هل لدينا الرغبة، كما كانت لمَن قبلنا، والارادة كما أرادها أسلافنا، والقدرة على أن نحدّد مصيرنا كما حدّدوه؟ لم يشتقّوا القدرة من القدر، بل فعّلوها على الاقتدار، تشبّثوا بأحلامهم وأرادوها، فأريدت، بحثوا في التاريخ عن احتمالات ووقائع، فانقادوا بالاحتمالات الى واقع، أنّ وطنهم الذي بُني على معاناتهم وجَلَدهم على مرّ القرون، وجدوا له قومية تاريخية سمّوها لبنانية، فما هي سِمات هذه القومية؟
حتماً، نحن اليوم أمام مصيرنا كما قبل مئة سنة، فما هي السبل كي نحافظ على الكيان - الوطن لمئة سنة أخرى؟
الوطن الملاذ والملجأ
بعد مئة سنة نعيش في القلق والتوجّس، كأننا في مرحلة التأسيس أو كأننا لم نفارقها، ونشهد تطورات شهد مثلها أجدادنا، حين كانوا مؤمنين بكيان يحلمون به ويسعون إليه، فتقاطعت رغبتهم وشغفهم ومثابرتهم على تحقيق ما يؤمنون به مع المصالح الدولية التي ارتأت ان يكون لشعب صغير طامح الى الحرية، وطن صغير موئلاً آمناً لمجموعة دينية أو طائفية أو إتنية ضاقت بها السبل في بلاد واسعة، وتقلّب عليها الدهر في عصور وأزمنة وعهود ودول وحتى امبراطوريات، وتمرّغت أجسادها في التراب أو دفنت فيه، لكنها حافظت خلال ستة عشر قرناً على كرامتها وتشبّثها بمعتقداتها ونشدانها الحرية التي لم تبدّلها بشأن أو أمر آخر، وإن قادتها في مراحل تاريخية الى الفوضى التي أوقعتها في مأزق وأخضعتها دائماً للأقوى في أمر واقع يكسر الرؤوس التي تدغدغها الاحلام... حتى نستفيق الى واقع لا نقول معه «لات ساعة مندم».
إنطلاقاً من تاريخ نحاول أن نحدّد بداياته، وليس في مقدورنا، هناك تواريخ يمكن أن نستند اليها، ومفهوم يمكن أن نرتكز عليه، هو القومية التي كانت تعتمل في أجيال القرنين التاسع عشر والعشرين، خصوصاً حين أخذت تتبلور بعد الثورة الفرنسية 1789، وعَزوها الى حروب نابوليون بونابرت في اوروبا التي حرّكت المشاعر القومية لمناوئيه وأعدائه، فصارت مواجهته بشعلة اتّقدت في نفوس الشعوب الاقليمية ذات الجذور واللغات المشتركة، والمصالح المتقاطعة مع هذه المشاعر، فتولّدت إثر ذلك الدولة القومية، كالفرنسية والالمانية والايطالية، وجعلتها العصبية القومية مترافقة مع ثورة صناعية قادرة على مواجهة الامبراطورية العثمانية التي دعيت «الرجل المريض» من كثرة الامراض التي عانتها فأضعفتها، ولولا التناقضات القومية الاوروبية لَما طال عمرها الى الحرب العالمية الاولى، حتى سقطت نهائياً عام 1918. وبسقوط السلطنة، صار في وسع اللبنانيين ان يأملوا في تحقيق حلمهم، وهذا ما سَعوا اليه.
قبل 1920 مرّت فكرة القومية اللبنانية في مراحل تاريخية، سنذكر أبرزها لعدم القدرة على إحاطتها كلها، وهي أبعد زمنياً من تواريخ موضوعة، تعود بنا الى مطلع القرن السابع عشر، فمَن طرح الفكرة آنذاك؟ الملاحظ أنّ إرهاصات فكرة لبنان الكيان بدأت مع البطريرك اسطفانوس الدويهي، وتركزت بإعلان الكيان مع البطريرك الياس الحويك، ولعل كياناً يطلق فكرته بطريرك ماروني ويثبت وجوده آخر، يشهد على كلام الخبير الدستوري النائب السابق حسن الرفاعي، بقوله: «إنّ لبنان وجد للموارنة»، وهي ثابتة تاريخية نؤكد حتميتها.
البطريركان الدويهي والحويك
يمكن أن نعزو فكرة نشوء لبنان كوحدة جغرافية الى البطريرك الدويهي (1603-1704) الذي درس في المعهد الماروني في روما، فهو أول من كتب تاريخاً لنشوء لبنان وترعرع حكمه الذاتي ووحدته، وذلك في الجزء الأخير من مؤلّفه «تاريخ الأزمنة» الذي أرّخ فيه للكنيسة وللموارنة وبطاركتهم ورؤسائهم المدنيين، وصراعهم ضد «الهرطقة» اليعقوبية ولتدخّل الحكام المسلمين.
وتابعه في كتابة التاريخ المحلي سلسلة من المؤرخين، كهنة وعلمانيين، بلغت أوجها في كتابين شاملين، يختصران تاريخ لبنان السياسي، وينطويان على عقيدة في ما هو لبنان: أولهما للامير حيدر الشهابي (1761-1835) الذي كتب تاريخاً للبلاد جاء في الحقيقة تاريخاً للعائلة الشهابية، وعاوَنه في ذلك عدد من المؤرخين، أحدهم طنوس الشدياق (1794-1861) الذي كتب مؤلفه الخاص عن تاريخ الأسر المارونية والدرزية والمسلمة البارزة في لبنان. وقد بَدا فيه وكأنه جهاز هرمي من الأُسر تغلبت فيه التحالفات العائلية والمصلحة العامة، على الفوارق الدينية للحؤول دون مداخلات العثمانيين. (ص 69، الفكر العربي في عصر النهضة، ألبرت حوراني).
سبق هذه التواريخ انّ الامير فخر الدين المعني الثاني (1572-1635) دغدغته احلام الاستقلال، بعدما سيطر على محيط جبل لبنان وصولاً الى صفد وعسقلان، ففكّر في حكم ذاتيّ للجبل، لكنّ العثمانيين قضوا عليه. ولاحقاً ظهر الامير بشير الشهابي الثاني، في القرن التاسع عشر، فتحالف مع محمد علي باشا والي مصر مُحاولاً الاستقلال بحكم الجبل، لكنه نفي وسقط حكمه بعد إخفاق حملة والي مصر على المشرق.
هذه الخلفية التاريخية استكملت بحرب طائفية في الجبل بعد سقوط حكم بشير الثاني وقيام نظام القائمقاميتين (1840-1860) ثم نظام المتصرفية (1860-1914)، وهو أول نظام إداري ذاتي في جبل لبنان، بإشراف الدول الاوروبية. وضع نظام المتصرفية في أذهان اللبنانيين إمكان تحقيق حكم ذاتي بمساعدة الدول الاوروبية.
حفظ اللغة العربية لحفظ الوجود
دكّت مدافع سفن نابوليون بونابرت الاسكندرية في مصر (1798-1799)، وألقى جنوده مناشير دعت الى شعارات الثورة الفرنسية: الحرية، المساواة، الإخاء. وخاطبت «الأمة المصرية» كياناً قائماً بذاته»، فتحركت المشاعر والافكار في لبنان وسوريا، واهتزّت باحات مدارس الارساليات وأروقة الاديرة، إعلاناً عن مرحلة ثقافية جديدة وإيذاناً بعهد جديد.
لماذا اهتزّت باحات العلم في لبنان وبلاد الشام؟ لأنّ سكان سوريا، وخصوصاً المسيحيين، كانوا متأثرين ببعض نواحي الفكر الاوروبي. كما مسيحيّو السلطة العثمانية بعدما وصلت اليهم أفكار الثورة الفرنسية يبحثون عن هويتهم الضائعة فوجدوها في اللغة العربية، ملاذاً لهم في وجه السلطة وطابعها التركي قبل أن تعمّ موجة التتريك في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، فعمدوا الى حفظ هذه اللغة وتعلّمها والتفوّق فيها، لأنهم بحفظها يحفظون وجودهم، وصارت الخطوة التالية التأكيد على حقوقهم كمواطنين في السلطنة، وليس كرعايا يدفعون الجزية. وعليه، خرج من لبنان الكيان التاريخي أول أستاذ كبير للعربية هو الشيخ ناصيف اليازجي (1800-1871) الذي درّس العربية بعدما عمل في ديوان الامير بشير الشهابي، وعليه تتلمَذ كتّاب ذلك العصر من العرب.
ولأنّ الكنيسة الكاثوليكية أقامت في القرن السادس عشر أولى علاقاتها النظامية بالطوائف المسيحية، وتوّجتها في القرن الثامن عشر، تحديداً 1736، بتوقيع اتفاقية «كونكوردا» مع الكنيسة المارونية، ضمنت لها سلطتها الكهنوتية وطقوسها وحقها الكنسي وعاداتها، والمحافظة على استقامتها العقائدية، واعترافها بسلطات البابا. وعلى أساس هذه العلاقة، نشأت كنائس شرقية تابعة لروما. وبفضل الارساليات وحماية فرنسا أنشئت المدارس الكاثوليكية حيث توجد كنائس تابعة لروما، خصوصاً في لبنان وحلب، فدرس الاكليريكيون والمدنيون.
ويذكر أنّ المجمع الماروني المنعقد في دير سيدة اللويزة سنة 1736، أقرّ وجوب تعليم الموارنة ذكوراً وإناثاً، فأقيمت مدرسة تحت كل سنديانة في قرية لبنانية، ما أوجَد شعباً متعلماً، خلافاً للجوار المحيط، قريباً كان أو بعيداً، ما فتح أمامه الآفاق الى المرحلة التالية، حيث أصدر المسيحيون معظم الصحف في بيروت ومصر واسطنبول.
ليس المقال في وارد تعداد أسماء الذين ساهموا في نهضة اللغة العربية، أو نشر أفكار الثورة الفرنسية، أو قاربوا طروحات القومية، إنما سأذكر بضعة أسماء ساهمت في هذه أو تلك من الأفكار أو الادبيات، مثلاً: مخايل مشاقة (1800-1888) ذو الاصل اليوناني الذي نشأ في دير القمر، كان من أوائل مَن نَشر أفكار الثورة الفرنسية. وإضافة الى ناصيف اليازجي، هناك آل الشدياق وآل البستاني.
يعتبر عام 1860 الذي وقعت فيه مجازر مع صدور الصحف الدورية على يد المسيحيين اللبنانيين في بيروت والقاهرة واسطنبول، وأول كاتب لبناني حظي بالشهرة والنفوذ كان فارس الشدياق (1804-1887) شقيق طنوس (الذي مرّ ذكره أنه ألّف كتاباً عن تاريخ الأسر في لبنان)، وكان والدهما يعمل في ديوان الامراء الشهابيين، أصدر صحيفة «الجوائب» عام 1860 في اسطنبول واستمرت حتى 1883.
كثر اشتهروا من آل بستاني في الأدب والصحافة، أوّلهم وأبرزهم بطرس (1819-1883)، الذي تعلّم في مدرسة عين ورقة وساهم في ترجمة التوراة الى العربية. إقتنع بعروبة جميع الناطقين بالضاد، مسيحيين ومسلمين، بناءً على عروبة اللغة، فعُرف بالمعلم. أسّس «المدرسة الوطنية» في بيروت عام 1863، لتعليم مبادئه ونادى بتعليم المرأة، وهو من روّاد الصحافة العربية. أنشأ منفرداً أو مع ابنه سليم أربع صحف، هي: «نفير سورية»، و«الجنان»، و«الجنة»، و«الجنينة».
صدرت «نفير سورية» عام 1860 في 11 جزءاً، إحتوى كل منها على نداء الى «أبناء الوطن» بتوقيع «مُحب الوطن»، كمواطن عثماني، وتسميتها تعني توجيهها الى سوريا المعروفة تاريخياً وجغرافياً أنها موطن السريان، والتي «يشترك جميع سكانها في أرض واحدة وعادات واحدة ولغة واحدة». ولعل البستاني هو أول كاتب تكلّم باعتزاز عن «دمه العربي». (ص 110، الفكر العربي)، وكان ابنه سليم قد قرأ العربية على ناصيف اليازجي.
واشتهر من البساتنة أيضاً سليمان (1856-1925) الذي كان وزيراً في الاستانة، نال شهرته بتعريبه الياذة هوميروس وبمقدمتها التي كانت أنموذجاً للدراسة الادبية والمقارنة. وهناك بطرس البستاني (1898-1969) أنشأ جريدة «البيان» (1923-1930) ودرّس في المعاهد والجامعة اللبنانية، وله مؤلفات.
وهناك أيضاً عبدالله (1854-1930) له معجم «البستان»، ووديع (1888-1954) نقل الى العربية «رباعيات الخيام» والملحمة الهندية «مهابراته»... هذه نماذج عن أسماء وعائلات ساهمت في المحافظة على اللغة العربية ونهضتها، وتركت أثراً في الوعي القومي عموماً، الى أي منحى اتخذته القومية، سواءً نحو اللبنانية او السورية او العربية.
القوميات الثلاث
لا شك في أنّ القومية العربية طغت بدءاً من منتصف القرن العشرين بحكم الكثرة، كونها لم تنفصل عن الاسلام دين الغالبية الكبرى في العالم العربي، علماً أنّ فكرة العروبة تكلم عنها المسيحيون منذ منتصف القرن التاسع عشر متأثرين بتطورها في اوروبا منذ الثورة الفرنسية، واتخذوها ركيزة حضارية لمواجهة السلطنة العثمانية أولاً، ثم لمواجهة موجة التتريك في الثلث الأخير من ذلك القرن.
أخذت العروبة تدغدع فكر المسيحيين مذ نالوا قسطهم من التعليم بما تيسّر في القرى تنفيذاً لقرار المجمع الماروني، ثم في مدارس الارساليات، فتفتحت أذهانهم على أفكار جديدة ما كانت لتحلو لهم لولا التعلّم، ولأنهم يتمثلون فكر الغرب وطرقه، فيما تمثلت العربية بناصيف اليازجي أستاذاً كبيراً فيها، خارج الأطر السياسية. يقول البعض إنّ بطرس البستاني إذ نَحا نحو العروبة، مالَ الى الاقليم السوري الذي ينتمي اليه انتماءً جذرياً. أمّا في السياسة، فليس هو ولا أي امرئ آخر كانت لديه أفكار سياسية خارج وجود السلطنة.
والانتماء الى سوريا الاقليمية والحضارية ينطبق على خليل الخوري (1836-1907) الذي تعلّم على اليازجي، وأنشأ المطبعة السورية وجريدة «حديقة الأخبار»، وهي أولى الجرائد العربية غير الرسمية. والأب هنري لامنس (1862-1937) البلجيكي اليسوعي الذي كتب «تاريخ سورية»، وأدار مجلة «المشرق». ويشترك في اسم الكتاب «تاريخ سورية» مع المطران الماروني يوسف الدبس، مؤسس مدرسة الحكمة 1875، ومشيّد كاتدرائية القديس جرجس في بيروت.
وليس هؤلاء الثلاثة فحسب، بل يضاف أليهم خليل سعادة الطبيب في الجامعة الاميركية الذي نادى بالقومية السورية، وخلفه نجله انطون الذي طوّر الفكرة ووضع لها إطاراً فلسفياً ونظّمها في إطار حزبي، باسم الحزب القومي السوري.
على صعيد آخر، إرتبط المسيحيون المشرقيون بفكرة العروبة من باب اللغة العربية وللمحافظة عليها، وتَتوّجت كتابات القرن التاسع عشر بكتاب نجيب عازوري بعنوان «يقظة الأمة العربية»، الصادر بالفرنسية في باريس 1905.
واتخذت العروبة تجسيدها القومي، بعد حوالى خمسين سنة من صدور هذا الكتاب ومئة سنة من مرحلة البستاني، بتشكيل حركات نخبوية من مسيحيين ومسلمين، كحركة القوميين العرب، وأحزاب سياسية كحزب البعث العربي الاشتراكي وأحد مؤسسيه المسيحي السوري ميشال عفلق، وقيادات سياسية او عسكرية اتخذت مكانها على رأس موجة العروبة، كجمال عبد الناصر، وبه تجسّدت العروبة السياسية التي عمّت الاقطار العربية من مشرقها الى مغربها. فكانت مرحلته ذروة فكرة العروبة جماهيريّاً.
قبل عبد الناصر، شَهد المشرق، خصوصاً لبنان وسوريا، اندفاعة شاب ذي كاريزما لا تقل عن عبد الناصر جمعَ حوله نخبة المجتمع الثقافية والسياسية في الربع الثاني من القرن العشرين قبل إعدامه عام 1949، أي قبل ظهور عبد الناصر عام 1954. وضع سعادة فلسفة متكاملة لقومية تقوم على وحدة الجغرافيا والتاريخ والحضارة، التي تكوّنت في مساحة جغرافية كانت تنطق السريانية خلال قرون طويلة، بَلورت حياة ثقافية مشتركة ومستمرة، وإن تقلّبت بديانات ومذاهب مختلفة. وهذه العوامل نفسها اعتمد عليها منظّرو القومية اللبنانية، لكن على نطاق ضيّق يشمل الساحل الفينيقي والجبال المحيطة به، من دون توسّع الى الداخل السوري.
كان لإعدام سعادة أحد إرهاصات الصراع الفكري السياسي بين فكرتي القومية السورية والقومية اللبنانية، التي كانت في تلك المرحلة تتبلور ممثلة الفكر المسيحي اليميني، الذي تجمعت رموزه في حزب الكتائب اللبنانية ـ وتخوض مواجهة فكرية مع القومية العربية، ومفتوحة مع القومية السورية، استعملت فيها كل الوسائل من الجرائد الى الاشتباكات المسلحة، فالقتل. وربما يكمن السبب بتداخل المجتمع الذي يمثّل الطرفين، أكثر من تداخل مجتمعَي القومية اللبنانية والقومية العربية.
كانت الدولة طرفاً في هذا الصراع الفكري، لذلك حسمت الأمر لمصلحة الفكر اللبناني بوضع رأس الفكرة السورية تحت المقصلة، وإن أعدمته رمياً بالرصاص.
ما هي الأفكار التي أحاطت فكرة القومية اللبنانية للدفع بها الى الصدارة في الكيان اللبناني، لتبرير وجوده وتثبيت ركائزه وإقناع مَن انضَمّ اليه من خارج جبل لبنان بلزومه وحتميته؟ هل أُخلي لبنان للفكرة القومية اللبنانية أم وقعت المواجهة بينها وبين القومية العربية ذات التغطية الاسلامية العامة؟
بقي الصراع بين الفكرتين حتى عام 1975، حين انفجر الخلاف على السلطة بين فكرتين وطرفين وطائفتين، بذريعة الخلاف على هوية لبنان. وأعيد نبش كل هواجس الماضي ما قبل إعلان دولة لبنان الكبير، وما بعده، بما فيها مرحلة الاستقلال، وما بعدها، فكان مؤتمر الطائف والدستور الذي انبثق من وثيقة الوفاق الوطني التي وقّعت في الطائف، فهل أنهى المشكلة؟
قبل الاجابة عن هذا السؤال، لنعد الى بدايات الدعوة الى القومية اللبنانية والدفاع عنها، ومن هم ممثلوها في النصف الأول من القرن العشرين؟