عاماً بعد عام، تولد المهرجانات الفنّية على أرض لبنان رسالةً وطنية عن التَوْق إلى الحياة وسط الموت والمعارك. بين انتفاضات بيروت والغدر المُحدِق بحريّتها وتعبير شعبها عن رأيه، أعلت كلّ منطقة لبنانية صوتها تناغماً مع أنين عاصمتها.

ولكنّ ثورة هذه المناطق مغايرة، اتّخذت شكلاً ثقافياً، به تُحارب شتى أنواع الأسلحة ومن خلاله تبسط النضال والعنفوان أعلاماً في فضاء الوطن. هذا العام، تُوِّج الأرز مَلكاً على المهرجانات الصيفية، فوُلد له مهرجانان، الأوّل في منطقة الأرز والثاني في أرز تنورين.

«الغابة المسحورة» هو العمل الفنّي الذي من خلاله يُكرّم المخرج إيفان كركلا أرز لبنان، جامعاً فيه أسماء فنّية كبيرة ستقدّم خلال ليلة 29 آب أداءً فريداً، يُعرض للمرّة الأولى في لبنان. هو عمل فنّي صُمِّم خصيصاً ليكون الانطلاقة الأولى لليالي أرز تنورين، كظاهرة حضارية وثقافية جديدة في لبنان، حيث يتلاقى المكان في سحر غابة تنورين، والذي يشكل إطاراً رائعاً للفنون مع الإبداع لخلق حدث فنّي مميَّز يَحمل الدهشة والجمال.

و«الغابة المسحورة» هي أسطورة مُستوحاة من غابة تنورين وأساطير الحكايات الشعبية، التي تدور أحداثها بين الواقع والخيال. وهي تشكِّل إطاراً غنياً لمضمون مسرحي غنائي راقص، برؤية فنّية معاصرة حيث يتناغم الجسد والروح، بلوحاتٍ فنّية مليئة بالحداثة والجمال.

وفي حديث خاص لـ«الجمهورية» قال رئيس بلدية تنورين منير طربيه إنّ «الأرز رمز لخلود لبنان، فمهما تشتدّ العواصف ومهما أساءت إلى طبيعته، تبقى شلوحُه مرتفعة وشامخة وسيظلّ خالداً. مهرجانات أرز تنورين برهان للبنانيين بأنّ لبنان صامد بصمود الأرز وسيظلّ ملكاً لنا مهما حاولوا احتلاله».

يضيف طربيه أنّ «تنورين منطقة انطلق منها المسيحيون، ومعهم انطلق التراث المسيحي الذي سنعيده إلى هذه المنطقة العريقة بتاريخها. وذلك عبر المهرجانات الصيفية، التي تشكّل حالياً فسحة أمل وفرح لكلّ مَن يعيش العذاب النفسي جراء الأحداث التي تعصف بالعاصمة وبلبنان كله.

في تنورين سيفرحون، سيُفرغون نفوسهم من هَوْل الفِتن والمعارك، سيغنون ويرقصون مع المهرجانات في 29 آب». تنظّم المهرجانات هذا العام جمعية «لنا» التي تترأسها مرلين حرب التي شدّدت في المؤتمر الصحافي المنعقد لإطلاق المهرجانات أنّ في السنوات القادمة ستتسلّم تنظيم المهرجان لجنة خاصة تتّخذ اسم «لجنة ليالي أرز تنورين».

سيجمع مسرح تنورين في «الغابة المسحورة» المطربين هدى حداد، عبير نعمة، جوزيف عازار وسيمون عبيد. أمّا الممثلون فهم رفعت طربيه، غابريال يمين، خالد السيد، علي الزين وفادي الرفاعي. كتب السيناريو إيفان كركلا، والشعر الغنائي طلال حيدر، ويكرّم الحفل الشاعر سعيد عقل من خلال قصيدة له من ألحان إيلي شويري.

وكان لجورج خباز، لمسة إبداعية في كتابة الحوارات المسرحية. وقد انتقى كركلا محمد رضى وعلي عوالي مستشارَين للموسيقى التي صمّمت إليسار كركلا الرقص على أنغامها.

تنورين تنبض بالحياة، فإلى جانب مهرجانات أرز تنورين التي تنطلق غداً، بدأت في أواخر شهر حزيران مهرجانات تنورين الصيفية التي تنظّمها البلدية بحيث اعتبر طربيه أنها كانت ناجحة جداً هذا العام. بدأ البرنامج الذي رعاه وزير السياحة ميشال فرعون في 27 حزيران بمسيرة «درب المحابس» من أرز تنورين إلى حردين مروراً بمحابس عين الراحة الـ17، ليستمرّ في 4 تموز مع المغنية عبير نعمة، والتي يشكّل صوتها أحد أرقى الأصوات اللبنانية اليوم.

في 11 تموز كانت للموسيقى الكلاسيكية حصّة أيضاً، حيث أحيت فرقة Les amis de la Suisse السويسرية حفلاً في كاتدرائية تنورين، أما في 18 تموز فاستمر الفنّ السويسري من خلال حفل Macadam Jazz أحيته فرق جاز سويسرية، إلى جانب فرقة ألمانية أخرى. في شهر آب نُظّم مهرجان رياضي بالاتفاق مع النادي الرياضي في تنورين.

في 21 آب أطلّ عبدو ياغي في حفلٍ خاص قبل أن يحيي عماد الرفاعي حفلاً راقصاً للتراث البعلبكي في 22 آب. والختام سيكون في 30 آب مع مسرحية كوميدية لفرقة الدبابير.