إمارة طرابلس وسائر الإمارات اللبنانيّة غير المتّحدة
إمارة طرابلس وسائر الإمارات اللبنانيّة غير المتّحدة
اخبار مباشرة
طوني عيسى
ما ظهر أخيراً يثبت أن الرئيس نجيب ميقاتي لم يطلق الكلام جزافاً عندما قال: «لو لم يتدخل الجيش لقامت الإمارة في طرابلس». لكن ميقاتي لم يَقُل: لماذا يحتقن الشارع السنّي، وما هو العلاج؟
طرابلس هي مدينة رئيس الحكومة وهو أدرى بشعابها. وهو يدرك أن مجموعات الزواريب والقبضايات والقوى الإسلامية في طرابلس "مخروقة". ويعرف ميقاتي جيداً أن هذه القوى "لا تفتح على حسابها"، بل هي "سلفيات بلدية" موزّعة الولاءات على القوى السياسية في المدينة. وهذه ظاهرة تستدعي التأمل والتحليل. فمثلاً، هناك مسلحون وسلفيون من أنصار ميقاتي نفسه.
وهؤلاء كشفوا أخيراً عبر وسائل الإعلام أنهم ماضون في المعركة ضد "أعدائهم" في جبل محسن. وهناك أيضاً من يدينون بالولاء لقوى سياسية وزعامات أخرى في طرابلس. وبعض هذه القوى لطالما إقترع لتيار "المستقبل" في الإنتخابات.
فالمدُّ الإسلامي والسلفي المتنامي في طرابلس لم يولد من العدم. وصحيح أنه كان موجوداً دائماً في المدينة من خلال "الجماعة الإسلامية" و"حركة التوحيد الإسلامي" وسواهما، لكن هذه الجماعات لم تُنشئ يوماً تحالفاتها على أساس إسلامي، وبقيت مرتبطة بالقوى السياسية الكبرى وتخوض الإنتخابات على لوائحها.
اليوم يختلف الوضع. فالشارع الطرابلسي يكتسب جرعات من الإحتقان والتطرف والمذهبية من خلال بوابتين: الحدث السوري القريب جغرافياً وديموغرافياً، والمأزق اللبناني الداخلي الذي يرتدي طابعاً مذهبياً، والذي يترجمه خصوصاً ملف سلاح "حزب الله".
وكان يسهل على القوى السياسية الطرابلسية أن تستوعب القوى المتطرفة، ويسهل على الجيش وقوى الأمن أن تمنع أي عنصر من حمل مسدس في المدينة، لولا السلاح المذهبي المقابل.
بتأثير هذين العاملين تنمو السلفيات، وبدأت القوى الإسلامية تشعر بأنها أكبر من أن تُبتلع سياسياً. لقد أخرجت رأسها من القمقم. وعندما سيحين موعد الإنتخابات النيابية، قد تخرج بالكامل. ولا شيء يمنع القوى السلفية في طرابلس من النمو إلى حدود شبيهة بتلك السائدة في أوساط المعارضة السورية، إذا طال المأزق في سوريا. فعدم حسم التداخل عبر الحدود سيسمح بإنعكاس التداعيات السورية تماماً في لبنان.
لم تكن طرابلس قبل عام على هذا المقدار من الإحتقان، ولا صيدا، ولا سواهما من المدن ذات الغالبية السنّية. وإذا كان التحوُّل كبيراً إلى هذا الحدّ في عام واحد، فذلك يثير الكثير من المخاوف مما سيكون عليه الوضع بعد عام أو إثنين أو أكثر.
وإذا كان كلام ميقاتي على الإمارة الإسلامية مبالغاً فيه، قبل 5 أسابيع، فإنه اليوم أقرب إلى التصديق. وربما يكون واقعاً في الغد، إذا ما إستمرت الظروف الموضوعية التي ترفع منسوب الإحتقان والتطرف والعنف، وإذا ما إستمر ميقاتي نفسه وحكومته على السياسة عينها ازاء السلاح والملف السوري.
فالأشد إثارة للقلق هو أن السلطة في حال "الوفاة الدماغية". وعلى رغم كلام المسؤولين المطَمْئن حول إستنفار الأجهزة وقدرتها على خنق الفتنة قبل اندلاعها، فإن حادث الجمعة الفائت، يثبت أن طرابلس كما سائر المناطق متروكة لقدرها، وأن عجزاً مطلقاً تعيشه الحكومة وأجهزتها.
وهكذا، تقترب ساعة الحقيقة. وبعيداً عن المبالغة الخبيثة في التخويف من السلفية، التي يلجأ إليها البعض لغايات تحريضية، فمن الواقعي القول بوجود موجة إحتقان مذهبي وتطرف وميل إلى العنف تلفح طرابلس، ويبدو أنها مرشحة للنمو، وقد تأكل من رصيد الجميع، من 8 آذار كما من 14 آذار. وإذا قُيِّض لها أن تستمر لسنوات، فربما تأكلهم، ليس في طرابلس وحدها، بل في صيدا - عين الحلوة وسائر المناطق التي تحكم نفسها بنفسها واقعياً.
وأما الكلام الواثق، الذي يطلقه أصحاب السلطة، عن قدراتهم على ضبط الأمن في طرابلس وسواها، فليس سوى وسيلة للتهرب من المسؤولية.
فهؤلاء يعترفون في مجالسهم بصعوبة التصدي للإحتقان المذهبي ومخاطر نشوء الإمارات السلفية، ويعرفون أن السبب وجود "إمارات أخرى" تحتفظ لنفسها بالإمتيازات المتكاملة أمنياً وسياسياً وإقتصادياً واجتماعياً.
وما لم ينتهِ الملف السوري باكراً، فستكون هناك دولة الإمارات اللبنانية...غير المتحدة. وبعدُ، بالمناسبة، هل مَن يخشى على غشاء البكارة الوطني بـ "أورثوذوكسي" أو سواه!
وهؤلاء كشفوا أخيراً عبر وسائل الإعلام أنهم ماضون في المعركة ضد "أعدائهم" في جبل محسن. وهناك أيضاً من يدينون بالولاء لقوى سياسية وزعامات أخرى في طرابلس. وبعض هذه القوى لطالما إقترع لتيار "المستقبل" في الإنتخابات.
فالمدُّ الإسلامي والسلفي المتنامي في طرابلس لم يولد من العدم. وصحيح أنه كان موجوداً دائماً في المدينة من خلال "الجماعة الإسلامية" و"حركة التوحيد الإسلامي" وسواهما، لكن هذه الجماعات لم تُنشئ يوماً تحالفاتها على أساس إسلامي، وبقيت مرتبطة بالقوى السياسية الكبرى وتخوض الإنتخابات على لوائحها.
اليوم يختلف الوضع. فالشارع الطرابلسي يكتسب جرعات من الإحتقان والتطرف والمذهبية من خلال بوابتين: الحدث السوري القريب جغرافياً وديموغرافياً، والمأزق اللبناني الداخلي الذي يرتدي طابعاً مذهبياً، والذي يترجمه خصوصاً ملف سلاح "حزب الله".
وكان يسهل على القوى السياسية الطرابلسية أن تستوعب القوى المتطرفة، ويسهل على الجيش وقوى الأمن أن تمنع أي عنصر من حمل مسدس في المدينة، لولا السلاح المذهبي المقابل.
بتأثير هذين العاملين تنمو السلفيات، وبدأت القوى الإسلامية تشعر بأنها أكبر من أن تُبتلع سياسياً. لقد أخرجت رأسها من القمقم. وعندما سيحين موعد الإنتخابات النيابية، قد تخرج بالكامل. ولا شيء يمنع القوى السلفية في طرابلس من النمو إلى حدود شبيهة بتلك السائدة في أوساط المعارضة السورية، إذا طال المأزق في سوريا. فعدم حسم التداخل عبر الحدود سيسمح بإنعكاس التداعيات السورية تماماً في لبنان.
لم تكن طرابلس قبل عام على هذا المقدار من الإحتقان، ولا صيدا، ولا سواهما من المدن ذات الغالبية السنّية. وإذا كان التحوُّل كبيراً إلى هذا الحدّ في عام واحد، فذلك يثير الكثير من المخاوف مما سيكون عليه الوضع بعد عام أو إثنين أو أكثر.
وإذا كان كلام ميقاتي على الإمارة الإسلامية مبالغاً فيه، قبل 5 أسابيع، فإنه اليوم أقرب إلى التصديق. وربما يكون واقعاً في الغد، إذا ما إستمرت الظروف الموضوعية التي ترفع منسوب الإحتقان والتطرف والعنف، وإذا ما إستمر ميقاتي نفسه وحكومته على السياسة عينها ازاء السلاح والملف السوري.
فالأشد إثارة للقلق هو أن السلطة في حال "الوفاة الدماغية". وعلى رغم كلام المسؤولين المطَمْئن حول إستنفار الأجهزة وقدرتها على خنق الفتنة قبل اندلاعها، فإن حادث الجمعة الفائت، يثبت أن طرابلس كما سائر المناطق متروكة لقدرها، وأن عجزاً مطلقاً تعيشه الحكومة وأجهزتها.
وهكذا، تقترب ساعة الحقيقة. وبعيداً عن المبالغة الخبيثة في التخويف من السلفية، التي يلجأ إليها البعض لغايات تحريضية، فمن الواقعي القول بوجود موجة إحتقان مذهبي وتطرف وميل إلى العنف تلفح طرابلس، ويبدو أنها مرشحة للنمو، وقد تأكل من رصيد الجميع، من 8 آذار كما من 14 آذار. وإذا قُيِّض لها أن تستمر لسنوات، فربما تأكلهم، ليس في طرابلس وحدها، بل في صيدا - عين الحلوة وسائر المناطق التي تحكم نفسها بنفسها واقعياً.
وأما الكلام الواثق، الذي يطلقه أصحاب السلطة، عن قدراتهم على ضبط الأمن في طرابلس وسواها، فليس سوى وسيلة للتهرب من المسؤولية.
فهؤلاء يعترفون في مجالسهم بصعوبة التصدي للإحتقان المذهبي ومخاطر نشوء الإمارات السلفية، ويعرفون أن السبب وجود "إمارات أخرى" تحتفظ لنفسها بالإمتيازات المتكاملة أمنياً وسياسياً وإقتصادياً واجتماعياً.
وما لم ينتهِ الملف السوري باكراً، فستكون هناك دولة الإمارات اللبنانية...غير المتحدة. وبعدُ، بالمناسبة، هل مَن يخشى على غشاء البكارة الوطني بـ "أورثوذوكسي" أو سواه!
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
Dec 20
بري يقود الشيعة إلى «أفضل الممكن»
1
Dec 20
خُلاصة "الجمهورية": سلام استقبل السفير كرم: لتوفير الدعم اللازم للجيش لتمكينه من الاضطلاع بمسؤولياته
2
12:01
إحباطُ عملية "بيع عقار" بمستندات مزوّرة... إليكم التفاصيل!
3
Dec 20
الجيش: دهم مخزن أسلحة داخل شقة في بعلبك
4
08:48
اختفاءُ 16 ملفاً من ملفات إبستين من موقع وزارة العدل الأميركية!
5
Dec 20
بسبب أعمال تزفيت... تدابير سير في محلّة جسر الفيات
6
Dec 20
أبرز الأخبار العالمية والمحلية
7
Dec 19
من حجز الودائع إلى تملّكها: المصارف تُكمل سرقة العصر
8