اجازة في الاعمال الدولية والديبلوماسية واعلامية ومذيعة في مجال الصحافة الاقتصادية في الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب
من خلال مؤشرات العام 2020، يبدو المشهد الاقتصادي والمالي سوداوياً في العام 2021، حيث أنّ البلد، وعلى نقيض ما يعتقد البعض، لا يزال في بداية النفق، والآتي أعظم.
على وقع شبه انهيار النظام الصحي وانزلاق البلاد في جولة جديدة من الحرب ضد وباء «كورونا» مع ما سيخلّفه ذلك من تداعيات سلبية اضافية على الاقتصاد والظروف المعيشية، كيف سيكون مسار التطورات المالية والاقتصادية والاجتماعية في العام 2021، في حال لم يحصل أي خرق في الجمود السياسي، ولم تُشَكّل حكومة جديدة للإمساك بزمام الأزمات؟
أين أصبحت خطة ترشيد الدعم، ومن أين أتى البنك المركزي بالملياري دولار لمواصلة الدعم لمدة 6 أشهر اضافية، بعد ان حذّر سابقاً من انّ احتياطي العملات الاجنبية سينفد مع نهاية العام 2020؟
في هذا الاطار، أوضح الخبير الاقتصادي كمال حمدان، انّه في حال بقيت الامور على حالها «فنحن لا نزال في بداية النفق، والآتي أعظم، سواء على مستوى عجوزات المالية العامة او على مستوى سعر صرف الليرة او على مستوى معدلات التضخّم وارتفاع اسعار الاستهلاك»، موضحاً لـ«الجمهورية» انّ هذه المؤشرات ستنعكس سلباً بطبيعة الحال على نسبة الانكماش الاقتصادي ومعدلات البطالة، علماً انّ الارقام كانت كارثية في العام 2020، حيث انّ تراجع نسبة النمو بأكثر من 25 في المئة في غضون عام واحد، هو امر لم يحصل في أي بلد آخر». ولفت في هذا السياق، الى تراجع أفق الهجرة للشباب اللبناني، نظراً للاوضاع الاقتصادية المالية المتدهورة ايضاً في دول المقصد، مما سيزيد من نسبة الارتفاع في معدلات البطالة في لبنان.
وشرح حمدان، انّ العجز المالي للدولة سيواصل ارتفاعه رغم تراجع حجم النفقات بشكل بسيط، كونها لا تتمتع بالمرونة الكافية التي تسمح لها بالانخفاض، في موازاة انخفاض الايرادات بشكل ملحوظ، «مما يعني انّ العجز سيرتفع بشكل اكبر ويؤثّر سلباً على ميزان المدفوعات، وهي المشكلة الاساسية التي تعاني منها الدولة منذ 10 سنوات، والسبب الرئيس للأزمة».
وشدّد على انّ المشهد في العام 2021 سيكون «سوريالياً» اذا بقيت الأوضاع على حالها.
وبالنسبة الى الملياري دولار التي اعلن حاكم مصرف لبنان انّها موجودة لمواصلة الدعم، قال حمدان: «انّ لا أحد يعلم بالارقام الحقيقية لمصرف لبنان، ولا احد يدري من أين أتى بهذا المبلغ، إلّا انّ أسس الدعم القائمة حالياً تُعتبر رجعية ضريبياً، اي انّها تفيد الطبقة الميسورة اكثر من الفقيرة. وبالتالي، لا بدّ من إصلاح نظام الدعم وترشيده وكسر الاحتكارات القائمة، بغض النظر عن حجم السيولة المتبقية للسير به». مشيراً الى انّ «مواصلة الدعم لن يغيّر كثيراً في المشهد الاقتصادي والمعيشي القاتم المتوقّع في 2021، رغم انّ معدلات تضخّم الأسعار في الاشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2020 كانت أقلّ من معدلات الفصل الاول من العام نفسه، وذلك نتيجة استقرار سعر الصرف في السوق السوداء على سعر معيّن، وتمّ استيراد بعض السلع وفقاً لسعر صرف المنصة».
ولكنّ حمدان اوضح انّ هذا المسار غير مضمون «وفي حال استمر الدعم على ما هو عليه اليوم فإنّ الاسعار لن ترتفع بشكل كبير، أما في حال ترشيده فإنّ الزيادة بالاسعار ستكون معتدلة، مع الاشارة الى ضرورة عدم المسّ بدعم ادوية الامراض المزمنة، والتي تشكّل حوالى 50 في المئة من كلفة دعم استيراد الادوية».
واكّد على انّ قرار رفع الدعم هو عنصر أساس في توقعات مسار المؤشرات الاقتصادية في المرحلة المقبلة، لافتاً في المقابل الى انّ عدم ترشيد الدعم او رفعه يعني تأجيل الأزمة لفترة اضافية، «وهي الخطوة المتوقعة تفادياً لحصول ضغوطات شعبية وشغب أمني، مع مراهنة الطبقة الحاكمة على اعطاء جرعة من الاوكسجين الى حين تشكيل الحكومة والشروع في الاصلاحات والحصول على الدعم المالي الخارجي».
في موازاة ذلك، تخوّف حمدان من ان تؤدّي الاتجاهات السياسية والاقتصادية المتّبعة، وعدم تجرؤ احد من الاطراف على اتخاذ قرار المسّ بالدعم، الى استهلاك ما تبقّى من احتياطي بالعملات الاجنبية، وبالتالي احتياطي الذهب. معتبراً في المقابل، انّ المساس بالاحتياطي الالزامي او الذهب قد يكون امراً مشروعاً ومعقولًا وعاقلاً، في حال تمّ تأليف حكومة بصلاحيات تشريعية استثنائية لفترة محدّدة ومن خارج المنظومة الحاكمة، لوضع خطة نهوض كاملة شاملة وواضحة، تضع البلاد على مسار الاصلاح والنهوض من الأزمة.
وبالنسبة للقطاع المصرفي، أكّد حمدان انّ هناك خسائر كبيرة ينبغي اطفاءها، «وهو ما يقوم به القطاع حالياً من خلال عملية الاقتطاع المبطّنة من الودائع، من خلال السحب على سعر صرف المنصة، بما يخفّض مطلوبات المصارف ومصرف لبنان دفترياً. واشار الى انّ «من يتحمّل مسؤولية الانهيار الحالي هو نفسه من منع اقرار قانون «الكابيتال كونترول»، وهو نفسه من منع اتمام التدقيق الجنائي، وهو من يتلاعب بالادوات النقدية، بطريقة تفرض على كافة المودعين تحمّل الخسائر بشكل متساوٍ».
وختم حمدان مشدّداً على انّ الحلّ الاسرع والطريق الاقصر اليوم «هو تشكيل حكومة بإصلاحات استثنائية لمدّة 12 الى 20 شهراً، تعطى كامل الحرية لإقرار التشريعات والقوانين حيث ما تدعو الحاجة، لمعالجة الاوضاع الاستثنائية، «وإلّا، لا خلاص أبداً من دون ذلك، لأنّ من توّلى الحكم طوال فترة ربع قرن أنفق 260 مليار دولار عبر القطاع العام، ولم ينجح في بناء مرافق عامة ولا كهرباء ولا بنية تحتية ولا نقل عام وغيرها...».