أوحَت موجة الغضب التي عمّت البلاد إبتداء من ظهر امس، احتجاجاً على الارتفاع الجنوني لسعر الدولار الذي تجاوز الـ6 آلاف ليرة في السوق السوداء، انّ العد العكسي لانهيار اقتصادي ومالي مريع قد بدأ، في ظل جَو سياسي يوحي وكأنّ هناك قراراً بإسقاط «حكومة مواجهة التحديات» قد صدر بعد إقرارها تعيينات مالية وادارية غلبت عليها المحاصصة السياسية وقيل انّ الادارة الاميركية لم تَرتح اليها، ما استدعى زيارة السفيرة الاميركية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وتناقضت الروايات حول الهدف منها وما دار من بحث بين الجانبين خلالها. وقد ترجم الغضب بإقفال الشوارع والطرق في بيروت وضواحيها وكل المناطق، وترافَق مع اعلان بعض جمعيات التجار الاضراب العام وإقفال المحال التجارية والمؤسسات اليوم، استنكاراً لِما آلت اليه الاوضاع وارتفاع سعر الدولار الذي يحمّل المواطن والتاجر مزيداً من الخسائر الجسيمة.
هذا الواقع دفع رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب الى إلغاء مواعيده اليوم وترؤس جلسة طارئة لمجلس الوزراء مخصصة لمناقشة الأوضاع النقدية، عند التاسعة والنصف صباحاً في السرايا الحكومية، على أن تستكمل عند الثالثة بعد الظهر في القصر الجمهوري.
وكانت قد طرحت خلال النهار فكرة ان يدعو دياب قريباً إلى اجتماع استثنائي وموسّع في السرايا الحكومية برئاسته، يضَمّه الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير ووزارتي المال والعدل وممثلين عن الصرافين والاجهزة الأمنية، وذلك للبحث في سبل ضبط التفلّت المستمر في سعر الدولار، على الرغم من كل الإجراءات التي اتخذت حتى الآن لِلجم ارتفاعه، على ان يتخذ رئيس الحكومة خلال هذا الاجتماع مواقف قاسية، ويُسمع بعض الحاضرين «كلاماً من العيار الثقيل»، وصولاً الى التحذير من تنفيذ تدابير زَجرية في حق من لا يطبّق ما سيُتّفق عليه، ومن بينها سحب رخص وزَج المخالفين في السجن.
وأبلغت مصادر رسمية واسعة الاطلاع الى «الجمهورية» انّ «هناك عوامل عدة تقف خلف الهبوط الكبير في سعر صرف الليرة، من بينها التلاعب الحاصل في السوق لأسباب مصلحية وسياسية، وتسريب مبالغ من الدولار الى سوريا التي تمر بدورها في أزمة اقتصادية ومالية حادة، وعدم دخول عملة صعبة الى لبنان نتيجة الاستمرار في إقفال المطار وصعوبة التحويلات من المغتربين، وافتقار مصرف لبنان الى القدرة على التدخل الواسع في السوق تجنّباً لاستنزاف مخزونه من الدولار، حيث انه يكتفي بضَخ مبالغ محدودة لا تكفي لمعالجة الخلل وتلبية الطلب».
ولفتت المصادر إلى «أنّ سعر الدولار وصل أمس إلى 4800 ليرة، وما تردّد عن بلوغه سقف الـ6000 وما فوق ليس سوى شائعات ترمي الى الدفع في اتجاه إسقاط الحكومة، وربما حصلت عملية واحدة في السوق السوداء بهذا السعر».
حقائق وإشاعات حول الدولار
وكان قد سَبق موجة الغضب، أمس، اختلاط الاشاعات بالحقائق، حيث ساد جو من القلق الاوساط الشعبية حيال ما يجري في سوق الصرف، إذ بقي الدولار محلّقاً فوق عتبة الـ5000 ليرة، من دون أن يُعرف تحديداً المدى الذي بلغه السعر في بعض المناطق، وفي فترات محددة. وفيما تبيّن انّ التداول يتم بين 5300 و5400، سَرت شائعات، قال البعض إنها حقائق وليست شائعات، أفادت انّ الدولار وصل في لحظة معينة في منطقة البقاع تحديداً الى 7 آلاف ليرة!
وفي المعلومات، انّ الطلب على الدولار ازداد في اليومين الأخيرين، وبات هناك طلب محلي وطلب سوري على العملة الخضراء. ويتجنّب السوريون شراء الدولار مباشرة من السوق اللبنانية، ويكلفون «متعهدين» يجمعون لهم الدولار حيث يتوافَر.
وتقضي الخطة المتّبعة بأن يبقى المتعهّد على تواصل مع الزبون السوري الذي يبحث عن دولارات، ويعطيه السعر المعروض اولاً بأول، وكلما وافقَ الزبون على سعر جديد أعلى وباشَر المتعهد الشراء، كلما ارتفع سعر الدولار في السوق. ويَتّبِع المتعهدون وسائل تَخَفٍ مبتكرة للافلات من الرقابة الامنية المشددة المفروضة على تجارة الدولار في السوق السوداء.
وهذا الوضع جعل الصرافين الشرعيين بلا عمل، حيث لم يعد ممكناً شراء الدولار وبيعه على السعر الذي حَددته نقابة الصرّافين أمس بين 3890 و3940 ليرة.
وفي ضوء هذا الواقع أصدر حاكم مصرف لبنان مساء بياناً قال فيه: «يتم التداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية بأسعار بعيدة عن الواقع، ممّا يضَلّل المواطنين وهي عارية عن الصحة تماماً».
وذكّر حاكم مصرف لبنان بالبيان الذي أصدره في 9 من الشهر الجاري وفيه: «يُطلب من جميع الصرافين المرخصين من الفئة «أ» أن يتقدموا من مصرف لبنان بطلباتهم لشراء الدولار على سعر 3850 ليرة لبنانية على ان ينخفض تدريجاً الى سعر 3200 ليرة لبنانية. على الصرافين ان يعللوا طلباتهم وأن يذكروا اسم المستفيد. ويقوم مصرف لبنان وخلال 48 ساعة بتحويل الطلبات التي قُدمت من الصرافين، والتي تم الموافقة عليها من قبل المصرف المركزي، الى حساباتهم الخارجية لدى المصارف التي سوف يشير اليها الصراف عندما يتقدم بالطلب الى مصرف لبنان. وتقوم المصارف بتسديد هذه الطلبات وتسليم الاموال نقداً. أمّا في ما يتعلّق بالصرافين غير المرخصين والذين يعملون خارج القانون، فستتم ملاحقتهم ومعاقبتهم تبعاً لقرارات الحكومة ووزارة الداخلية.
يُضاف الى أنّ ايّ صرّاف مرخّص يقوم بالعمل خارج هذه الآلية سوف يُحال الى الهيئة المصرفية العُليا وتُشطب رخصته».
حلاوي
وقال عضو نقابة الصرافين في لبنان محمود حلاوي لـ»الجمهورية»: «نحن كصرافين شرعيين ملتزمين غير معنيين بالاسعار التي يتم تداولها عبر المواقع الالكترونية والـsocial media الى درجة اننا نشكّ في ان يكون وراءها نيّات لضرب العملة الوطنية، وما حصل في الساعات الاخيرة غير بريء ويذكّرنا بما حصل منذ نحو شهر ونصف الشهر عندما سجل الدولار ارتفاعاً بنسبة 25 % في يوم واحد».
وناشَد حلاوي التجار «عدم تشجيع السوق السوداء بشراء ما يحتاجون من الدولارات، وانتظار تسيير مصرف لبنان للأمور»، معوّلاً على «الاجتماع الذي سيحصل في السرايا الحكومية الاثنين المقبل مع رئيس الحكومة حسان دياب والوزراء المعنيين والاجهزة الامنية المعنية لوضع حدّ لهذا التدهور». واضاف: «كذلك نعوّل على مصرف لبنان المركزي لتفعيل الآلية المقترحة وتسهيل تسليم الدولار الى الصيارفة من دون تعقيدات لتلبية حاجات السوق». والى حينه أقرّ حلاوي «انّ السوق السوداء استطاعت ان ترمي الصرافين المرخصين الملتزمين بأسعار النقابة الى خارج التداول وعدم التمكن في أداء دورهم الطبيعي في تأمين حاجات الشركات المستوردة والمواطنين».
مؤشرات خطيرة
في الموازاة برز أمس مؤشران خطيران في الوضع المالي:
ـ المؤشر الاول تمثّل بما كشفه النائب ميشال الضاهر عبر «تويتر» عن إقدام مودع لبناني يحمل الجنسية الاميركية على تقديم دعوى في نيويورك في حق مصرف لبنان و3 مصارف لبنانية، مطالباً بعطل وضرر لا يقل عن 150 مليون دولار. وتخوفت مصادر قانونية، في حال وصول الدعوى الى مرحلة إصدار الحكم، أن تشكّل فاتحة لسلسلة دعاوى تتعرض لها المصارف في الخارج. وهذا الوضع سيبقى مفتوحاً على المخاطر ما دام البلد يمضي بلا قانون «كابيتال كونترول».
ـ المؤشر الثاني، تمثّل بما كشفه وزير الطاقة ريمون غجر أمس، إذ لفت غجر الى مشكلة تأمين المازوت للسوق اللبناني فأشار الى «أننا تعرّضنا في هذا الموضوع لنكسات عدة، ومنها ما حصل من حوالى أسبوعين لأننا لم نتمكن من فتح إعتمادات في مصرف لبنان في الوقت اللازم، إذ كانت هناك خطورة من أن تتعرض ناقلة النفط لحجز في البحر من قبل اليورو بوند هولدرز. ونحن في صدد دراسة هذا الموضوع كي نصل في نهاية المطاف الى نتيجة تمكّن عدم تعريض الدولة اللبنانية الى هذا الامر.»
الكلام لوزير الطاقة من قصر بعبدا، وهذا الكلام هو بمثابة فضيحة، إذ يجاهر وزير بأن الحكومة تبحث عن طريقة لاستيراد المازوت تمكّنها من التهرّب من دائنيها، وكأن الحديث يتناول شخصاً مطلوباً يحاول تهريب ممتلكاته من أجل عدم الحجز عليها، واعتراف صريح بالنتائج التي تولّدت عن التخلف عن دفع اليوروبوندز والتي أسماها الوزير بنفسه بأنها نكسات خلافاً لإحصاء إنجاز الـ ٩٧٪.
عون وشيا
وكانت الانظار قد اتجهت الى القصر الجمهوري الذي شهد لقاء بين عون والسفيرة الاميركية، وتضاربت المعلومات والروايات حول طبيعته وما دار خلاله من بحث، خصوصاً انه جاء غداة إقرار التعيينات المالية والحديث عن استياء اميركي منها.
ففي رواية أولى وردَ انّ السفيرة الاميركية التي لم تَزر قصر بعبدا منذ تقديم اوراق اعتمادها في 11 آذار الماضي، زارت عون على عجل لتبلّغه رسالة تضمّنت «استياء أميركياً» من التعيينات التي أجرتها الحكومة، ولا سيما منها التعيينات المالية.
وذكرت هذه الرواية انّ عون كان قد وعدَ الاميركيين وغيرهم بإقرار تعيينات لا تستفزّ احداً في الداخل والخارج، وأنه حاول في جلسة مجلس الوزراء أمس تظهير التعيينات بهذه المواصفات ولكنّ رئيس الحكومة حسان دياب أصرّ على إقرارها بالصيغة التي تم تحضيرها خلال الاتصالات الاخيرة.
وفي معلومات لـ»الجمهورية» انّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل كان قد أرسل الى دياب السيرة الذاتية لمايا دباغ لتعيينها رئيسة للجنة الرقابة على المصارف، فتبنّاها الاخير وتم تعيينها.
وقالت مصادر اميركية انّ التعيينات بالصيغة التي أقرّت بها «شكّلت استفزازاً لشريحة واسعة من اللبنانيين وللحراك الشعبي وكذلك استفزازاً للاميركيين. وبالتالي، ستكون هناك تداعيات لها على المستويين الداخلي والخارجي».
وفي هذا السياق ذهب البعض الى توقّع ان تستدرج التعيينات عقوبات اميركية جديدة تطاول هذه المرة بعض القيادات والشخصيات السياسية، وضد الدولة على قاعدة «انّ هذه التعيينات لا تليق بالعمل على مكافحة تبييض الاموال».
الرواية الثانية
وفي الرواية الثانية نفَت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» المعلومات التي تحدثت عن موقف اميركي مُتصلّب من التعيينات المالية في مصرف لبنان، وانّ السفيرة الاميركية دوروثي شيا نقلت مثل هذه الملاحظات الى رئيس الجمهورية في لقائهما امس في بعبدا.
وقالت هذه المصادر انّ الربط ايضاً بين موعد الزيارة واعتبارها انها جاءت بعد ساعات قليلة على التعيينات المالية والادارية في مجلس الوزراء أمس الأول، هو ربط غير موفّق، فالموعد مطلوب منذ فترة وحُدّد قبل 4 ايام.
ونفت المصادر ان تكون شيا قد تطرقت في لقائها مع رئيس الجمهورية الى ما يُقال عن تمسّك بلادها بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في موقعه، وعن اعتراضات اميركية على استبعاد محمد بعاصيري عن موقعه في المصرف. وقالت: «انّ مثل هذا الكلام لم يتناوله اللقاء لا تصريحاً ولا تلميحاً».
وعمّا جرى في اللقاء، قالت المصادر انّ شيا «جاءت مستطلعة للتطورات على المستويات كافة، وانّ وجود نائب رئيس قسم السياسة والاقتصاد في السفارة السيد Andrew Daehne الذي رافقها في الزيارة ساهمَ في تقديم شرح مفصّل عن «قانون قيصر»، مؤكدة انّ القانون لا يستهدف لبنان بأي شكل من الاشكال، وانّ الحديث عن معاقبة لبنان ووَقف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية الأخرى كما بالنسبة الى المشاريع الاجتماعية الجاري تنفيذها ليس صحيحاً. وقالت انّ بلادها مستمرة وفق البرامج الموضوعة بما تمّ التوافق عليه وبناء على طلبات لبنان، وخصوصاً في ما يتعلق ببرامج الدعم العسكرية بالاستناد الى خطة التسلّح التي وضَعتها قيادة الجيش وقدّرت حاجاتها ونوعية الاسلحة التي يمكن توفيرها من اميركا».
وذكرت المصادر انّ شيا «إعتبرت انّ التفسيرات التي أعطيت للتقرير الذي وضعته لجنة الدراسات في الحزب الجمهوري في الكونغرس الاميركي، والذي نشر في بيروت منذ أمس الاول، ليست في محلها، وعلى اصحاب هذه التفسيرات التثبّت من انّ مثل هذه الاقتراحات لا علاقة لها بالادارة الاميركية، وهي مقترحات غير حكومية وغير رسمية ولا يمكنها إعطاء اي تفسير او شرح لها».
وبحسب المصادر نفسها «سألت السفيرة الاميركية عمّا جرى حتى الآن في جولات المفاوضات الجارية بين لبنان وصندوق النقد الدولي ومصير الخطة الاصلاحية التي وضعتها الحكومة؟ مُعبّرة عن اهتمامها بمتابعة هذه المفاوضات بما يخدم المشاريع المقترحة ليخرج لبنان من الازمة التي يعيشها، وهي مهتمة جداً بأيّ جديد لتبقى الى جانب لبنان».
واشارت المصادر عينها الى «انّ السفيرة الاميركية وجّهت مجموعة أسئلة الى رئيس الجمهورية حول الوضع في جنوب لبنان وشكل العلاقة القائمة بين لبنان الرسمي وقيادة القوات الدولية وتحديداً الجيش اللبناني، مؤكدة اهمية الحفاظ على الإستقرار في الجنوب». فردّ عون على هذه الاسئلة، وقدّم التوضيحات التي تتناسب ومضمونها بما يؤكد ثوابت لبنان ويضمن سلامة اراضيه وتمسّكه بحقه ببَرّه ومائه وسمائه».
«القوات»
وفي غضون ذلك قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» انه «لا يمكن وصف رزمة التعيينات التي أقرّتها الحكومة سوى أنّ «شرش الحَيا قد طَق» لدى الأكثرية الحاكمة، فلا يوجد ما يبرّر هذا السلوك سوى انّ هذه الأكثرية مفصولة عن الواقع المأزوم مالياً وشعبياً، والأسوأ انها تتصرّف وكأنّ إقرار آلية التعيينات حصل في «جمهورية الموز» لا الجمهورية اللبنانية، ومن دون أدنى مراعاة لمطالبات الناس بإنهاء هذا النهج المدمّر للمؤسسات».
ورأت هذه المصادر «انّ الأكثرية الحاكمة تُمعن في ممارسات تضرب الدستور والقانون، ولا تأبه لدعوات صندوق النقد الدولي إلى الإصلاح، وكأنّ لبنان في ألف خير وليس في حاجة الى مساعدات خارجية تخرجه من هذا الوضع المأسوي، بل تتحمّل بفِعل سلوكها مسؤولية امتناعه عن مساعدة لبنان، وكل ما يترتّب عن عدم المساعدة لناحية مزيد من مضاعفة الفقر والتعتير وتسريع وتيرة الانهيارات». واعتبرت «أنّ هذا النموذج الفاقع الذي يُبدّي أولوية نفوذه في دولة صوَرية ومنهارة على أولوية تطمين الناس على مصيرهم وإنقاذ لبنان مالياً، غير أهل للحكم والاستمرار في موقعه، ولا حلول مُرتجاة من سلطة من هذا النوع، كما لا حلّ سوى بكَفّ يد الأكثرية الحاكمة».
«الكتائب»
وفي سياق متصل أكّد مصدر كتائبي أنّ «الكيل طفح»، وقال لـ«الجمهورية»: «الناس تغرق وهم بعالمهم الافتراضي: نكايات، صفقات، محاصرات انتصارات وهمية...»، مضيفاً: «لا خلاص الّا بسقوط هذه المنظومة من الحكومة الى مجلس النواب، لنعطي املاً للبلد». واضاف: «الحكومة فشلت في تحقيق اي إنجاز وعليها الرحيل، وندعو الى حكومة جديدة مستقلة فعلاً لا قولاً ذات ارادة حقيقية للاصلاح والانقاذ، ولحكومة تتعاطى بجدية مع صندوق النقد وتعيد الثقة بلبنان خارجياً وداخلياً، وتحضّر لانتخابات مبكرة بأسرع وقت، لأنّ الامور باتت تتطلب حلاً سياسياً جدياً».
وفي المواقف إعتبر الرئيس سعد الحريري، في دردشة مع الإعلاميين في «بيت الوسط»، انّ «الحكومة رَبّحت جميلة إنّو خالية من الأحزاب ونحنا قلنا منعطيهم 100 يوم، وخَبّرونا إنو أنجزوا 97 بالمئة من الأهداف. أين تلك الأهداف؟»، مؤكداً «انّ سعر صرف الليرة خطير جداً على المواطن اللبناني، وتَخبّط الأرقام بين الحكومة والمصرف المركزي أمر معيب».
وعَلّق الحريري على التعيينات، فقال انّ «المحاصصة واضحة، وللأسف كنّا نتمنى احترام القانون الذي أُقرّ في مجلس النواب». ولفت إلى أنه «مؤسف ما يحصل في السرايا اذ انّ نائب رئيس الحكومة هي التي تداوم مكان رئيس الحكومة». وقال الحريري: «لا أطلب العودة الى رئاسة الحكومة و»ما بدّي إرجع»، وعلّقَ على أحداث السبت الماضي معتبراً أنّ «ما حدث السبت خطير وكبير، ولكننا اكبر منه بحِكمتنا ووحدتنا، وهناك احتقان عند الناس وهناك من يريد الدم»، مشدّداً على أنّ «الصغار الذين افتعلوا الإشكال يجب أن يُحاسبوا، ولا نستطيع الاستمرار بهذه الليونة مع من يُسيء الى المعتقدات الدينية».
وعن الخلاف بينه وبين شقيقه بهاء الدين، أوضح الحريري أنّ «بهاء شقيقي الأكبر، ونحن كتيار «مستقبل» لا يؤثر علينا بشي».
موجة الغضب
وكان الشارع اللبناني اشتعل غضباً مساء أمس، فعاد المحتجون وأقفلوا الطرق احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، بعد أن ألقي فتيل ارتفاع سعر صرف الدولار وملامسته الـ7 آلاف ليرة لبنانية، فتظاهروا مُندّدين بالأوضاع التي حرمتهم أدنى الحقوق. وسَلب جسر الرينغ المشهدية، فأقفله المحتجّون الذين كانت أعدادهم مرتفعة نسبةً للأيام السابقة، تحت شعار «ما بَقى مَعنا ناكل». وفي التفاصيل، ركن محتجّون سياراتهم عند الجسر لإقفال الطريق على رغم من محاولة القوى الأمنية منعهم، لينضَمّ إليهم لاحقاً شبّان الخندق الغميق.
أمّا على طريق المطار، فأقفل الطريق أمام مقر المجلس الشيعي الأعلى، كذلك أقفلت الطريق عند تقاطع دار الطائفة الدرزية في فردان وفي محلّة كورنيش المزرعة في الإتّجاهين، كما قطعت الطريق عند مستديرة المشرفية في الضاحية الجنوبية.
كذلك، أقفل محتجّون أوتوستراد جل الديب بالإطارات المشتعلة، فيما أقفل آخرون أوتوسترادات الزوق وعمشيت والبترون احتجاجاً على ارتفاع سعر صرف الدولار.
امّا شمالاً فكانت الإحتجاجات قد بدأت منذ ساعات الصباح، واستمرّت حتى الليل، إذ أقفلت كل تقاطعات ساحة النور، كما أقفلت الطريق عند إشارة عزمي في المدينة حيث عمدَ عددٌ من المحتجّين إلى إقفال كلّ من المحمّرة، المنية، العبدة وصولاً إلى حلبا. وجنوباً، أقفلت الطرق الرئيسية من بينها أوتوستراد خلدة، وصولاً إلى الجية وصيدا. وفي الشوف، أقفل طريق دير القمر في بلدة كفرحيم. وعَلّق رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية ليلاً على موجة الغضب، فقال: «ثورة الشعب مُحقّة، وعلى المُتغاضين عنها أن يُصغوا لصرخات الناس الجائعين والغاضبين».
كورونا
وصحياً، في مستجدّات فيروس «كورونا» أعلنت وزارة الصحة أمس تسجيل 14 إصابة جديدة، 11 من المقيمين و3 من الوافدين، كما سجّلت حالة وفاة جديدة بالفيروس. أمّا الحالات التي شُفيت مخبرياً وزمنياً بحسب التقرير اليومي للصحة، فبلغ عددها حتى اليوم 543 حالة.