لاحظ المستهلكون اعتباراً من الأسبوع الماضي انخفاضاً في بعض أسعار السلع الغذائية، لا سيما منها الأرز والعدس والفاصولياء والحمص والسكر وحليب الأطفال والزيوت، وقد تراوحت نسبة الدعم لهذه السلع بين 8 و50 في المئة. وتتجّه حالياً وزارة الاقتصاد الى توسيع مروحة المواد الأساسية الغذائية المدعومة، لتشمل 200 سلعة إضافية، فمن اين سيُؤمّن الدعم لهذه السلّة؟ وماذا ستشمل؟
يُعدّ توسيع السلة الغذائية خبراً إيجابياً للمستهلكين الذين يتبضعون بهستيريا ويخزنون كل شيء بكثرة خوفاً من فقدانها او ارتفاع أسعارها، متأثرة بارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي. لكن السؤال المطروح، من اين سيأتي المركزي بالأموال لدعم هذه السلّة؟ هل من التحويلات المالية المتأتية عبر مراكز تحويل الأموال؟ ام سيضطر المركزي الى استعمال احتياطه من العملات الصعبة، والتي هي أموال المودعين، لتغطية دعم توسيع السلة الغذائية؟ هل هذا الدعم سيكون مستداماً ام هو فقط لشراء مزيد من الوقت؟ وهل من يراقب اذا كان هذا الدعم سيذهب الى مكانه الصحيح ام سيُهرّب قسم منه على غرار ما يحصل مع بقية السلع المدعومة؟
في هذا السياق، أكّد المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر لـ«الجمهورية»، انّ وزارة الاقتصاد بدأت الإعداد لسلة غذائية مدعومة تضمّ نحو 200 سلعة، على انّ هذا الرقم قابل للارتفاع الى 250 سلعة غذائية من ضمنها 20 سلعة سبق وأُعلن عنها. وسيُكشف النقاب عن هذه السلّة في خلال أسبوع الى 10 أيام كحدٍ اقصى، على ان يطلب بعدها من التجار استيراد «ما اتفقنا عليه» ليتأمّن المطلوب خلال شهر من الإعلان عن اللائحة.
وعزا هذا التأخير في اصدار اللائحة، الى التنسيق الجاري بين وزارتي الصناعة والزراعة، من أجل إعطاء الأولوية لحماية الإنتاج الوطني ودعمه. وقال، انّ «الهدف من الدعم ان يدخل المواطن الى السوبرماركت ويؤمّن نحو 90% من حاجاته بسعر مدعوم، على انّ الـ 10% المتبقية غير المدعومة هي للأصناف التي تُعدّ فخمة او من الكماليات، مثل السيكار او الكافيار او المياه الأجنبية...».
وكشف انّ السلّة التي يتمّ اعدادها ستشمل بقية الحبوب، مثل العدس، السكر والبرغل والرز والطحين واللحوم ومشتقاتها والدجاج والسمك والمارتديلا والحليب والفواكه والخضار والشاي والقهوة والنسكافيه، ومساحيق الغسيل والمحارم الورقية، فراشي الاسنان، معجون الاسنان، بطاريات...
وقال أبو حيدر، إنّه طلب من الجمارك تزويده لائحة بأكثر ما يستهلكه المواطنون، وطلب من أصحاب السوبرماركت لائحة بالمشتريات الأكثر مبيعاً، في محاولة من الوزارة لمحاكاة لغة السوق واحتياجات المواطنين، كما هناك توجّه لفرز جناح خاص في السوبرماركت للمنتجات المدعومة، بما يسهّل حياة المواطنين في ظلّ هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها اللبناني.
وعن مصدر تمويل هذه السلّة، يقول أبو حيدر، انّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة سيسعى لتأمين التمويل، من خلال التحويلات المالية التي ترد الى لبنان. وأضاف: «اذا صحّ انّ هذه التحويلات تراجعت بعد فتح المطار، فإنّ كل من سيدخل الى لبنان سيحمل معه العملة الصعبة التي ستضخ بالسوق».
بحصلي
من جهته، يقول نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، انّ أحداً لم يتواصل مع المستوردين لهذه الغاية، وانّهم لم يطّلعوا بعد على لائحة السلع الغذائية التي يجري إعدادها، لتكون مدعومة على سعر دولار 3200 ليرة. وأكّد انّ أي دعم من الدولة مرحّب به، لاسيما في ظلّ الوضع السيئ الذي يمرّ به اللبناني اليوم. لكن السؤال المطروح في المقابل، من اين ستأتي الأموال لهذا الدعم؟ وما هي الميزانية او الأموال التي ستُخصّص لهذا المشروع؟ وما مدى استدامته؟ واضعاً هذه الأسئلة برسم السلطات المعنية. لافتاً الى اننا لسنا أكيدين بعد ما اذا كان سيتمّ تأمين الكلفة الكاملة للسلّة الغذائية المدعومة والصغيرة نسبياً (30 سلعة) والتي بدأنا العمل بها، وبالتالي كيف ستُضاف الى هذه السلة 200 سلعة جديدة ليصبح مجموع السلع المدعومة 230؟
وقال: «انّ البدء باستيراد السلع على دولار مدعوم يستغرق شهراً ونصف الشهر لتصل الى لبنان، فمن يقدّم التطمينات انّ هذه السلع متى وصلت الى لبنان، أي بعد هذه الفترة، سيتوفّر لها الدولار المدعوم؟».
وعمّا يجب ان تتضمّنه السلّة المدعومة، قال بحصلي: «من الصعب تحديد سلّة جديدة من السلع المدعومة. اذ لا يمكن معرفة أي صنف يجب دعمه، بل من الأفضل اجراء مسح شامل لتحديد من هم الأشخاص الذين يجب دعمهم، لأنّ ليس الكل بحاجة الى دعم، الأفضل ترشيد الدعم وليس زيادته».