
مما لا شك فيه ان الشعب اللبناني شعب مثقف على مختلف الأصعدة، وخصوصاً على الصعيد التاريخي والجغرافي للبلدان المجاورة وحتى بلدان العالم أجمع. ولكن، وبما أن وسائل التواصل الإجتماعي في معظم الأوقات تنحاز لدولة دون أخرى، علينا ان نشيرإلى بعض التفاصيل عن الدولتين والشعبين المعنيين في الصراعات الضارة التي تحصل في شمال جبال القوقاز. كذلك علينا أن نشرح بعض المعلومات المتعلقة بجمهورية اذربيجان واقليم ارتساخ / ناغورني قره باغ التابعة لجمهورية أرمينيا.
اقليم ناغورني قره باغ (الذي يعني قره باغ الجبالية باللغة الروسية) جزء من ارمينيا التاريخية التي كانت مساحتها 400.000كلم2 وهو وطن الأرمن أجمعين أرمن الشتات ضمناً.
وكانت هذه المنطقة تسمى «ارتساخ» وهي كلمة مركبة باللغة الأرمنية ومعناها غابة الالهة آرا.
بما أن الارمن هم أول شعب الذين اعتنقوا المسيحية ديناً لدولتهم عام 301 هذا دليل واضح ان ارتساخ كان ملك الأرمن قبل عام 301 عندما كانوا لا يزالون يعبدون الآلهة.
ولكن وبعد حروب على ارتساخ الأرمنية من قبل مجموعات السلاجقة والتتر والتركمان والفرس في القرن الرابع عشر وبعد استيلائهم عليها، غيّر الغزاة إسم آرتساخ الى قرة باغ (الذي يعني الكرمة السوداء باللغة التركية) ليغيّروا هوية الأرض التاريخية، الى ان انضمت أراضي ارتساخ الى روسيا القيصرية عام 1813.
وفي عام 1913 وبسبب هذه الخلافات الحدودية، ضم جوزيف ستالين منطقة قره باغ الى منطقة اذربيجان واعلن مدينة باكو عاصمتها ثم اعطاها حكماً ذاتياً مما سبب خلافات عدة بين سكان قره باغ الأرمن وسكان اذربيجان الذين هم من مختلف المناطق والعرق والطوائف، لأن سكان اذربيجان كانوا خليطاً من الترك والسلاجقة والتتر والفرس اللذين اتوا من مختلف المناطق مثل تركيا وبلاد الفرس. (الجدير بالذكر ان سكان أذربيجان هم من الطائفة الشيعية بنسبة 85% و15% من الطائفة السنية).
وفي عام 1988 زادت الخلافات ودارت معارك عدة بين سكان قره باغ وسكان اذربيجان وقد استطاع الأرمن تحرير منطقة قره باغ التاريخية من الأذربين بمساعدة أرمن الشتات وبقيادة الفدائيين الأرمن الذين أتوا من دول في العالم وعلى رأسهم الشهيد الأرمني الأميركي الأصل مونتي ملكونيان حتى شهادته في 1993 حين حرر مونتي والشهيد فاسكين سركيسيان، قائد القوات الأرمنية مع آلاف الفدائيين الأرمن هذه المنطقة وسقط أكثر من 25000 شهيداً من الطرفين.
وفي عام 1994 تم التوصل الى هدنة من خلال مجموعة منسك، وهي تضم الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، وفرنسا، ولكن للأسف الشديد لم تحقق مجموعة منسك اي إنجاز منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.
تتمتع ارتساخ بكامل المواصفات للدولة المستقلة، عاصمتها ستيباناغيرد مساحتها 4400كلم2 وعدد سكانها 150.000 نسمة . لديها 7 محافظات و70 كنيس، تجري فيها انتخابات ديمقراطية منظمة مرة كل 5 سنوات ورئيسها هو ارايك هاروتيونيان. ولكن ورغم أن لديها كامل مواصفات الدولة المستقلة منذ 1991، لم يتم الإعتراف بارتساخ كدولة مستقلة حتى الآن.
ماذا عن دولة اذربيجان؟
في عام 1915 ولأول مرة وضع بلاد الفرس والتتر والترك والسلاجقة كدولة مستقلة على خريطة العالم. أما إسم اذربيجان تأرّخ عام 1930. وهي اعتنقت الإسلام ديناً للدولة بعد الفتح الاسلامي للقوقاز وبلاد فارس على يد الخلفاء الراشدين سنة 1236. أما السلاجقة فقد استولوا على منطقة الحرصان واصفهان في بلاد فارس ووصلوا الى اذربيجان. حينها تم ضم أذربيجان الى بلاد الفرس المحتلة.
وفي اواخر سنة 1300 دارت الحروب باستمرار بين ابناء شاه الايراني والتتر والسلاجقة والتركمان في منطقة جبال القوقاز الى حين سيطرة روسيا القيصرية على اذربيجان ابتدءاً من 1803. وقد حدثت انتفاضات كثيرة ومعارك عنيفة بين سكان اذربيجان والروس الى ان اخذت الجمهورية الاذربيجانية استقلالها عند سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991 بقيادة اياذ موطليبوف.
نستطيع ان نستنتج ان المعارك كانت قائمة بين اقليم قره باغ وجمهورية اذربيجان منذ قرون، ولكن الفارق بين المنطقتين هي أن اقليم قره باغ اقليم صغير مقارنة مع جمهورية أذربيجان وعدد سكانه أقل بكثير من عدد سكان اذربيجان. ولكن ارتساخ دولة ارمنية بحت، سكانها ينتمون الى عرق واحد، وديانة واحدة وتاريخ واحد. ولهذا السبب ليس فقط الجيش الأرمني يقاتل على جبال ارتساخ، بل الشعب الأرمني الأجمع في جميع أنحاء العالم يهرعون الى بلادهم الأم للحفاظ على اراضيهم.
اما الجمهورية الأذربجابينة، بما انها تتألف من أعراق وطوائف وشعوب مضطرة لإستقدام جنود مأجورين من الجهاديين السوريين بتمويل من الدولة التركية.
واللافت ان ايران تساعد الأرمن رغم ان سكان الجمهورية الاذربيجانية هم من الفرس 85%. واللافت اكثر ان الدولة التركية وهي دولة سنية، تساعد دولة اذربيجان الشيعية ضد الأرمن الذين اضطهدوهم منذ الحرب العالمية الاولى. وبما ان ليس هناك صديق دائم ولا هناك عدو دائم في السياسة، بل هناك مصلحة سياسية مشتركة، فالدولة التركية مستعدة لمساعدة اذربيجان ولو أن اصل سكانها شيعة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تتدخل مجموعة مينسك لوقف العدوان وهدر الدماء؟








