فرط الحركة عند الاطفال بعد الحَجر
فرط الحركة عند الاطفال بعد الحَجر
د. أنطوان الشرتوني
Friday, 05-Jun-2020 06:28

ما كدنا ننتهي من «كوفيد-19» حتى بدأ الأهل يشتكون من أطفالهم الذين زادت حركتهم. كما بدأوا يعبّرون عن عدم قدرتهم على السيطرة على نشاط أطفالهم الزائد. وطبعاً، لهذا النشاط الزائد أسباب كثيرة، منها الحَجر لشهور وعدم الخروج وإنعدام التلاقي الإجتماعي مع أقرانهم، والاستسلام للألعاب الإلكترونية لساعات وساعات.

علينا أن ندرك أنّه من المستحيل أن نطلب من طفل أن يبقى هادئاً وألّا يتحرّك بتاتاً! فاللعب هو وسيلة يستعملها الطفل لاكتشاف ما حوله! فهل يجب أن يقلق الأهل بسبب فرط نشاط أطفالهم بعد الحَجر المنزلي؟ أم أنّ الحركة المفرطة طبيعية عند الأطفال بعده؟

 

يُعتبر فرط الحركة خللاً عصبياً ونفسياً يؤثر تأثيراً مباشراً على سلوكيات الأطفال. وتزداد عادةً حركة الطفل لأسباب كثيرة، أهمها القلق الذي يمكن أن يشعر به، كما يمكن لخوف الأهل وتوترهم أن يضاعفا الحركة الزائدة عنده. في الواقع، تظهر عند الأطفال الذين يعانون من الحركة الزائدة مشكلَات على الصعيد الدراسي وضعف في القدرة على التركيز ونقص أو تشتت في الإنتباه، أي يعانون من صعوبة في الحفاظ على تركيزهم، ومن كثرة النسيان وعدم الإنتباه للتفاصيل وعدم القدرة على البقاء في مكان واحد، واللعب بهدوء، بل يسود صراخ وضجيج وعنف وعبث بالأشياء الموجودة بقرب الطفل، من دون أي إهتمام بها وعدم القدرة على اتباع التعليمات وإنهاء ما بدأه... ومن المشكلات أيضاً قلة الصبر، والتسرّع في الإجابة أو مقاطعة الآخرين.

 

ما هي الاسباب الاساسية لظهور فرط الحركة عند الأطفال ما بعد كورونا؟

هناك أسباب كثيرة يمكن أن تكون وراء فرط الحركة عند الأطفال بعد «كوفيد-19». وعندما يستطيع الأهل أو الاختصاصي النفسي في تحديد السبب أو الأسباب لزيادة الحركة عند طفلهم، يمكنهم مساعدته للتخفيف من هذه الضوضاء المتعبة للطفل وللأهل على حد سواء. ومن هذه الأسباب:

1- خلال فترة الحَجر الصحي، عانى الأهل من سوء وعدم إنتظام نوم طفلهم، ما أدّى إلى زيادة في الحركة عنده.

2- أمضى الأطفال الكثير من الوقت أمام الشاشات الإلكترونية لمشاهدة الرسوم المتحركة وممارسة الألعاب الإلكترونية. ويساعد كل ذلك في جعل الطفل كثير الحركة. كما الجلوس لساعات أمام الشاشات الإلكترونية يؤثر على صحة الطفل الجسدية وارتفاع السمنة.

3- تمنع الألعاب الإلكترونية الطفل من تفريغ طاقته، فيما اللعب وممارسة الرياضة هما وسيلتان للتخفيف من فرط الحركة. لذا يجب على الاهل أن يخصّصوا ساعة واحدة فقط في النهار لمشاهدة البرامج وليس أكثر.

4- الضغط العصبي والنفسي والقلق الذي شعر به كل طفل خلال الحَجر الصحي، يمكن أن يجعلا الطفل أكثر ميلاً للحركة الزائدة والنشاط المفرط.

 

بعض النصائح العملية للأهل :

 

طبعاً، بعدما يتأكّد الأهل من أنّه ليس من سبب فزيولوجي يؤثر على تصرفات طفلهم وعلى فرط حركته، يمكنهم اتباع هذه النصائح:

 

أولاً، عدم إرغام الطفل على القيام بشيء لا يريد أن يقوم به، ثم تقسيم وقت الدراسة، وذلك عن طريق تدريس الطفل لمدة عشر دقائق مثلاً، ثم منحه وقتًا للاستراحة واللعب لا يتجاوز الخمس دقائق، ثم معاودة الدراسة من جديد. وكل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، يمكن زيادة وقت الدرس وإبقاء وقت الإستراحة. وخلال الحَجر عانى بعض الأهالي من أطفالهم الذين لا يريدون أن يدرسوا، لذا يمكن تشجيع الطفل على الدراسة بشكل منتظم خلال عطلة فصل الصيف.

 

ثانياً، عدم توبيخ الطفل أو معاقبته أو ضربه. فالتصرف العدواني تجاهه سيجعله أكثر حركة واضطراباً.

 

ثالثاً، مساعدة الطفل في دروسه. كما يمكن استخدام تقنيات تخفف من فرط حركته، كالموسيقى والفنون على أنواعها. وتساعد الألعاب الخارجية والرياضية في تفريغ كل طاقة الطفل، مع الابتعاد عن الأطعمة المشبّعة بالسكر أو المشروبات الغازية والكافيين.

 

رابعاً، وضع برنامج مخصّص للدرس خلال عطلة الصيف وإبعاد الطفل عن كل المؤثرات الخارجية خلال الدرس. من المهم أن تكون غرفة الدراسة هادئة جداً، كي يستطيع الطفل التركيز لأطول وقت ممكن. ويجب تخصيص وقت للعب مع الوالدين ومع الأخوة والأخوات.

 

خامساً، خلال اللعب، من المستحسن أن يلعب الطفل ضمن مجموعة صغيرة من الأطفال (بين ثلاثة وأربعة أطفال) لانّ اللعب ضمن مجموعات كبيرة سيعزز لديه السلوك الحركي المفرط والعدائية. وإذا كان الطفل، خصوصاً بعد عودته إلى حياته الطبيعية، يضرب ويركل وتتصف سلوكياته بالعدوانية. وهنا، يجب التحدث معه ومعاقبته إذا استمر في ضرب الأطفال الآخرين. ولكن المعاقبة يجب أن تكون تربوية، ويجب الابتعاد عن العدوانية الجسدية التي تعزز عنده النشاط الجسدي.

 

خامساً، الأخذ في الإعتبار كل ملاحظات المدرّس والمعالج النفسي والمعالج النفسي- الحركي، وتطبيق كل التوجيهات المطلوبة من الأخصائيين. وإذا لاحظ الأهل بأنّ حركة طفلهم تزيد عن المألوف، من المهم اللجوء إلى العلاج النفسي أو الإرشاد النفسي أو أخذ رأي طبيب.

theme::common.loader_icon