أزمة بوجهِ امرأة
أزمة بوجهِ امرأة
أنطونيو غوتيريش
Friday, 05-Mar-2021 06:09

بينما يحتفل العالم باليوم الدولي للمرأة في خضم جائحة عالمية، تبرز حقيقة صارخة واحدة، وهي أن جائحة كوفيد-19 هي أزمة بوجه امرأة.

وتفاقم الجائحة أوجه عدم المساواة العميقة أصلا التي تعانيها النساء والفتيات، ما يبدّد التقدم المحرز على مدى سنوات نحو تحقيق المساواة بين الجنسين. فالنساء يرجّح أن يعملن في القطاعات الأكثر تضرراً من الجائحة. ومعظم العاملين الأساسيين في الخطوط الأمامية يكونون من النساء - وكثير منهنّ ينتمين إلى الفئات المهمشة عرقيا وإتنيا كما أنهنّ في أسفل السلم الاقتصادي. والنساء أكثر عرضة بنسبة 24 في المئة لفقدان وظائفهن ولانخفاض دخلهن بمعدلات أكثر حدة. وقد اتسعت الفجوة في الأجور بين الجنسين، التي كانت مرتفعة أصلا، بما في ذلك في قطاع الصحة. وشهدت الرعاية غير المدفوعة الأجر زيادة كبيرة بسبب أوامر البقاء في المنزل وإغلاق المدارس ودور رعاية الأطفال. كما أن الملايين من الفتيات قد لا يعدن إلى المدرسة قطّ. وقد واجهت الأمهات - وخاصة الأمهات العازبات - محنة وضيقاً شديدين. كما ولّدت الجائحة وباء موازياً هو العنف ضد المرأة على صعيد العالم، مع ارتفاع مستويات العنف المنزلي والاتجار والاستغلال الجنسي وزواج الأطفال. وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من أن النساء يمثّلن غالبية العاملين في مجال الرعاية الصحية، فقد وجدت دراسة حديثة أن نسبة 3,5 في المئة فقط من فرق العمل المعنية بالتصدي لكوفيد-19 تتضمن أعدادا متساوية من الرجال والنساء.

 

وفي التغطية الإخبارية العالمية للجائحة، كانت هناك امرأة واحدة فقط من بين كل خمسة من أهل الخبرة الذين تم الرجوع إليهم. وكل هذا الاستبعاد يشكّل بحد ذاته حالة طوارئ. والعالم بحاجة إلى دفعة جديدة للنهوض بقيادة المرأة ومشاركتها على قدم المساواة، ومن الواضح أن ذلك سيعود بالفائدة على الجميع. ولقد أبرزت تدابير التصدي لكوفيد-19 قوة القيادة النسائية وفعاليتها. فخلال العام الماضي، شهدت البلدان التي تقودها نساء معدلات عدوى أقل، وغالباً ما كانت في وضع أفضل من حيث القدرة على التعافي. وقد سدت المنظمات النسائية ثغرات بالغة الأهمية في تقديم الخدمات والمعلومات الحيوية، ولا سيما على مستوى المجتمعات المحلية. وفي جميع المجالات، عندما تتولى المرأة دورا قياديا في الحكومة، نرى استثمارات أكبر في الحماية الاجتماعية وخطوات أوسع في مجال مكافحة الفقر. وعندما تكون المرأة في البرلمان، تتبنى البلدان سياسات أكثر صرامة بشأن تغيّر المناخ. وعندما تجلس المرأة إلى طاولة مفاوضات السلام، تُبرم اتفاقات أكثر ديمومة. ومع ذلك، لا تشكّل النساء سوى ربع المشرّعين على الصعيد الوطني في جميع أنحاء العالم، وثلث أعضاء الحكومات المحلية، وفقط خمس الوزراء في الحكومات.

 

وإذا استمرّ المسار الحالي، لن يتم تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المجالس التشريعية الوطنية قبل عام 2063. وسيستغرق تحقيق التكافؤ على صعيد رؤساء الحكومات أكثر من قرن. إنّ تحقيق مستقبل أفضل يتوقف على معالجة هذا الاختلال في توازن القوى، فالمرأة لها نفس الحق في التحدث من موقع السلطة عن القرارات التي تؤثر في حياتها، وإنني فخور بتحقيق تكافؤ الجنسين على صعيد قيادات الأمم المتحدة. إن التعافي من الجائحة هو فرصتنا لرسم مسار جديد وقائم على المساواة، ويجب أن تستهدف حزم الدعم والتحفيز النساء والفتيات على وجه التحديد، بما في ذلك من خلال زيادة الاستثمار في البنية التحتية للرعاية. وما كان الاقتصاد الرسمي ليعمل من دون الإعانة التي يحصل عليها في صورة أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر التي تقوم بها المرأة. وبينما نتعافى من هذه الأزمة، يجب أن نرسم طريقاً نحو مستقبل شامل للجميع مراعياً للبيئة ومتسماً بالقدرة على الصمود. وأدعو جميع القادة إلى وضع ستّ لبنات أساسية: أولاً، ضمان التمثيل المتساوي - من مجالس إدارة الشركات إلى البرلمانات، ومن التعليم العالي إلى المؤسسات العامة - من خلال اتخاذ تدابير خاصة وتحديد الحصص. ثانياً، الاستثمار بشكل كبير في اقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية، وإعادة تعريف الناتج المحلي الإجمالي بحيث يصبح العمل في المنزل واضحاً للعيان ومأخوذاً في الحسبان. ثالثاً، إزالة الحواجز التي تحول دون إدماج المرأة بالكامل في الاقتصاد، بما في ذلك من خلال الوصول إلى سوق العمل، وحقوق الملكية، والائتمانات والاستثمارات المحددة الهدف. رابعاً، إلغاء جميع القوانين التمييزية في جميع المجالات - من حقوق العمل والأرض إلى الأحوال الشخصية والحماية من العنف. خامساً، ينبغي لكل بلد أن يسنّ خطة للاستجابة لحالات الطوارئ من أجل التصدي للعنف ضد النساء والفتيات، وأن يتخذ إجراءات للمتابعة من خلال رصد التمويل ووضع السياسات وحشد الإرادة السياسية لإنهاء هذه الآفة. سادساً، تغيير العقليات، وزيادة الوعي العام، والتنديد بالتحيز المنهجي. أمام العالم فرصة لأن يخلّف وراء ظهره إرث التمييز المترسّخ والمنهجي الذي امتد لأجيال. لقد حان الوقت لبناء مستقبل تسوده المساواة.

 

بينما يحتفل العالم باليوم الدولي للمرأة في خضم جائحة عالمية، تبرز حقيقة صارخة واحدة، وهي أن جائحة كوفيد-19 هي أزمة بوجه امرأة.

 

وتفاقم الجائحة أوجه عدم المساواة العميقة أصلا التي تعانيها النساء والفتيات، ما يبدّد التقدم المحرز على مدى سنوات نحو تحقيق المساواة بين الجنسين.

 

فالنساء يرجّح أن يعملن في القطاعات الأكثر تضرراً من الجائحة. ومعظم العاملين الأساسيين في الخطوط الأمامية يكونون من النساء - وكثير منهنّ ينتمين إلى الفئات المهمشة عرقيا وإتنيا كما أنهنّ في أسفل السلم الاقتصادي.

 

والنساء أكثر عرضة بنسبة 24 في المئة لفقدان وظائفهن ولانخفاض دخلهن بمعدلات أكثر حدة. وقد اتسعت الفجوة في الأجور بين الجنسين، التي كانت مرتفعة أصلا، بما في ذلك في قطاع الصحة.

 

وشهدت الرعاية غير المدفوعة الأجر زيادة كبيرة بسبب أوامر البقاء في المنزل وإغلاق المدارس ودور رعاية الأطفال. كما أن الملايين من الفتيات قد لا يعدن إلى المدرسة قطّ. وقد واجهت الأمهات - وخاصة الأمهات العازبات - محنة وضيقاً شديدين.

 

كما ولّدت الجائحة وباء موازياً هو العنف ضد المرأة على صعيد العالم، مع ارتفاع مستويات العنف المنزلي والاتجار والاستغلال الجنسي وزواج الأطفال.

 

وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من أن النساء يمثّلن غالبية العاملين في مجال الرعاية الصحية، فقد وجدت دراسة حديثة أن نسبة 3,5 في المئة فقط من فرق العمل المعنية بالتصدي لكوفيد-19 تتضمن أعدادا متساوية من الرجال والنساء. وفي التغطية الإخبارية العالمية للجائحة، كانت هناك امرأة واحدة فقط من بين كل خمسة من أهل الخبرة الذين تم الرجوع إليهم.

 

وكل هذا الاستبعاد يشكّل بحد ذاته حالة طوارئ. والعالم بحاجة إلى دفعة جديدة للنهوض بقيادة المرأة ومشاركتها على قدم المساواة، ومن الواضح أن ذلك سيعود بالفائدة على الجميع.

 

ولقد أبرزت تدابير التصدي لكوفيد-19 قوة القيادة النسائية وفعاليتها. فخلال العام الماضي، شهدت البلدان التي تقودها نساء معدلات عدوى أقل، وغالباً ما كانت في وضع أفضل من حيث القدرة على التعافي. وقد سدت المنظمات النسائية ثغرات بالغة الأهمية في تقديم الخدمات والمعلومات الحيوية، ولا سيما على مستوى المجتمعات المحلية.

 

وفي جميع المجالات، عندما تتولى المرأة دورا قياديا في الحكومة، نرى استثمارات أكبر في الحماية الاجتماعية وخطوات أوسع في مجال مكافحة الفقر. وعندما تكون المرأة في البرلمان، تتبنى البلدان سياسات أكثر صرامة بشأن تغيّر المناخ. وعندما تجلس المرأة إلى طاولة مفاوضات السلام، تُبرم اتفاقات أكثر ديمومة.

 

ومع ذلك، لا تشكّل النساء سوى ربع المشرّعين على الصعيد الوطني في جميع أنحاء العالم، وثلث أعضاء الحكومات المحلية، وفقط خمس الوزراء في الحكومات. وإذا استمرّ المسار الحالي، لن يتم تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المجالس التشريعية الوطنية قبل عام 2063. وسيستغرق تحقيق التكافؤ على صعيد رؤساء الحكومات أكثر من قرن.

 

إنّ تحقيق مستقبل أفضل يتوقف على معالجة هذا الاختلال في توازن القوى، فالمرأة لها نفس الحق في التحدث من موقع السلطة عن القرارات التي تؤثر في حياتها، وإنني فخور بتحقيق تكافؤ الجنسين على صعيد قيادات الأمم المتحدة.

 

إن التعافي من الجائحة هو فرصتنا لرسم مسار جديد وقائم على المساواة، ويجب أن تستهدف حزم الدعم والتحفيز النساء والفتيات على وجه التحديد، بما في ذلك من خلال زيادة الاستثمار في البنية التحتية للرعاية. وما كان الاقتصاد الرسمي ليعمل من دون الإعانة التي يحصل عليها في صورة أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر التي تقوم بها المرأة.

 

وبينما نتعافى من هذه الأزمة، يجب أن نرسم طريقاً نحو مستقبل شامل للجميع مراعياً للبيئة ومتسماً بالقدرة على الصمود. وأدعو جميع القادة إلى وضع ستّ لبنات أساسية:

أولاً، ضمان التمثيل المتساوي - من مجالس إدارة الشركات إلى البرلمانات، ومن التعليم العالي إلى المؤسسات العامة - من خلال اتخاذ تدابير خاصة وتحديد الحصص.

 

ثانياً، الاستثمار بشكل كبير في اقتصاد الرعاية والحماية الاجتماعية، وإعادة تعريف الناتج المحلي الإجمالي بحيث يصبح العمل في المنزل واضحاً للعيان ومأخوذاً في الحسبان.

 

ثالثاً، إزالة الحواجز التي تحول دون إدماج المرأة بالكامل في الاقتصاد، بما في ذلك من خلال الوصول إلى سوق العمل، وحقوق الملكية، والائتمانات والاستثمارات المحددة الهدف.

 

رابعاً، إلغاء جميع القوانين التمييزية في جميع المجالات - من حقوق العمل والأرض إلى الأحوال الشخصية والحماية من العنف.

 

خامساً، ينبغي لكل بلد أن يسنّ خطة للاستجابة لحالات الطوارئ من أجل التصدي للعنف ضد النساء والفتيات، وأن يتخذ إجراءات للمتابعة من خلال رصد التمويل ووضع السياسات وحشد الإرادة السياسية لإنهاء هذه الآفة.

 

سادساً، تغيير العقليات، وزيادة الوعي العام، والتنديد بالتحيز المنهجي.

 

أمام العالم فرصة لأن يخلّف وراء ظهره إرث التمييز المترسّخ والمنهجي الذي امتد لأجيال. لقد حان الوقت لبناء مستقبل تسوده المساواة.

theme::common.loader_icon