من تحت أنقاض الوضع الاقتصادي - الاجتماعي المتهالك، وجّه النائب العميد شامل روكز، بإسمه الشخصي وبإسم «حركة الإنقاذ الوطني»، التي تضمّ عسكريين متقاعدين، دعوة الى التظاهر في ساحة الشهداء عند الرابعة بعد ظهر اليوم. فما هي أبعاد هذا التحرّك ومن يستهدف؟
يخوض روكز، الذي سبق له ان اختبر كل أنواع القتال، مواجهة من نوع آخر، لا تشبه سابقاتها. هذه المرة، يقاتل المغوار المتقاعد على جبهة واسعة تضمّ مختلف قوى السلطة ومن ضمنها التيار الوطني الحر، الذي كان يشكّل حاضنته السياسية والشعبية، قبل أن يقع الفراق بين الجانبين.
منذ فوزه بالنيابة على لائحة التيار الحر في كسروان، راح روكز يتدرج في وتيرة التصعيد، إلى أن اتخذ قراره بالانخراط في معركة «كسر عظم» ضد الفريق الحاكم بكل تلاوينه، خصوصاً بعد انتفاضة 17 تشرين الاول، ما عرّضه لهجوم حاد من قِبل شريحة من مناصري التيار الحر، اتهمته بالغدر والخيانة، بعدما ادرجت مواقفه في خانة الانقلاب على الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل، والتحالف مع خصومهما.
الاّ انّ روكز لم يتأثر بالحملة التي تعرّض لها، بل اندفع اخيراً نحو إظهار شراسة اكبر في المواجهة السياسية، على الرغم من صلة القربى العائلية التي تربطه بعون وباسيل.
ويقول روكز لـ «الجمهورية»، انّ هناك حالة من الوجع والغضب والقرف واليأس تعم جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم، وليس فقط جمهور ثورة 17 تشرين الأول، «والمفارقة انّ احداً في السلطة مش فارقة معو. وكأنّ الطبقة الحاكمة فقدت اي صلة بواقع الناس وهمومهم، وانا انبّه الى انّه اذا استمر الوضع في سلوك هذا المنحى الانحداري فسنكون خلال شهري آب وايلول امام موجة هجرة غير مسبوقة للشباب اللبناني».
ويوضح روكز، انّ التحرّك الشعبي الذي دعا الى المشاركة فيه اليوم، يهدف من جهة الى الضغط على السلطة، ومن جهة أخرى الى اعطاء الناس الغاضبين فرصة للتعبير عن نقمتهم على الوضع بطريقة سلمية ومنضبطة، من دون تحطيم الأملاك العامة والخاصة ولا قطع الطرقات، «بحيث نعيد النضارة الى الثورة ونقدّم نموذجاً حضارياً عنها».
ويعتبر روكز، انّ تظاهرة اليوم هي صرخة موجّهة ضدّ كل التركيبة الحاكمة بلا استثناء، «بدءاً من الحكومة «المبلطة»، الى كل المستويات الاخرى في السلطة».
ويضيف: «نعم.. لا استثني احداً، مني وجرّ، إذ اننا كنواب «ما طلع من أمرنا شي»، وبالتالي انا احمّل نفسي جزءاً من المسؤولية عن الأزمة المتفاقمة، مروراً بالسلطة التنفيذية، وصولاً الى رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر، الممثل بحصّة وازنة في الحكومة الفاشلة، وصاحب التجربة الطويلة ولكن المخيبة للآمال في وزارة الطاقة، التي كانت ولا تزال تستنزف الخزينة وتشكّل احد مزاريب الهدر الكبيرة، شأنها شأن وزارات أخرى كالاتصالات، وصندوق الجنوب وصندوق المهجرين ومجلس الإنماء والاعمار، وغيرها من مكامن الهدر والفساد في الدولة، من دون أن نغفل أيضاً ارتكابات المصارف والبنك المركزي».
ويتوقف روكز عند «المماطلة المريبة» في التعاقد مع شركة للتدقيق المالي، «الأمر الذي يؤشر الى أنّ هناك من يزعجه هذا التدقيق، ويحاول استبعاده او تأخيره تخوفاً من تبعاته ونتائجه».
ويلفت روكز الى انّ المطلوب فوراً تغيير الحكومة الحالية، التي اخفقت في مواجهة التحدّيات، بعدما اخذت فرصتها، مطالباً بتشكيل حكومة من المستقلين الأكفاء بصلاحيات استثنائية، تنفّذ الإصلاحات، التي من دونها لا امكان للحصول على دعم دولي للبنان، وتضع قانون انتخاب جديداً، يمهّد لانتخابات نيابية تفرز مجلساً مختلفاً، لانّ القانون الحالي سيعيد إنتاج التركيبة نفسها.
ويحذّر روكز من أنّه اذا لم يحصل التغيير سريعاً ولم يتمّ إحداث الصدمة الايجابية قبل فوات الاوان، «سنكون امام احتمالين أحلاهما مرّ، فإما يفرغ لبنان من شبابه وطاقاته ويُصاب بالشيخوخة والتصحّر، وإما يقع الانفجار الكبير، من خلال اندلاع ثورة عنفية، لن تستطيع القوى العسكرية والامنية السيطرة عليها، ما سيسمح بعودة حكم الميليشيات التي يبدو أنّ لدى البعض حنيناً اليها».
ويؤكّد روكز انّ الدعوة إلى التظاهر في ساحة الشهداء اليوم تشمل جميع اللبنانيين المدعوين الى رفع الصوت عالياً بدل الاستسلام لليأس. لكنه يلفت في الوقت نفسه الى انّ العدد ليس هو معيار هذا التحرّك، «بل المهم ان نوصل الرسالة، وان نعيد تصويب وجهة الانتفاضة الشعبية، بعيداً من الفوضى والعنف».
َوتعليقاً على مطالبة البطريرك الماروني بشارة الراعي بحياد لبنان، يشدّد روكز على انّه لا يجوز أن يكون هناك حياد إزاء خيار العداء لاسرائيل ودعم القضية الفلسطينية، لافتاً الى تأييده للمفهوم الذي شرحه الراعي بعد لقائه الرئيس ميشال عون، والمستند الى قاعدة تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية، «لأن اللي فينا مكفينا».