

ما هو الوضع النفسي لمحاربي مرض السرطان في زمن «كورونا»؟ وكيف يتمكنون من السيطرة على القلق والخوف، والشعور بالذنب، إذا قرّروا عدم استقبال أفراد العائلة؟ ما هو دور من يرافق هؤلاء الأشخاص؟ وكيف يقدّمون لهم الدعم؟
ذاق مريض السرطان مرّ الخوف والقلق الشديد من الموت، وعندما اعتقد أهله أنّه تقبّل واقع مرضه، كان يقضي ليله صامتاً، ساهراً، متظاهراً النوم، مرعوباً من فكرة حلول هذا المرض عليه، ضيفاً ثقيلاً، خائفاً، لا يعلم من سيكون الرابح بينهما.
علّقت (إم إيلي) ورقة على باب البيت كُتب عليها: «لا يوجد أحد في المنزل»، علماً أنّها في الداخل مع ابنتها البكر التي تسكن معها. واعترفت لابنها الذي يسكن في الشارع المقابل: «أنا بالبيت، بس ما بدّي يا إمي حدا من إخواتك يجي لعندي ويعديني كورونا، تا ما يعذبو ضميرو كل حياتو، ما إلي قلب». وقد خضعت الوالدة لآخر جلسة بالعلاج الكيميائي منذ أسبوعين فقط، بعد إصابتها بسرطان الرئة، ما أدّى إلى انخفاض مستوى المناعة لديها، فأصبحت عرضة لالتقاط العدوى لأي فيروس، فكيف إذا كان هذا الفيروس «كورونا- كوفيد 19»؟
ما هو الوضع النفسي لمرضى السرطان؟
- خوف شديد وقلق قد يصل إلى نوبات الهلع من الموت.
- عدم الشعور بالأمان والإستقرار.
- تقلّب في المزاج بين التقبّل والحزن.
- إنفعال شديد قد يصل إلى نوبات تحطيم أو بكاء.
- إحباط.
- ضعف وعجز.
- البحث عن بريق أمل.
- التعلّق بالأشخاص.
- فقدان الإهتمام بالأمور المادية.
- تأرجح بين التشاؤم والتفاؤل.
وضع الأشخاص المرافقين لمرضى السرطان
لا يقلّ أفراد عائلة مرضى السرطان قلقاً وخوفاً عنهم، فالمستقبل مجهول بالنسبة لهم، يخافون ألّا تعطي العلاجات النتائج المرجوة منه، فيفقدون الشخص الذي يحبونه؛ تنتابهم مشاعر الضعف والعجز، يرفعون سقف آمالهم وتوقعاتهم، يتجاهلون الحقائق المرّة مرات ومرات، تراهم مستعدون لفعل المستحيل كي ينجو المريض، لكن المستحيل قد لا يكفي أحياناً. أما في زمن «الكورونا كوفيد 19»، فالمسؤولية الملقاة على عاتقهم كبيرة، إذ عليهم حماية المصاب من نفسه أولاً، ومنهم، فيحجرون أنفسهم، يخافون حتى شراء الأغراض والحاجيات الأساسية، ربما حملت في طياتها الفيروس بشكل مخفي.
يغرق المصاب وأهله في الشعور بالذنب. فالأول من جهة يخاف أن يبتعد عنه أفراد عائلته بسبب الحَجر، خصوصاً في حال طلب هو ذلك بهدف الحماية، ويقلق الأهل من نقل عدوى الفيروس، في حال ذهبوا للإطمئنان اليه، ربما كانوا مصابين دون معرفة منهم بسبب غياب الأعراض، فما الحل؟
«لا» الإيجابية
في ظروف مشابهة تتعلق بالسلامة والصحة، لا بدّ أن يعرف المريض بأنّه يملك الحق في قول الـ»لا» الإيجابية، أي أن يطلب من المحيطين عدم زيارته لحماية نفسه، إذ إنّ ذلك يرتد على الجميع. في المقابل، على أفراد العائلة أن يتفهمّوا الوضع الراهن، دون عتب ولوم، لأنّ انزعاجهم سوف يؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية للمريض، لا بل يكمن دورهم في الترحيب بالفكرة، والحرص على السؤال عنه والتواصل معه عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وخصوصاً الفيديو، فيراهم ويرى أطفالهم وكأنّه يجالسهم، بالإضافة إلى إثارة بعض الأحاديث التي تهمّ المريض وتجعله يشعر بالحماس والفرح؛ كما عليهم تأمين حاجات المريض الأساسية دون حمله على الشعور بالإهمال والعوز، حفاظاً على عزة نفسه وكرامته؛ ويحتاج الشخص ذو المناعة المنخفضة إلى القيام ببعض الأنشطة بهدف التسلية والترفيه، كي يبتعد عن الشعور بالملل والوحدة، التي قد تدفعه إلى الإحباط والإكتئاب أحياناً.
يحارب مريض السرطان عدوين في الوقت عينه، السرطان وفيروس «كورونا»، فلا تكونوا العدو الثالث، ضعوا القفازات والكمامات، واعتمدوا التعقيم الدائم لكل حاجياته وحاجياتكم.








