تحقيق لـ«فرانس برس»: مرفأ بيروت مرتعٌ للفساد
تحقيق لـ«فرانس برس»: مرفأ بيروت مرتعٌ للفساد
Thursday, 17-Sep-2020 09:16
نشرت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) تقريراً شاملاً سلّطت فيه الضوء على الفساد الذي كان مستشرياً في مرفأ بيروت قبل انفجار الرابع من آب. وجاء في التقرير:

في مرفأ بيروت، تهريب وتهرّب ضريبي ورشاوى وأرباح مناقصات ومزادات علنية مشكوك بها، ورواتب خيالية يستفيد منها موظفون على مستوى رفيع محسوبون على القوى السياسية.

 

وفيه أيضاً، «خط سريع» لـ«حزب الله»، القوة السياسية الأبرز في لبنان التي تحتفظ بسلاحها الى جانب الجيش، تمكّنه من تمرير ما يريد من دون رقيب، وصفقات تعود بالفائدة على مسؤولين وموظفين محسوبين على قوى سياسية باتت شريحة واسعة من اللبنانيين تطالب برحيلها.

 

ويقول الباحث محمد شمس الدين من مركز «الدولية للمعلومات»، الذي نشر دراسات عدة حول الفساد والتهرّب الضريبي في لبنان لوكالة «فرانس برس»، «يُعدّ المرفأ من أكثر المرافق فساداً»، مضيفاً: «ليست هناك رقابة فعلية من الحكومة عليه، سواء على جباية الأموال أو إنفاقها».

 

ويقول شمس الدين: «نظام المحاصصة ذاته في الدولة ينطبق على المرفأ».

 

- «خط عسكري»، يستخدم «حزب الله»، القوة السياسية الأبرز في لبنان، المرفأ لتمرير بضائع لصالحه أو لصالح رجال أعمال محسوبين عليه، وفق مصادر عدة.

 

ويقول رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر لـ«فرانس برس»: «من المعروف أنّ هناك بضائع للمقاومة (حزب الله) تمر عبر المرفأ والمطار»، عدا عن المعابر الحدودية.

 

يضيف: «في المرفأ كما في المطار، لديه خط عسكري تمرّ عبره البضائع والسلع من دون تفتيش أو رقابة»، موضحاً «خط المقاومة هذا هو نتيجة اتفاق ضمني مع السلطات على ألا يقترب منه أحد». ولا تقتصر «الأعمال» في المرفأ على «حزب الله».

 

ويسمّي تقرير أعدّه جهاز أمني قبل أشهر واطلعت وكالة «فرانس برس» على نسخة منه، بالإسم خمسة موظفين على الأقل في مفرزة الجمارك في قسم معاينة البضاعة، «يُمنع استبدالهم»، وفق ما ورد فيه. ويورد بالتفصيل تبعيتهم لمسؤولين محسوبين بدورهم على قوى سياسية (التيار الوطني الحر، حزب الله، حركة امل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، تيار المستقبل، حزب القوات اللبنانية).

 

ويفصّل التقرير كيفية تقاضيهم وغيرهم من موظفي المرفأ الرشاوى لقاء معاملات إخراج البضائع من المرفأ. ولا يجزم الخبراء إن كانت هذه المداخيل غير القانونية تستفيد منها الأحزاب مباشرة، أو فقط الموظفون المحسوبون عليها.

 

تهرّب وتهريب

 

حتى وقوع الانفجار، كان لبنان يعتمد في غالبية عملياته التجارية على المرفأ الذي تمرّ عبره أكثر من 70 في المئة من البضائع المستوردة، في بلد يعتمد أساساً على الاستيراد.

 

وتبلغ إيرادات إدارة المرفأ السنوية نحو 220 مليون دولار يعود منها 60 مليوناً فقط إلى خزينة الدولة، وفق شمس الدين، الذي يوضح أنّ الباقي يفترض أنّه يُستخدم للرواتب والأجور ولتطوير مرفأ، «إلّا أننا فعلياً لا نعرف إلى أين يذهب».

 

أما في ما يتعلق بالجمارك، فيُقدّر حجم التهرّب الجمركي سنوياً، وغالبيته من المرفأ، بين مليار وملياري دولار، في بلد راوح العجز في الموازنة فيه خلال العامين الماضيين بين 5 وأكثر من 6 مليارات دولار.

 

ويشير شمس الدين، الى أنّ عمليات التهريب تتمّ في معظم الأحيان «عبر جمعيات خيرية وهمية تستحصل على مرسوم من الحكومة يعفيها من الرسوم الجمركية.. فيما يعرف الجميع حقيقة الأمر».

 

ويبيّن التقرير الأمني، أنّ موظفي المرفأ من أصغرهم إلى أكبرهم وعناصر الأجهزة الأمنية الذين يعملون فيه أيضاً، يتلقون رشاوى تتنوع بحسب البضائع التي يسرّعون تمريرها أو يخفّضون رسوم مرورها أو يغضّون النظر عنها.

 

على سبيل المثال، يتقاضى، وفق التقرير، رئيس كل فرقة مشرفة على المدخل الرئيسي للمرفأ 200 ألف ليرة عن السيارة المستعملة لتسهيل خروجها. ويتقاضى آخرون في الجمارك أيضاً حصتهم على السيارة المستعملة، ومهمتهم تخفيض قيمتها في عملية التقييم، وبالتالي تقليل كلفة الضريبة عليها.

 

أما ما هو أخطر من ذلك، فهو «الممنوعات» كالسلاح والمخدرات مثلاً، التي تهرّب أحياناً داخل سيارات مستعملة، وفق التقرير.

 

والمفارقة، أنّ جهاز الكشف بالأشعة السينية، «السكانر»، الوحيد في المرفأ، معطل.

theme::common.loader_icon