حاسبوا النظام التربوي
حاسبوا النظام التربوي
د. جورج حرب
Saturday, 19-Sep-2020 06:35

 

الأزمة اللبنانية بكلّيتها، تتأتى من نظام وُلد ليستنبط الأزمات، لأنّ التربية في لبنان، تؤسس لمواطنين متناقضين، في حين أنّ من واجبها أن تؤسّس لمواطن واحد فقط.

 

ماذا فعلت التربية في لبنان، حين خرّجت في جبل لبنان من يؤمن بلبنان الغربي، وعينه على البحر وما وراءه، وخرّجت في البقاع من يعتبر امتداد السلسلة الشرقية حاجزاً بينه وبين سوريا التي يريد، وخرّجت في الشمال من آمن بإمارته البعيدة عن الدولة، وخرّجت في الجنوب من ينظر بعين نحو عدو مجرم، وبعين أخرى يرقب مجتمعاً لبنانياً لا يكترث له، وخرّجت أطفال مخيماتٍ وأطفال نزوحٍ وأطفال سياسةٍ وأطفال إدارات، في حين، أنّها وجبت تخريج طالب واحد في مواطن واحد مؤمن بلبنان.

 

إسألوا عن وزراء التربية الذين تعاقبوا على الوزارة منذ الإستقلال حتى اليوم، إسألوهم عن مشروعٍ تربويٍ واحدٍ أنجزوه، من شأنه أن يوحّد الرؤيا بين اللبنانيين، إسألوهم عن منهج تربويّ واحد قدّموه، من شأنه أن يعزّز فكرة لبنان الكيان النهائي، إسألوهم!

 

من غير المقبول أن لا يتحدث إبن الأشرفية إلاّ اللغة الفرنسية، وابن الحمرا اللغة الإنكليزية، وابن البقاع ضائع بين اللغتين من جهة، ولغة السلاح ولغة المطاليب ولغة الإختطاف من جهة ثانية، من غير المقبول أن يجد بعض أبناء الشمال أو قلّة من الشمال في «داعش» مشروعاً لهم، ولا أبناء الجنوب والبقاع في إيران خلاصاً لهم، ولا أبناء الجبل في فرنسا خلاصًا لهم، في حين وجب أن يدركوا جميعًا، أنّ خلاصهم الوحيد يكمن في لبنان.

 

إسألوا وزراء التربية المغفلين، الذين لم يشعروا يومًا بثقل المسؤوليّة التي بين أيديهم، وحاسبوهم على تلكئهم في معالجة جروح وطن تنزف منذ قرن، لم يقدّموا لنا إلّا الفشل، في التوظيف والإدارة والمناهج والبناء، حتى أكاد أجزم أو حتى أقسم، بوجود قرارات دوليّة صلبة ومصرّة، على أن لا يأتي وزراء للتربية إلا أغبياء أو متخلّفين أو كسولين أو فاسدين أو طائفيين، وأحيانًا اجتمعت كل تلك الصفات بهم.

 

إذا أردنا المحاسبة الحقّة، لا نضيع وقتنا كما يحصل اليوم في التدقيق المالي في مصرف لبنان وفي شتى الوزارات، أنشئوا لجنةً للتدقيق التربوي في قرارات الوزراء، واكتشفوا حينها أنّها السبب لكلّ آفاتنا التي كادت أن تقضي أو قضت على لبنان.

 

theme::common.loader_icon