
اخي الأستاذ جورج سولاج
أتوجّه اليك ومن خلالك الى بعض الاصدقاء المُجدَّدَة التزكية لهم بتحمُّلِ مسؤولية رعاية {الصحافة اللبنانية} وحماية دورها وتحصينِ صورتها، بخالص التهاني والأمنيات، مشفوعةً بالدعاءِ أن يُنصِرَكم الله في حروب الدفاع عن الحقِّ مهما كانت الكِلفة، ونُصرَةِ الحقيقة مهما عَظُمّتِ التضحيات وتطلّبتِ الظروفُ من استبسالاتٍ مَوْصوفةٍ وغير مَسبوقة.
الصحافة-السلطة، كان يقولُ فيها عميد نقباء الصحافة السابق المرحوم محمد بعلبكي (أي إحدى السلطات الأربع، وليست السلطة الرابعة)..!
في هذا الظرف المصيريِّ الدقيق، والوطَنُ تَحكُمُهُ التبَاعداتُ السياسيةُ بدلَ التلاقيات، وتتحكَّمُ به ذِهنيَّات التفرقة بدل رسمِ استراتيجياتِ التألُّقِ والتفكير الوطني الصافي، نستعيدُ لوحاتٍ إشراقيةً من تراثاتِ{ الصحافة اللبنانية}التي قَعَّدَتْ ركائِزَ الحريَّةِ وأَسَّسَتْ لأُصولِ (الصِحَافة العربية) واطلقت شرارة النهضة الفكرية، وحَدَّثَتْ اللغة العربية وشكَّلَتْ مُرتَكَزَ الدائرةِ في عملياتِ التنويرِ الفكري وعصرَنَةِ الرؤى وتعميم المَعَارف وتَوْحيدِ النظرة للمواجهة المستقبلية، إنطلاقاً من إعادة تكوينِ العقلِ العربي والتشجيعِ على التعامل مع الحريَّةِ بِوَعيٍّ ومسؤولية بعيداً من الاحتماء وراءَ الإدِّعاءاتِ والإختباءِ خَلفَ (الحصانات).
أُصْدِقُكَ الكلام يا (صديقي العتيق) ان الاعلام والصحافة اللبنانية ليْسا في خير أبداً. فالقِطَاعَان يَفْتَقِدانِ الى (الحُرِّيَّةِ) سلوكاً ومُمارسَةً، بِسَبَبِِ مَعْلومٍ أَوْ بِعُذْرٍ مَخْبوء، ولَمْ يَبقَ لهما أن يقودا معاركَ الحريَّةِ والدفاعِ عن الحقِّ المُطلقِ إلّا إذا سألتْ الصِحافةُ (كَيْفَ علينا أَنْ نَحضُرَ من جديد؟)...وليسَ من خروجٍ من أزمة الازمات إنْ لَمْ تَستعِدْ الصحافةُ دورها الثلاثي: الريادي والقيادي والحواري، وإِلّا تَحوَّلت هذهِ الصِحافةُ مِنبَراً كِتابِيّاً أو مِنَصَّة لِلفْظِيَّاتٍ أوْ تَجَمُّعٍ نقابيٍّ ومُنتَدىً من كمالياتِ (المجتمعات الديموقراطية) المَوْصوفة.
وإذْ نُحنُ اللبنانيين مِن صُنَّاعِ الأمال وبُناةِ الرجاءاتِ، فإنَّنا نؤمِنُ باستعادةِ مَجْدِ الكلمةِ الحرَّة وإعادة تشكيلِ الفكرِ الوطني من خلال صحافةٍ لبنانية حُرَّةٍ و مُتَحَرِّرَة... وليسَ من وطنٍ سياديٍّ، ولا منِ شَعبٍ أَبِيٍّ، ولا من قرارٍ حُرٍّ خارِجَ قياداتٍ صِحافيةٍ، هيَ الهاماتُ التي تُخيفُ، والقاماتُ التي تُوَجِّهُ، والمقاماتُ التي يَتَحَصَّنُ بها الكيانُ لا المتاريس التي يَتلطّى وراءَها هَدَمَةُ البُنيان..!
كلُ الأمل ان تستعيدَ الصِحافةُ حضورها وتقوم بمسؤوليتها، حتى يبقى لنا رَجاءٌ باستعادةِ لبنانَ..!








