خيّمت الاجواء الضبابية على مجريات النقاش المتعلق بقانون العفو العام في اللجان المشتركة، والمطروح أساساً على جدول اعمال الجلسة النيابية المقبلة. البعض يعتبر انّ تَشعّب القوانين المطروحة من قبل اكثر من فريق سياسي قد يكون السبب الذي أدى الى التوسع في النقاش، فالاختلاف، الى درجة عدم تمرير القانون إن لم نَقل سقوطه في الجلسة المقبلة بعد طول انتظار.
علمت «الجمهورية» من مصادر نيابية مشاركة في اجتماعات اللجان انّ محاولات حثيثة أجريت لإنقاذ القانون، ولذلك تمّ الاتفاق على إعادة تعويم النقاش وتَشكّلت لجنة جانبية مصغّرة لمناقشته اليوم قبل الجلسة النيابية غداً، وذلك للعمل على إيجاد مخرج لإنقاذ المشروع من السقوط في الجلسة، إلّا أنه وفق المعلومات لم تتم الدعوة الى عقد جلسة مشتركة الى اليوم بل تَمّت الدعوة فقط الى جلسة مال وموازنة، وفي ذلك مؤشّر سلبي الى عدم الاتفاق على صيغة نهائية لقانون العفو العام الذي سيسقط حكماً غداً.
وفي المعلومات من مصادر نيابية مطّلعة على أجواء النقاشات انّ قانون العفو، بالنسبة لـ»حزب الله» تحديداً، وُضع كي يعالج المشاكل الاجتماعية في البقاع والمتّرتبة عن تعاطي المخدرات وتسهيل ترويجها. والحزب لا يريد العفو عن التجّار الكبار بل عن المروجين الصغار الموقوفين بتهمة الترويج. كما انّ المشروع وضع في الاساس بحسب تلك المصادر كي يعالج مشاكل السجناء في طرابلس، علماً أنّ قسماً كبيراً منهم، بحسب تيار المستقبل، تمّ الحكم عليهم من دون دليل وحجة، ولكن صدرت الاحكام نتيجة الاجواء التي كانت قائمة آنذاك.
بالنسبة الى «حزب الله»، بحسب المصادر النيابية المطلعة على اجواء النقاشات، فإنّ القانون وضع ايضاً بسبب الاعداد الكبيرة للموقوفين الذين لم يخضعوا حتى الساعة للمحاكمة، وكذلك بسبب الاكتظاظ. وتتابع المصادر: كانت الصورة انّ الشيعة يريدون حلاً لمشكلة تجار المخدرات في البقاع، والسنّة يريدون حلاً لمشكلة السجناء الاسلاميين في طرابلس، فدخل المسيحيون على الخط ليطرحوا مشكلة المُبعدين الى إسرائيل، فيما تكشف المصادر نفسها انّ التوازن الذي قام عليه النقاش كان تلك العوامل الثلاثية التي لم تناسب «الحزب» الذي اعتبر انّ طرح موضوع إعادة المُبعدين خطير جداً، إذ برأيه كيف يمكن لمواطن لبناني تخلّى عن جنسيته اللبنانية وأصبحت لديه الجنسية الاسرائيلية ان يعود الى لبنان من دون أي تحقيق او إجراء؟ وهنا علق النقاش واحتدم، بحسب تلك المصادر.
كما تفيد المعلومات نفسها أنه في حال أصَرّ الثنائي الشيعي على موقفه تجاه حملة الجنسية الاسرائيلية، وإزاء تمسّك القوى المسيحية بهذا المطلب من دون ان يتمكّن الطرفان من إيجاد مخرج له او حل مشترك او تسوية ما، فإنّ قانون العفو العام لن يمر في الجلسة غداً وهو مهدّد بالسقوط.
معوض: لا للصفقات الطوائفية
للنائب ميشال معوض رؤية مختلفة لأسباب احتدام النقاش حول موضوع قانون العفو، وهو كشفَ لـ»الجمهورية» انّ كتلة «لبنان القوي»، وبرأي كافة القوى المسيحية، ستبقى على موقفها من موضوع طرح العفو عن المُبعدين الى اسرائيل رافضاً استثناءهم من القانون، فيما يوضح انّ القانون المعدّل في الاساس عرض على جميع القوى السياسية في اللجنة المصغّرة، ومن ضمنهم الثنائي الشيعي الذي كان موافقاً على مجمل القانون وبنوده التي شملت بكل وضوح إعفاء المُبعدين، متسائلاً لماذا بَدّل «الحزب» موقفه اليوم وما هو سبب إصراره على استثناء المبعدين الى اسرائيل من القانون؟ متخوّفاً من مقايضة او تسوية ما يسعى «الحزب» لطَرحها تؤمّن له موافقة الكتل المسيحية عن الافراج عن كبار تجار المخدرات في البقاع مقابل الموافقة على شمل المُبعدين بقانون العفو.
ويعتبر معوض انّ حصر المشكلة في قضية المبعدين هو تبسيط للحقيقة وتزوير للوقائع، مذكّراً انّ قانون العفو في الاساس كان عملياً بصيغته الاولية يعفي جميع المسجونين من السجون. وعلى أثر ذلك أعربت غالبية القوى السياسية المسيحية عن رفضها للصيغة الاولية، الى ان تقدمت النائب بهية الحريري بقانون آخر وصل توازياً مع القانون الاول المطروح الى الجلسة العامة في الاونيسكو وكان أفضل بصورته من الصيغة الاولى، إلّا أنّ بعض بنوده خفّضت العقوبة عن سجناء غير مستحقّين فاعترضنا عليها في الجلسة العامة في الأونيسكو، وبعدما شعرنا انّ قضية العفو العام ستؤدي الى انقسام وطني كبير، أحالَ الرئيس بري القانون الى اللجان وسقطت عنه صفة العجلة بعد أن تم اضافة قوانين عدة إليه كبدائل.
ويوضح معوض انّ لجنة فرعية مصغّرة في اللجان المشتركة تَكوّنت لدرس هذه القوانين والاتفاق على قانون موحّد، تمثّل فيها هادي حبيش وأحياناً سمير الجسر، إضافة الى النواب ابراهيم الموسوي وجميل السيد وميشال معوض. وكشف معوض انّ اختياره تم لمناقشة المشروع وإقناع القوى المعارضة له على اساس رفع المظلومية واحترام العدالة والسلم الاهلي، وليس المفاوضة على اساس الاعفاء عن تجار المخدرات الكبار وقاتلي الجيش وسارقي الاموال العامة، والذين يشكلون خطراً على أمن الدولة...
فيما يكشف لـ»الجمهورية» أنّ النقاش المطَوّل في اللجنة المصغرة توصّل الى توافق على بنود نَص يستثني فقط بند تخفيض العقوبات الذي استمر النقاش حوله، «وتمّ الاعلان عن اتفاقنا وتفاهمنا» على أمور جوهرية وليس على التفصيلية الصغيرة. ولم يكن الكلام في الكواليس بل خرج النص من اللجنة الفرعية وهناك محاضر واقعية للجلسات تُثبت ذلك، وتثبت موافقة جميع القوى على المبدأ باستثناء بند تخفيض العقوبات، ومن ضمنها بند الموافقة على بند الفارّين الى اسرائيل، وهناك محاضر بهذه الجلسات.
ويضيف معوض: نهار الاربعاء تفاجأنا باعتراض شديد بعد اجتماع اللجان المشتركة بل بخطابات تخوينية، وكأنّ كل ما اتفق عليه لم يكن. وتساءل معوض كيف يقبل الحزب نهار الاثنين ويرفض الجمعة؟ خاصة انّ القانون بحث خلال 20 يوماً وتم التدقيق به ولم يسقط سهواً.
أمّا الأهم برأي معوض فهو الشعور بعد المستجدات انّ البعض يريد الانطلاق بالمشروع من خلال صفقات طوائفية، أيّ التجار الشيعة في بعلبك والسجناء السنّة في طرابلس إضافة الى المبعدين المسيحيين في اسرائيل، لافتاً الى انّ الكتل المسيحية، وخاصة التي يمثّلها، لن ينطلقوا بالقانون وفق هذه الثلاثية. أمّا إذا أصَرّ البعض على السير بهذا القانون وفق هذا المنطق، فإنّ جواب معوض والكتل المسيحية التي فوّضته هو: لن نسير بهذا القانون أبداً.