ما سبب «غباء» التعجيل بلقاح فيروس كورونا؟
ما سبب «غباء» التعجيل بلقاح فيروس كورونا؟
Tuesday, 08-Sep-2020 08:07

يحذر خبراء اللقاحات من التسرّع في استخدام لقاح ضد فيروس كورونا قبل أن تظهر الاختبارات أنه آمن وفعّال، علماً أنّ قلق خبراء اللقاحات، من أنّ إدارة الغذاء والدواء الأميركية قد تتحرّك بسرعة كبيرة، قد ازداد عندما صرّح مفوّض إدارة الغذاء والدواء، الدكتور ستيفن هان، أنّ الإدارة يمكنها أن تفكّر في الحصول على ترخيص استخدام طارئ للقاح ضد «كوفيد-19» قبل اكتمال التجارب السريرية في المرحلة المتأخرة، في حال أظهرت البيانات أدلة قوية بما يكفي من شأنها حماية الناس.

 

يملك المفوض سلطة السماح باستخدام المنتجات الطبية غير المعتمدة في حالات الطوارئ عندما لا تتوفر بدائل مناسبة أو معتمدة، ولا يُعدّ ترخيص الاستخدام في حالات الطوارئ مماثلاً للموافقة الكاملة، ويمكن سحبه.

 

وهذا ما حدث في سيناريو عقار الهيدروكسي كلوروكين والكلوروكين، حينما منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية ترخيص الاستخدام الطارئ للعقارين في 28 آذار الماضي. وألغي الترخيص الخاص بهما في حزيران الماضي، بعد أن أظهرت الدراسات عدم فعاليتهما وتسببهما بمشاكل خطيرة في القلب.

 

الموافقة على اللقاح

وحتى تتم الموافقة على لقاح من قبل إدارة الغذاء والدواء، يجب على العلماء جمع بيانات كافية من خلال التجارب السريرية بأعداد كبيرة من المتطوعين لإثبات أنه آمن وفعّال في حماية الناس من المرض.

 

ويعدّ مَنح ترخيص الاستخدام الطارئ عملية أسرع بكثير، وقد حدثت مرة واحدة فقط من قبل عندما أعطت إدارة الغذاء والدواء لقاحاً بهذه الموافقة الأقل قياسية على الاستخدام الطارئ، ولكنها كانت في ظروف غير عادية. وحينها، رفع الجنود دعوى قضائية، زاعمين أنّ لقاح الجمرة الخبيثة الإلزامي جعلهم مرضى، وأوقف القاضي برنامج اللقاح.

 

وطلبت وزارة الدفاع ترخيصاً طارئاً تجاوز بعد ذلك حكم المحكمة في عام 2005، حتى تتمكن من مواصلة إعطاء اللقاح للأفراد العسكريين، على أساس تطوعي.

 

وخلافاً لذلك، يجب أن تمر اللقاحات خلال عملية التجربة السريرية بأكملها وعملية موافقة إدارة الغذاء والدواء، والتي قد تستغرق شهوراً أو سنوات.

 

وفي 12 نيسان عام 1955، أعلنت الحكومة الأميركية عن أول لقاح لحماية الأطفال من شلل الأطفال. وفي غضون أيام، أصدرت المعامل آلاف من جرعات اللقاح. واحتوَت دفعات من إنتاج شركة واحدة «Cutter Labs»، عن طريق الخطأ على فيروس شلل الأطفال الحي، ما تَسبّب في تفشي المرض. وحصل أكثر من 200 ألف طفل على لقاح شلل الأطفال، ولكن في غضون أيام اضطرت الحكومة إلى التخلي عن البرنامج.

 

وقال الدكتور هوارد ماركيل، طبيب الأطفال ومدير مركز تاريخ الطب في جامعة ميشيغان، إنّ 40 ألف طفل أصيبوا بمرض شلل الأطفال،

 

وكان لدى بعضهم مستويات منخفضة من المرض، وأصيب بضع مئات بالشلل، وتوفي منهم حوالى 10.

 

وعلّقت الحكومة برنامج التطعيم حتى تتمكن من تحديد الخطأ الذي حدث. ومع ذلك، فشلت الرقابة المتزايدة في اكتشاف مشكلة أخرى مع لقاح شلل الأطفال. ومن عام 1955 حتى عام 1963، كان ما بين نسبة 10% و30% من لقاحات شلل الأطفال ملوّثة بالفيروس القردي 40، «SV40».

 

وقال عالم الأنثروبولوجيا الطبية لوشلان جين إنّ الطريقة التي استعملوها لزراعة فيروس اللقاح كانت على أنسجة القرود، علماً أنه تمّ استيراد عشرات الآلاف من قرود المكاك الريسوسية من الهند. وأضاف جين، الذي دَرّس تاريخ دورة اللقاحات في ستانفورد، إنّ القرود كانت محبوسة معاً في أقفاص، وفي هذه الظروف أصيب العديد منها بالمرض وانتشرت الفيروسات بسرعة.

 

واعتقد العلماء خطأً أنّ مادة «الفورمالديهايد» التي استخدموها ستقتل الفيروس. وقال جين: «لقد تمّ نقل العدوى إلى ملايين الأميركيين».

 

ويعتقد كثيرون أنّ هذه القضية لم تتم متابعتها بشكل كاف، «وأظهرت بعض الدراسات وجود صلة محتملة بين الفيروس والسرطان. ومع ذلك، قال موقع المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض، إنّ معظم الدراسات «مطمئنة «ولا تجد أيّ رابط.

 

ولا توجد لقاحات حالية تحتوي على فيروس «SV40»، بحسب ما ذكرته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ولا يوجد دليل على أنّ التلوّث أضَرّ بأي شخص.

 

وقال ماركيل إنّ عدم ثقة الناس في النظام يجعل من فكرة إدارة الغذاء والدواء في تسريع عملية الموافقة على اللقاح قبل أن تكتمل التجارب السريرية في المراحل المتأخرة «غبية للغاية».

 

وقال ماركيل: «كل ما يتطلبه الأمر هو أحد الآثار الجانبية السيئة لفشل برنامج لقاح نحتاجه بشدة ضد هذا الفيروس»، مضيفاً أنّ الأمر أشبه بوصفة طبية لكارثة.

 

وأكد مفوض إدارة الغذاء والدواء انّ قرار اللقاح سوف يستند إلى البيانات وليس السياسة، لكنّ كينش يشارك ماركيل قلقه. وقال كينش، وهو مريض يشارك في إحدى تجارب اللقاح، إنّ عملية التجربة السريرية يجب اتباعها حتى النهاية.

 

وقد يؤدي الاستخدام الطارئ المبكر للقاح ما إلى «سيناريو مرعب» لعدة أسباب.

 

أولاً، قد لا يكون اللقاح آمناً. وثانياً، إذا لم تكن اللقاحات آمنة سيفقد الناس الثقة في اللقاحات. وثالثاً، إذا كان اللقاح لا يوفر حماية كاملة فسيتكوّن لدى الناس شعور زائف بالأمان ويزيد بالتالي من المخاطر. ورابعاً، إذا حصل لقاح دون المستوى على ترخيص استخدام طارئ فقد لا يحصل اللقاح الأفضل على الموافقة أبداً، لأنّ الناس سيترددون في التسجيل للمشاركة في التجارب ويخاطرون بالحصول على دواء وهمي بدلاً من اللقاح.

theme::common.loader_icon