يقف لبنان أمام "يوم الأرض" وكأنه يقف أمام يوم الحساب مخجولا، مسلوبا من قوة التغيير والانتفاضة على واقعه البيئي الذي أبعده عن خارطة الدول التي تحتفل بهذه المناسبة. يوم سبب وجوده هو للتذكير بالمحافظة على البيئة. ولكن على أية بيئة سيحافظ اللبنانيون؟ على بيئة أكلت المكبات شواطئها؟ على بيئة لوّثت مياه المجارير أنهرها؟ على بيئة اختلطت مياه الصرف الصحي بمياه الشفة فيها؟ على بيئة قضمت المعامل والكسارات جبالها؟

هتافات صرخات واحتجاجات ولكن لا "حياء" لمن تنادي! 

في هذه المناسبة، وأمام هذا الحدث الذي تحتفي به أكثر من 170 دولة، ماذا قال رئيس الحركة البيئية بول أبي راشد لموقع "الجمهورية"؟

"فكّر شموليّا إفعل محلّيا"، بهذه الكلمات ناشد أبي راشد اللبنانيين التفكير بكوكب الأرض هذا النهار. وقال: "لا يمكننا إنقاذ كوكب الأرض بأكمله من هنا علينا ان نكون على اطلاع على المشاكل التي يعاني منها كوكبنا وأن نبدأ بالتحرّك من بلدنا"، مضيفا أنّ "التفكير بطريقة للتغيير هو المعنى الحقيقي لهذا اليوم".

هذا وأوضح أنّ يوم الأرض ليس متعارفا عليه نسبيا على عكس مناسبات أخرى كيوم البيئة ويوم المحميّات، مشيرا إلى انّ الدول الأخرى في هذه المناسبة تفكّر بالأرض أكثر من البيئة.

ولدى سؤاله عن التحضير لإحتفال أو تحرّك في هذا اليوم خصوصا لإيصال صرخة ما، أعلن أنّ "تحركا يُدرس ومن الممكن أن يحدث"، مؤكدا أنّ "الجمعيات البيئية لا تنتظر مناسبة للتحرّك"، لافتا في هذا السياق، إلى أنّ "الجمعيات تتبع مقولة "Earth day everyday".

ولأنّ التلوّث لا يكون محليّا أو يقتصر على بلد معيّن، طالب أبي راشد اعتبار الأرض منزل مشترك لكل العالم فهي ليست ملكا لأحد مستشهدا بمقولة قديمة: "الارض ملك لله إذ إنها لا تنتمي إلى الإنسان بل هو ينتمي إليها".

إلى ذلك، أوضح أنّ "التيارات الهوائية تنطلق من بلد إلى أخر وتعود إلى البلد التي انطلقت منه، ما يعني أنّ الهواء مشترك والبحر أيضا، والأرض بالمجمل تتفاعل مع هذا الواقع".

وأضاف: "الأرض قطعة واحدة، لذا علينا الإنتباه إلى هشاشتها".

هذا النهار، يعتبر محطة للتفكير، ويحتّم على اللبنانيين أن يسألوا أنفسهم: "ماذا فعلنا للأرض؟" وبعد ذلك، يأتي القرار بـ"فرملة أفعالنا والإلتزام بمسؤولياتنا وإعادة التفكير بمدى التزامنا بتطبيق القوانين واحترام الإرث الطبيعي والثقافي".

هذا ووصف التصرف "اللبناني" تجاه البيئة بـ"الجنوني"، متمنيا أن يكون "يوم الأرض فرصة لفحص الضمير والتوبة".

في سياق أخر، تطرّق أبي راشد إلى واقع تلوّث الشواطئ والبحار مع اقتراب فصل الصيف ونظرا للدراسات والأرقام التي صدرت السنة الماضية، والتي حرمت اللبنانيين من ممارسة السباحة وأضرّت بالسياحة نسبيا. ورأى أنّ "المنطق لا يبشّر بالخير هذه السنة بسبب غياب الخطوات العملية. وسأل: "هل خفّت المكبات البحرية؟ هل سمعنا من سنة إلى يومنا هذا عن أي محطة تكرير بدأت بالعمل؟"

أمّا عن ملف سد بسري، فكشف أنّ "أمورا كثيرة حصلت تبعث بالأمل. فقد طلب رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد جلسة بين النواب والمعارضة التي تضم جمعيات وخبراء وأهالي وتمّ هذا اللقاء". وأضاف: "كان من المفترض ان يُعقد لقاء ثاني في نقابة المهندسين وإذ ينسحب منه مجلس الإنماء والإعمار ما أدّى إلى الغاء اللقاء".

بعيدا عن كلّ هذه السوداوية والواقع البيئي الصعب الذي يعيشه لبنان، لا بدّ من التفكير ايجابيا والإشارة إلى أنّ الأمل موجود لكنه مشروط. إذ أكّد أبي راشد أنّ "الامل يبقى موجد إذا قررت مكوّنات الدولة أن لبنان في حالة حرب بيئية وعلينا مواجهتها من خلال التخفيف من الجشع والهرع وراء المشاريع التي تفيد الجيبة ولا تفيد البلد مثل محارق النفايات وإنشاء السدود على الوديان".

ورأى أنّ "الصورة سلبية رغم أنّ الوعي الشعبي عالٍ، فالناس تطمئن على عكس القرارات".

واستغلّ ابي راشد الفرصة في مناسبة "يوم الارض" ليتمنى وقف مشروع سد بسري، لأنّه التحدّي الأكبر".