا على سرد القصص أو المشاركة في محادثة ما، ثم تَذكّر ما قلناه لاحقاً». هذه المشكلة منتشرة أكثر مما كنا نتصوّر.

وتقول البروفيسورة مكي: «وجدنا تدهوراً سريرياً كبيراً في دراساتنا، حيث سجلت 10 في المئة من النساء درجات أقل بكثير من المتوقع بالنسبة لأعمارهنّ»، مضيفة أنّ «كثيرات يواجهن صعوبات أكثر دقة، بمعنى أنها لا تؤثر في قدراتهنّ الإجمالية على الأداء في العمل، لكنهنّ سيلاحظن الفرق على الدوام».

ووفقاً لديفي «تعاني حوالى 60 في المئة من النساء، في فترة ما حول انقطاع الطمث أو في مرحلة انقطاع الطمث، تغيّرات في الإدراك بشكلٍ متفاوت، ولكن يمكن دائماً إثبات صحة الأمر من خلال إجراء الفحوصات الطبية».

 

حساسية الأستروجين

تتمثّل إحدى المشكلات الرئيسية في أنّ الدماغ يحتوي على مستقبلات هورمون الأستروجين والعديد منها تقع في منطقة الحُصين التي تسمّى أيضاً بـ»قرن آمون أو حصان البحر»، وهي منطقة في الدماغ مهمتها إصلاح واسترجاع أنواع معينة من الذاكرة. وتوضح ديفي أنه «عندما يكون هناك انخفاض مفاجئ في مستوى هورمون الاستروجين، يتأثر جزء من النشاطات في الحُصين». وتقول إنّ الدراسات التي أجريت على مشاركات ممّن تم استئصال مبايضهنّ (الغدد التي تنتج معظم هورمون الأستروجين)، أظهرت أنّ القدرات المعرفية تحسّنت بمجرد وصف مكمّلات هورمون الأستروجين للمرأة.

لكن لماذا لا تعاني كل النساء ضبابية الذهن في فترة ما قبل انقطاع الطمث؟

الجواب ببساطة هو لأنّ حساسية كل امرأة واستجابتها لتغيّرات هورمون الأستروجين مختلفة.

 

الهبّات الساخنة والذاكرة

تقول ريبيكا ثورستون، أستاذة الطب النفسي في جامعة بيتسبيرغ: «لا يقتصر الأمر على هورمون الأستروجين. على المرء أن يأخذ في الحسبان عوامل أخرى أيضاً، مثل اضطراب النوم».

وتقول الباحثة: «خلال هذا الانتقال إلى مرحلة انقطاع الطمث، أبلغ ما يصل إلى 60 في المئة من النساء عن مشاكل في النوم مرتبطة بالذاكرة». تتداخل مشكلة قلة النوم مع دوران الذاكرة، كما هو الحال مع الهبّات الساخنة: شعور مفاجئ بالحرارة الشديدة التي تنتشر في جميع أنحاء الجسم ما يتسبّب في احمرار الجلد والتعرّق بغزارة.

بالإضافة إلى التأثير العميق على النوم (بعض النساء لا يستيقظن في منتصف الليل بسبب الهبّات الساخنة فحسب، بل يضطررن إلى تغيير ملابس النوم وأغطية السرير بسبب التعرق الغزير)، ما يعني أنّ الهبات الساخنة مشكلة في حد ذاتها.

وتقول ثورستون: «إعتدنا على التفكير في أنّ الهبّات الساخنة مجرد أعراض حميدة يتعيّن على النساء تحمّلها، لكننا الآن نرى أن هذه الأعراض مرتبطة بمخاطر القلب والأوعية الدموية، فهي علامات لمرض التهاب الشعيرات الدموية في الدماغ، وتؤثر على الاتصال بين الجانبين في تغيرات الحُصين التي تُحدث تغييرات في الذاكرة».

كما أنّ التقلبات المزاجية والقلق والاكتئاب التي تزداد خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث، تؤثر في الذاكرة أيضاً.

وعلى رغم أنّ نتائج الدراسات مختلطة، إلّا أنّ هناك مؤشرات على أنّ الضباب الذهني حالة مؤقتة وتتلاشى مع اعتياد الدماغ على العمل مع القليل من الأستروجين أو عدم وجوده على الإطلاق.

وتتابع مكي: «لكن إذا كانت الهبات الساخنة تبقيك مستيقظة طوال الليل ولا يمكنك النوم، فمن المستحسن استشارة طبيبك، الذي قد يوصي بالعلاج بالهورمونات البديلة في بعض الحالات، خاصة عند النساء الأصغر سناً، لأنّ الفوائد تفوق المخاطر».

وبالنسبة الى النساء اللواتي يعانين أعراضاً أكثر اعتدالاً أو يَخترن عدم الخضوع للعلاج بالهورمونات، هناك تدابير أخرى يمكن أن تساعد في تحسين الأداء المعرفي.

«التمارين الرياضية، وتحفيز الدماغ من خلال الألعاب أو التمارين الذهنية، واتّباع نظام نوم صارم والحَد من تناول الكحول واعتماد نظام غذائي صحي ومعتدل، كلها معروفة بتخفيف الأعراض غير المريحة لانقطاع الطمث».

theme::common.loader_icon