ما هو مرض مينيير وهل هو مزمن وهل يمكن التخلُّص منه جراحياً؟ وما مدى خطورة الجراحة؟ الإجابة مع الدكتور إيلي عتر، إختصاصي أذن أنف وحنجرة وجراحة الدماغ من الأذن وأستاذ في جامعة القديس يوسف.

• ما هو مرض او متلازمة مينيير؟

مرض أو متلازمة مينيير syndrome de Ménière كناية عن نوبات متكرِّرة من الدوار يرافقها طنين في الأذنين وضعف في السمع. وفي معظم الأحيان، يصيب هذا المرض أذناً واحدة فقط ومن الممكن ان ينتقل الى الأخرى بعد سنوات.

• هل يمكننا اعتباره مرضاً مزمناً؟

هو مرض مزمن ولكن تختلف وتيرة هجماته بدرجة كبيرة وغير متوقعة. فمعظم الناس لديهم عدد قليل من الهجمات سنوياً. فيما قد يتعرَّض البعض الآخر لعدد من النوبات أسبوعياً. وقد تكون هناك فترات انقطاع بين الأزمات تستمرّ أشهراً أو سنوات.

• ما هي أسباب متلازمة مينيير؟

أسباب مرض مينيير غير معروفة. فهي حال مَرَضية تصيب الأذن الداخلية أيْ الجزء الأعمق في الأذن الذي يؤمِّن السمع والتوازن وتُسمى القناة السمعية والمتاهة الدهليزية حيث تمتلئان بالسائل أو اللمف الباطني hydrops endolymphatique والذي يشكَّل ضغطاً مفاجئاً يسبب نوبات الدوار المنهِكَة.

• إذاً ما هو سبب الأعراض؟

يعود سبب أعراض متلازمة مينيير الى زيادة وتيرة ضغط سائل اللمف الباطني والذي يمنع وصول الصوت بشكلٍ صحيح ويطمس إشارات التوازن المرسَلة إلى الدماغ. ومع الوقت وتكرار النوبات تفقد الأذن الخلايا السمعية وخلايا التوازن ما يؤدّي الى فقدانٍ تدريجي لحاسة السمع.

ولا يعرف العلماء ما الذي يسبب الضغط المتزايد في الأذن الداخلية. بَيْد أنّ هناك افتراضات منها الحساسية أو عدم تحمّل بعض الأطعمة أو اضطراب في الجهاز المناعي ولربما الإصابة بنوع من الفيروس.

وتلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً في ظهور المرض. ولكن حتى الآن، لم تتأكّد أيّ من هذه الفرضيات رسمياً. ولا بدّ من الإشارة، الى أنّ السبب الرئيسي هو أننا لا نستطيع الدخول الى الأذن الداخلية لتحديد الأسباب.

• الى أيّ مدى يعوق المرض الحياة اليومية؟

في الواقع، عدم القدرة على التنبّؤ بأعراض متلازمة مينيير يمكن أن يولِّد الكثير من الخوف والقلق فيصبح بعض الأنشطة اليومية، مثل قيادة السيارة خطراً. بالإضافة إلى ذلك، حتى عندما تختفي النوبات، قد تستمرّ المضاعفات حيث إنّ بعض الناس يعاني من فقدان أو اضطراب دائم في التوازن والسمع. حتى إنّ الأزمات المتكِّررة قد تؤدي الى موت الخلايا العصبية المسؤولة عن التوازن والسمع والتي لا يمكن استبدالها، كما سبق وأشرنا.

• كم تستمرّ أعراض نوبات متلازمة مينيير؟

بشكل عام تستمرّ الأعراض من 20 دقيقة إلى 24 ساعة وتسبب الارهاق البدني الكبير وتتمثَّل هذه الأعراض في شعور بالامتلاء في الأذن وطنين شديد والذي غالباً ما يُحدث أولاً دواراً حاداً مفاجئاً، يُجبر المريض على ملازمة السرير في حالٍ نفسية سيّئة جداً ويعطي انطباعاً بأنّ كلّ شيء يدور من حوله أو يدور حول نفسه.

وقد يترافق ذلك مع فقدان جزئي للسمع وحركات العين السريعة والتي لا يمكن السيطرة عليها فضلاً عن الشعور بالغثيان، والقيء والتعرُّق وآلام المعدة والإسهال. وفي بعض الحالات، يشعر المريض بأنّ أحداً ما يدفع به بقوة فيسقط بشكلٍ حاد. وهذا ما يسمّى بأزمات «توماركين» وهذا السقوط يشكِّل خطراً كبيراً.

• مَن هم الأشخاص المعرّضون للإصابة بمتلازمة مينيير؟

إذا كان أحدُ أفراد الأسرة يعاني من مرض مينيير فهناك احتمال بإصابة آخرين حيث إنّ هناك استعداداً وراثياً لهذا المرض كما أشرنا سابقاً.

• هل هناك عوامل تساهم في ظهور نوبات الدوار؟

لا توجد عوامل خطر معروفة مرتبطة بهذا المرض، ولكن يبدو أنّ هناك بعض العوامل التي يمكن أن تسبّب نوبات الدوار لدى المصابين، منها التوتر النفسي والإجهاد أو التعب الشديد فضلاً عن تناول بعض الأطعمة، مثل المأكولات الشديدة الملوحة أو التي تحتوي على الكافيين.

• هل هناك تدابير للحدِّ من كثافة الأزمات وتكرارها؟

هناك بعض من الأدوية التي يحِّددها الطبيب، يمكن أن تقلّل من الضغط في الأذن الداخلية، وتشمل مدرَّات البول، واتباع نظام غذائي قليل الملح ويخفِّف ذلك في الغالب من حدِّة الدوخة لكن لا يعالِج الطنين وفقدان السمع.

• دكتور عتر في العدد السابق من ملحق «الجهمورية» الطبي، أفادنا الدكتور ألياس جرادة، بأنه عانى الكثير من مرض منيير ولم تنفعه الأدوية ولا الفيزيوثيرابي التي كان الأطباء في الخارج يصفونها له. الى أن طلب منك أن تجري له جراحة «كبيرة» وبفضلك شُفي من مرض منيير وأعراضه، هل لك أن تحدَّثنا عن الجراحة ومدى خطورتها؟

قبل تقرير الجراحة، وبعد تشخيص متلازمة منيير نبدأ العلاج بطريقة تدريجية فننصح المريض أولاً بتغييرات طفيفة في نمط حياته وكما ذكرنا في شأن الغذاء والتوتر والضغط النفسي. ثمّ نبدأ بالأدوية وإن لم نسيطر على النوبات بهذه الطريقة، نعرض على المريض حقن الأبر في الأذن، ومنها ما يُضعف المناعة المحلية (في الأذن) او نلجأ لتدمير مركز التوازن للسيطرة على نوبات الدوار.

• ولكن، ما هي مغبّات تدمير مركز التوازن على المدى البعيد؟

من الممكن الوقوع في مشكلتين الأولى هي انتقال المرض الى الأذن الأخرى ليس بسبب الحقنة بل بسبب تطوُّر المرض في الأذن ونموّه في الأذن الأخرى. أما المشكلة الثانية، فهي عدم قُدرة المتقدّمين في السن التعويض عن خسارة مركز التوازن في الأذن المعالجة.

وأما الجراحة التي أجريتها للدكتور جرادة فهي كناية عن إزالة الضغط عن الأذن الداخلية من دون الحاجة الى تدميرها. تبلغ نسبة نجاحها في حدود السبعين في المئة. وهذه الجراحة تُجرى في منطقة حسَّاسة بين الأذن وغشاء السحايا الدماغية.