لا ماء، لا كهرباء، لا وقود، لا دواء، لا أمن، لا قِرش... في بيوتنا، ووزير التربية يغنّي وحيداً على ليلى الامتحانات الرسميّة، بينما نحن، اللبنانيّين، نطلب من الله أن يبقي لنا شيئاً من الرّجاء، بعدما فقدنا كلّ شيء.
ولأيّ طلّاب يريد معاليه الامتحان؟
طلّابنا ظلمَهم التعلّم عن بُعد، كما ظلمَنا نحن المعلّمين، فهُم لم يتمكّنوا من الحصول على حصّتهم من المعرفة كاملةً، ومنهم مَن قست عليه الظروف إلى حدّ أنّه تعلَّم سنتَين وليس له منهما سوى صفة تلميذ... والمسألة الأكثر إيلامًا، هي الوضع النّفسيّ لطلّابنا، فهُم مُحبَطون، مسلوبو الفرح والطمأنينة، وبدأت ملامح الألم واليأس تستوطن وجوههم قبل الأوان بكثير...
غريب، كيف يعتبر معاليه الامتحانات الرسميّة قضيّته الوجوديّة الكبرى، كأنّه لا يعيش في لبنان، وكأنّه لا يسمع ما يقوله كلّ الناس عنه، وكأنّ أهل التربية عندنا انشقّت الأرض وابتلعتهم، فبقي هو الحاكم بأمر الله، ويريد أن يجعل أحلام نومه حقائق اليقظة.
من سابع المستحيلات إجراء امتحانات رسميّة بظروف شبه طبيعيّة. وما الحديث عن إعطاء مسابقات تتّصف بالسهولة ومراعاة الأوضاع سوى حجّة إضافيّة لضرورة إلغاء الامتحانات، لأنّ الشهادة الهشّة، والتي تكون وثيقة تثبت تراجع التربية في لبنان هي فضيحة نستغني عنها، والمضحك المبكي أنّنا ووزارة التربية والدولة سندفع ثمنها باهظاً معنويّاً وماديّاً.
فيا معالي وزير التربية، إرحمنا وارحم طلّاب لبنان وأهلهم، وألغِ الامتحانات، كي لا تكون أنت، مع كامل المحبّة، الراسب الأكبر.