شهر شباط من العام 2021 الذي حلّ على اللبنانيين بكثير من المصائب، هو كغيره من الاشهر الماضية على الصعيد المادي والاقتصادي والصحي، غير انّه شهد على تغيير مصير الشعب العربي بإطلاق مسباره الاول، حيث سجّل التاريخ اسم دولة الامارات العربية كأول دولة عربية تطلق إنجازاً استثنائياً بوصول مسبار «الأمل» الى المريخ.

لكنّ أول محاولة لإطلاق الصواريخ هي لبنانية، حيث بادرت جامعة «هايغازيان» الى إطلاق دفعات من الصواريخ بعيدة المدى (300 كلم) منذ 50 عاماً، إلّا أنّ المشروع توقّف بسحر ساحر ولم يبق من الصواريخ غير المجسّم في حديقة هذه الجامعة الصغيرة، ولكن العريقة، والتي خرّجت كثيراً من اللبنانيين في مختلف المجالات.

قليلون هم الذين يعرفون انّ جامعة «هايغازيان»، الكائنة في شارع القنطاري في منطقة بيروت، هي أول من أطلقت أول صاروخ في العالم العربي في ستينات القرن الماضي باسم «صواريخ الأرز»، حين أسّس مجموعة من الاساتذة الجامعيين مع طلّابهم منتدى باسم «النادي اللبناني للصواريخ».

يُقال إنّ مجموعة كبيرة من المشاهدين من كلّ انحاء العالم أتت لمشاهدة هذا الحدث الفريد من نوعه، وقد تمّ إطلاق مجموعة كبيرة من هذه الصواريخ، آخرها باسم «أرز 8». ولكن لسوء الحظ اللبنانيين، لم تقبل الحكومات الفرنسية والبريطانية والأميركية أن يُطلق لبنان صواريخ خاصة به إلى الفضاء. وطلبت هذه الحكومات من الدولة اللبنانية ان تتوقّف عن ذلك، كما يروي العالم الفيزيائي اللبناني الأرمني الدكتور مانوك مانوكيان، الذي قام بهذه المبادرة الفريدة من نوعها، هو الذي آمن بلبنان الأرز، لكنه هاجر تاركاً وراءه الأمل في أن يكون لبنان في الطليعة من حيث الوصول الى الفضاء.

أمّا اليوم، وتقريباً بعد نصف قرن من إطلاق مشروع «صواريخ الأرز» اللبنانية، ها نحن نتقدّم لنشكر دولة الامارات العربية المتحدة وكلّ فرد من أفراد الطاقم الذي ساهم في أن يصل مسبار «الأمل» إلى مدار كوكب المريخ، وعلى رأسهم نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، وحاكم امارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على جهوده لتحقيق هذا الانجاز العربي العظيم، وعلى الأمل الذي منحه للعرب من خلال هذا الانجاز.

ونرجو الله أن يمهّد هذا الانجاز الى إنجازات أضخم ترفع اسم العرب عالياً.