حذارِ التفوّق الجامعي والنجاح المهني
حذارِ التفوّق الجامعي والنجاح المهني
اليسار حبيب
جريدة الجمهورية
Thursday, 17-Sep-2015 00:00
ناضلت المرأة كثيراً لتكتسب حقّها في العلم والعمل والمراكز الإدارية والمناصب المهنية المهمّة. وسعيها الدائم لمنافسة الرجل على السلطة، أقلّه في نطاق العمل، دفعها إلى التخصّص في أكثر من مجال وحصد الشهادات الجامعية العليا. ولكن ما هي ضريبة النجاح المهني؟ وهل أدّى تفوّقها الجامعي إلى خسارة حياتها الخاصّة وعرقل حلمها بالارتباط والزواج؟
أظهرت دراسة حديثة أنّ «عدد العازبات في فرنسا قد تضاعف عما كان عليه منذ 30 عاماً». وقد أرجع الباحثون السبب إلى «نهضة النزعة الفردية والتوافق حول الطلاق عموماً، والمنافسة في سوق العمل بين الرجال والنساء خصوصاً».

ولاحظ الباحثون أنّ نسبة العزوبة قد بلغت 12 في المئة حالياً بعد أن كانت 6 في المئة فقط عام 1978. وتعليقاً على هذه الأرقام، قال عالم الاجتماع المتخصّص بالعلاقات الزوجية والعزوبية بسكال لاردولييه إنّ «العزوبة تصيب حوالى 4.4 ملايين امرأة مقابل 3 ملايين رجل فقط»، موضحاً أنّ «20 في المئة من الفرنسيات هنّ عازبات».

وقد أرجع الباحث الاجتماعي سبب الانفجار في عدد العازبات، إلى عوامل إجتماعية عدّة أبرزها: «حصول المرأة على أجر مستقلّ عن الرجل»، وفق ما أوضح في حديثه إلى موقع Atlantico، مؤكّداً أنّه «منذ أن حققت المرأة استقلاليّتها المهنية والماديّة، فإنها وضعت جانباً فكرة الارتباط والزواج وتأسيس عائلة».

بين الحياة المهنية ومتطلّبات الحياة الزوجية

وقد ربط لاردولييه بين العزوبية والمستوى الجامعي مشيراً إلى أنّ «المرأة التي بالكاد حازت على شهادة جامعية، أو لم تكمل مسيرتها التعلمية تميل إلى الارتباط وتأسيس عائلة مبكراً. وذلك بعكس المرأة التي قررت خوض مسيرة التخصص الجامعي والتي تفكر بالارتباط والزواج بعد 10 سنوات». ولاحظ الباحث الاجتماعي أنّ «كثيرات ممَّن يفضّلن العلم ينتهي بهنّ الأمر عازبات ووحيدات».

وثمّة تفسيرات أخرى تبرّر سبب ازدياد نسبة العازبات حاليّاً وأبرزها أنّ «المرأة اليوم باتت متطلّبة أكثر بشأن شريكها المستقبلي. وهي تريده أن يكون متفهّماً لطبيعة عملها ومشجّعاً لها وللمهنة التي تشغرها، كما تريده أن يجد وقتاً خاصاً لها بين انشغالاته الكثيرة. ومن المتطلّبات التي تبحث عنها المرأة العاملة في شريك حياتها هي شغوره وظيفة محترمة ومهنة يعشقها».

النساء وحيدات أكثر من الرجال

ولاحظ الباحث الاجتماعي أنّ «الطموح النسائي يخيف الرجل الذي يخشى نجاح المرأة المهني والمادي ويخاف من الاستقلالية التي تطلبها والحريّة التي تناشد بها حتى بعد الارتباط، وهي كلّها خصائص كانت تميّز الذكور سابقاً». وتبيّن أنّ الوحدة تصيب الكوادر النساء أكثر من الكوادر الرجال، «18 في المئة من النساء الكوادر اللواتي تراوح اعمارهنّ بين 30 و59 سنة، يعانين من الوحدة.

وذلك مقابل 14 في المئة من الرجال الذين يشغرون المنصب المهني ذاته». وفي الختام لاحظت الدراسة الفرنسية أنّ «المرأة التي تركّز أكثر على مسيرتها الجامعيّة، تفضّل الاندراج في الحياة المهنية قبل التفكير بالحياة الزوجية وهذا ما يؤخّر بالتالي سنّ الزواج أو يعيقه». وأخيراً، حذارِ الاستقلالية والنجاح المهني لأنهما يعززان أكثر العقلية الفردية.
theme::common.loader_icon