عاجل : الرئيس عون يلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري في قصر بعبدا
مقاهٍ بيروتية تتحوّل إلى مسارح ومعارض
مقاهٍ بيروتية تتحوّل إلى مسارح ومعارض
اخبار مباشرة
منال عبد الأحد
جريدة الجمهورية
Monday, 16-Apr-2018 00:28
بعد الانحسار الذي شهدته المقاهي ذات الطابع الثقافي في بيروت، تلك التي كان يرتادها في ماضٍ عريق كبارُ الشعراء، ويحصل أن يُلقوا فيها القصائد بسجيّة وتلقائية مطلقتَين، ظهرت منذ سنوات ليست بقليلة إعادةُ إحياء هذه الأجواء الثقافية في المقاهي البيروتية، إنّما من خلال مبادراتٍ فردية، اتّخذت لنفسها من بعض مقاهي المدينة مركزاً حيث تُقام النشاطاتُ الثقافية وتستقطب الروّادَ من مختلف المناطق الذين يبحثون عن منبرٍ يتيح لهم هذا النوعَ من النشاطات بطابعٍ أكثر أُلفةً ودونما رسوم مادّية قد لا يملكونها.

منذ ما يناهز الثماني سنوات، انطلقت مبادرةُ «أمسيات بيروت الثقافية» في أحد مقاهي شارع الحمرا، لتشكّل ملتقىً لمجموعةٍ لا يُستهان بها من الشعراء المخضرَمين كما الجدد ممّن لم تُتح لهم الفرصُ سابقاً.

والجدير بالذكر هنا، أنها واحدةٌ من مبادرات كثيرة سعت إلى استقطاب جيل جديد من الشعراء فضلاً عن لفت انتباه أسماءَ لامعة وَجدت ربما ضرورةً في أن ترسِّخ حضورَها من خلال هذه الأمسيات، التي غالباً ما يختلف جمهورُها عن روّاد المسارح والقاعات الكُبرى حتى تلك الثقافية منها. وهكذا بات الشعرُ متاحاً للجميع، في مقاهٍ قد لا تتّسع أحياناً لأكثر من 80 شخصاً، فيرتادها ما يناهز المئة مفترشين الأرضَ كي لا تفوتهم روعةُ ما يحدث.

تنقّلت «أمسيات بيروت الثقافية» كما غيرها من المبادرات بين مقاهٍ بيروتية عدّة، أقفلت أبوابَها لأسباب مادية، وهي تعاني من عدم الاستقرار اليوم في مقهى مهدّدٍ بالاقفال في أية لحظة كونه لا يحقّق أرباحاً مادية تتيح له آلية الاستمرار.

عالمٌ افتراضي يرفد الثقافة

إنّ العالمَ الافتراضي قد أسهم بشكل بارز في تنظيم هذه الأمسيات، بحيث تتمّ الدعوةُ إليها «فايسبوكياً» هذا وتُكتشَف المواهبُ الصاعدة المُشاركة عبر الموقع الأزرق، وقد كان لهذا النوع من الأماسي فضلٌ كبير في إطلاق الشعراء الجدد الذين باتت لهم دواوينُهم الخاصة اليوم.

ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ هذه الأمسيات رغم تركيزها على الشعر، قد تتضمّن الغناءَ والعزفَ الهادف أحياناً فضلاً عن حضور رسّامين يُبدعون لوحاتهم من وحي ما يحدث خلالها.

معارض في المقاهي البيروتية

لم يعد يقتصر الأمر على ذلك فقط، بحيث برزت للعيان في العام 2005 ظاهرةُ معرض الرسومات والتصوير والفنون المتعدّدة الوسائط، فضلاً عن عرض الأفلام في مقهى بيروتي. وقد بدأت بمبادرة واحدة لتنتقلَ كالعدوى المجدِية وتتناقلها مقاهٍ أخرى.

ففي مقهى ومطعم بيروتي عريق بدأت منذ 13 سنة مبادرة إعداد المعارض الفنّية كلّ شهر، لتلقيَ الضوء أيضاً على الفنانين الصاعدين بشكل خاص كما وعلى المخضرمين الذين يرغبون في إعادة إحياء بعض اللوحات التي رسموها منذ مدة، رغم قلّتهم. وفي لقاءٍ مع القيّمة على هذه الظاهرة، عرفت الجمهورية أنّ بعض الرسامين والمصوّرين الذين كانت بداياتُهم من هذا المكان، أصبحوا اليوم أسماءَ لامعة وأثبتوا حضوراً لا يُستهان به على الساحة الفنّية.

إنعدام الاقتصاد الثقافي

وهنا يجدر لفتُ العناية إلى أنّ هذا المقهى والمطعم لا يتقاضى أيّ مقابل لقاء إعداد المعرض، على العكس بل هو يقدِّم الحسومات لروّاده. إلّا أنه تمكّن من تعزيز استمراريته من خلال الارتكاز على الإقبال الذي يشهده كمطعم في المساء، حيث تكون الإضاءة خافتة والأعمال الفنّية غير مرئية.

نستنتج ممّا تقدّم أنّ بروز هذه الظاهرة، إنما يعود إلى عدم تمكّن الجميع من الوصول إلى صالات العرض، المسارح والقاعات المتخصّصة نظراً لارتفاع ثمن الإيجار في وقت تقدّم هذه المقاهي المساحة المجانية بالكامل، وتحصر الأماكن المتخصّصة بالغالب، دونما تعميم، اهتمامَها بالفن ذي الطابع التجاري المحض، بحيث تغيب أية ملامح لاقتصادٍ ثقافيّ بالمعنى المتكامل عن أفق المدينة.

theme::common.loader_icon