إمّا حوار يترجم انتصار انتفاضة العدالة، أو فضّوها!
إمّا حوار يترجم انتصار انتفاضة العدالة، أو فضّوها!
العميد الدكتور علي عواد
Saturday, 19-Sep-2020 06:37

لا حوار.. العنف آتٍ

«... إنّ الحوار غير ممكن (...) حين يكون من غير المحتمل إيجاد أرضية مشتركة، وقد يتعرض الحوار للخطر نظراً لأنّ بعض الجهات الفاعلة قد تسعى لاستغلال القوة التي تستطيع استخدامها (...) او حين تكون بعض الجماعات الرئيسية مفكّكة او تفتقر الى التلاحم الداخلي او الارادة او القدرة على المشاركة، أو حين تنوي الاحجام عن المشاركة...». (كتاب الحوار الوطني الصادر عن دولة سويسرا - ايلول 2017).

في المقاربة والمقارنة، نقول:

• أولاً:

- لا أرضية مشتركة تعترف بها كل مكونات أو اطراف الحوار اللبناني المفترض، أقلّه حتى اليوم.

- بعض أحزاب الحكم تستغل قوة الأمر الواقع في الساحات كما في مواقعها السلطوية.

- مكونات انتفاضة العدالة 2019 مفككة ومشرذمة وتفتقر الى تنسيقية موحدة أو رؤية واضحة أو بوصلة هادفة.

- بعض أحزاب السلطة وغالبية مكونات انتفاضة 17 تشرين لا تمتلك إرادة المشاركة في الحوار على قاعدة جوهانسبورغ كما ندعو دائماً، فكيف بالقدرة!

• ثانياً:

يقول طاغور: «العنف هو الملجأ الوحيد للعقل المحدود».. نضيف: وكل عقل دون حوار هو عقل محدود.

لن يكون هناك من حوار في لبنان.. إذاً، هل نحن في انتظار العنف؟ وخطر فلتان أمني قد يكون «مُبرمجاً!»؟ وفوضى «مخططة» وشغب «ممسوك!» قد يصبح دموياً؟.

هل انّ اللبنانيين قريباً هم أمام ظاهرة عنفٍ متنقل بحدودٍ متحركة على مساحة الوطن؟ نعتقد ذلك.

المعتدلون والتغيير في العام 2022

بعد أن تمّ إجهاض زخم «انتفاضة العدالة 2019» عبر: الدَسّ الذكي، العنف المبرمج، الشغب «المنظّم!» المسبق الدفع، التحقيقات المفبركة، الاستدعاءات غبّ الطلب والترهيب والترغيب، الاشتباكات المسلحة والتوترات الأمنية المُستحضَرة، الإغراق الاعلامي السّام... يقتضي العمل على نشر وزرع ثقافات الانتفاضة والثورة والمواطنة والاعتدال والحوار والتغيير لدى الجماهير؛ منذ الآن ولمدة كافية لكي يكون الحصاد مؤكّداً في العام 2022.

لا تغيير وإصلاح في اتجاه العدالة خارج هذا المبدأ وهذه الرؤية... إنّ التغيير في اتجاه بناءِ دولةٍ ووطن غير مستحيل، ولكن يلزمه رؤية علمية وفكر نيّر يمتلك أموراً أربعة: القوة الناعمة، القدرة على الحوار الصلب، الصبر الطويل والاستعداد الكبير للتضحيات الكبيرة.

إمّا حوار يترجم انتصار انتفاضة العدالة، أو فضّوها!

سأختصر بحثاً علمياً من 125 صفحة بأسطر عدة:

تتلاقى «المكوّنات»- زعماء ومسؤولون وقادة رأي و»شعوب»ـ فتمثّل على بعضها وتتكاذب وتتقاسم المخزونات المريضة والموروثات المستعارة... شروخ مُعمّرة داخلها وبينها تَظهرُ للباحث العلمي جلياً رغم الأقنعة والقفازات.

ويبرز السؤال المصيري: إلى متى التكاذب والرقص على الفساد والذل والمهانة والفقر والعنف والجهل والتخلف والتبعية وضياع الهوية والارتهان؟

... بالعربي «المشبرح!» المستند الى خلاصة بحثية علمية ثابتة: إمّا على انتفاضة العدالة 2019 أن «تهجم» بقوة ورؤية سليمة وبوصلة واضحة وفق أنموذج جوهانسبورغ وتنتصر، أو: فُضّوها سيرة بَقى!!!

فُضّوا الشراكة، نعم! فضّوها بالحلال جميعكم، «اطلعوا» من مفرداتكم الكاذبة: اللحمة الوطنية، الانصهار الوطني، الحضارة، التعايش، العيش المشترك، الاشعاع والنور و(هالكَم أرزة الشاغلين الكون)...

أبقوا ورابطوا وانزرعوا في الأرض نفسها واستمسكوا بالجذور نفسها و»الوطن» الحلم عينه، ولكن ليكن لكل مكوّن منكم روحه وجوهره وربه وملائكته وجنته وناره، وكذلك رفوف محله وطاولته و»جواريره»!!! فضّوها «عالبارد»، اليوم، بعقول باردة وقلوب منفتحة: نظام لامركزي أو فدرالي أو كونفدرالي أو اتحادي او اي تسمية أخرى، لا فارق. المهم فضّوها بالقانون. وإلّا قد تضطرون غداً الى فضّها «عالساخن» بعقول نارية وقلوب منغلقة، وبلا قانون، وقد تدخل «الغيتوات» و»شلل الأحياء» و»القطعان» و»الرؤوس الحامية» والعصابات والعشائر في نزاعات أهلية ومناوشات متنقلة بحدود متحركة، بتآمركم أو برضاكم أو غصباً عنكم... والوطن الى زوال حتمي، وشباب «شعوبكم» الى هجرة وتشتّت وتخبّط وضياع...

فضّوها! وفق نظريات العلوم السياسية والاجتماعية الحديثة ونماذجها وتجاربها وخبراتها..

فضّوها! وليكن لكم أجمل وأغنى وطن في العالم، «شعوبه» مسالمة تحب الحياة جديرة بها، ستحب بعضها أكثر وستثق ببعضها أكثر وستتسانَد وتتساعَد في عيشها أكثر من اليوم، وقد تتظاهر في الساحات عام 2030 لتطالب بشراكة أعلى وأغلى وأسمى وأرقى، وذلك بعد تنقية الدم من سموم المزارع وأفك «شرعة حقوق العصابات!»...

إنه علم نفس الجماهير وقواعده الحديثة: أخلاقيات الجماهير وسلوكها في الأزمات الأهلية، تأثيراتها ومبالغاتها وتطرفها بين الشك والبرهان، تخيلاتها ومعتقداتها وعلاقتها بتكوين الرأي العام، حركيتها وظاهرة الافلات من العقاب... راجعوا علم نفس الجماهير! وستدركون صحة كلامنا..

لا تترددوا! مساحة الخيارات تضيق رويداً رويداً، وغداً قد تنعدم.

إمّا حوار يترجم انتصار الانتفاضة العاقلة، أو فضّوها بالحلال! نعم، فضّوها!

#انتفاضة_العدالة_والاعتدال

theme::common.loader_icon