«عقدة أوديب»... ضروريّة لنفسيَّة الطفل
«عقدة أوديب»... ضروريّة لنفسيَّة الطفل
اخبار مباشرة
  • 15:36
    لقاء "مثمر".. الرئيس عون يكشف عن زيارة وفد قطري لبنان الاسبوع المقبل
  • 15:06
    نقابة المالكين: الرئيس عون يدرك حجم الظلم بحق المالكين القدامى ويتوخى رفعه عن كاهلهم في كل خطواته
  • 14:19
    بري: نأمل أن يكون درب الجلجلة هذا العام معبرا نحو وعد جديد بقيامة أوطاننا
  • 13:24
    توضيح من المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة بشأن الانتخابات البلدية
  • 13:22
    مرقص: هناك صعوبات كبيرة من بينها الاحتلال الاسرائيلي واعتداءاته تعيق مهام الجيش اللبناني جنوب الليطاني
  • 13:12
    مرقص: الرئيس عون اتّصل بملك الأردن وشكر الحكومة على إنجازها مشروعي قانونيين إصلاحيين
  • 13:01
    غروسي: أي اتفاق نووي بين إيران والولايات المتحدة يحتاج إلى تحقق ومراقبة من قِبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية
د. أنطوان الشرتوني
جريدة الجمهورية
Monday, 02-Feb-2015 00:00
«عقدة أوديب» التي دُرِسَتْ في كثير من العلوم والآداب، خصوصاً في الطبّ والتحليل النفسيَّين، ليسَت اضطراباً أو مرضاً نفسيّاً. بل هي «وضعٌ نفسيّ غير واعٍ يَمُرّ فيه الإنسان، لتتشكّل أهمّ مكوّنات الشخصيّة التي تؤثّر فيه مدى حياته». فما هي هذه العقدة؟ ولمَ كلّ هذا الإهتمام بها؟
كانَ أب التحليل النفسيّ سيغموند فرويد أوّلَ مَن تكلّم عَن «عقدة أوديب» وفَسّرها وحَلّلها. وقد أقرَّ عام 1910 بأنّهُ كان يكنّ مشاعر الحبّ لأمّه ويشعر بالغيرة من والده، معتبراً أنّ «هذه المشاعر أمر شائع لدى جميع الأطفال».

عقدتان وروايتان

وأثناء حضوره مسرحيّة «أوديب الملك - سوفوكل» في أحَد مسارح برلين، لاحظَ فرويد تَعلُّق المشاهدين وصدمتهم بالقصّة التي تروي نبوءةً غريبة تتمثّل في أنّ «طفلاً سيقتل والدهُ ليتزوَّج والدته».

وبعدَ تحليله القصّة، لاحظ فرويد أنّ «كل طفل يشعر في طفولته بما شعر به «أوديب»: أي أنّهُ يُحبّ أمّه ويكره والده. وفي هذه الحال، يكون الطفل في سباق مع والده، ويُنافسه على حبّ والدته».

في المقابل، تتجلّى هذه الغيرة لدى الفتاة بما يُعرَف بـ»عقدة إلكترا»، حيث إنّها تكرهُ أمّها وتميل إلى حُبّ والدها. وقد سُمّيَت هذه العقدة بهذا الاسم، نسبةً إلى رواية إغريقية خَطّطت فيها امرأةٌ تُدعى إلكترا لِقَتل أمّها.

وفي وقتٍ يشتكي بعض علماء الأنتروبولوجيا والباحثين في التحليل النفسي من وجود «عقدة أوديب» لدى جميع الأشخاص وفي كلّ المجتمعات، اعتبرَ فرويد أنّ «نموّ الطفل الجنسيّ والنفسيّ يعتمدان على هذه العقدة التي يشعر بها جميع الأطفال».

إنّ كلمة «عقدة» تعني في اللغة اللاتينيّة «مجموعة أمور غير متجانسة». أمّا «عقدة أوديب»، فهي عقدة خاصّة ببناء شخصيّة الإنسان، تَصفُ مراحل نموّ الطفل وتطوُّره نفسيّاً وجنسيّاً، وتساعد في ظهور «الأنا العُليا» المساهمة في احترام القوانين والأعراف، مَنعاً لارتكاب الجرائم والسرقات والمحرَّمات.

يُذكَر أيضاً أنّ الطفل يكتشف صورة والدَيه النفسيّة والاجتماعيّة، ويُلاحظ مع الوقت أنّهما يؤدّيان دورَين مختلفين تماماً. وفي هذه الحال، يخاف الطفل على كيانه الخاصّ بسبب وجود الأب، فيُحاول التقرُّب من أمّه التي تهتمّ كثيراً بوالده (مصدر قلقه).

ومن ثمّ تظهر لدى الطفل مشاعر الحُبّ لأمّه والغيرة من والده فيُبدي عدائيّة تجاهه. وهنا، يُشدّد علم النفس على الدور المهمّ الذي يؤدّيه الأب في عدم السماح للطفل بالتمادي في حُبّه تجاه والدته، من خلال طمأنته إلى أنّهُ سيتزوّج امرأةً تُناسبه عندما يكبر.

ما انعكاساتها؟

تقوم عقدة أوديب على انجذاب الطفل إلى الجنس الآخَر، والشعور بالحقد والكراهية والمنافسة تجاه الأشخاص من جنسه. ونُلاحظ خلال مرحلة «عقدة أوديب» أنّ اهتمامَ الولد بأعضائه التناسليّة يزداد، فهي تُشعره بالفخر، لذلك فإنّهُ يَسير في المنزل عارياً». كذلك، ثمّة أولاد ذكور يعتقدون أنّ غياب العضو التناسلي الذكري لدى الفتيات هو بمثابة عقوبة لهُنّ.

أمّا عقدة «إلكترا»، فتتجَلّى في السنوات الأولى من حياة الطفلة، عبرَ الغيرة من والدتها وعشقها لوالدها الذي يُشكّل مثالها الأعلى. وتعتقد الفتاة أيضاً أنّها ستكتسب عضواً تناسليّاً ذكريّاً يوماً ما، لكنّها تفهم لاحقاً الفارق بين جسمَي الفتاة والصبيّ.

وتُعوّض الفتاة عَن شعورها بهذا النقص، من خلال اكتشافها إمكان إنجابها أطفالاً في المستقبَل. لذلكَ، نجدها تلعب بالدمى استعداداً لمرحلة الأمومة. وفي بعض الأحيان، تظهر هذه العقدة بنحو معاكس، أي أنّ الطفلة تنجذب مثلاً إلى والدتها وتكره والدها. وعادةً ما تظهر هذه العقدة في هذا الشكل عندَ غياب الوالد عن المنزل، فتُحاول الفتاة ملء فراغ والدها.

كيف تنتهي؟

إجمالاً، تنتهي عقدة أوديب عندَ بلوغ الطفل عامهُ الرابع أو الخامس. فبعدَ تقمُّصه شخصيّة أحد والديه ومحاولته جذب اهتمام الطرف الآخر، يفهم أخيراً أنّه لا يستطيع أن يحلّ مكان والده في حياة أمّه.

ومع الوقت، يكبر الصبيّ فيُكوّن شخصيّةً اجتماعيّة، ويبدأ البحث عن فتاة من خارج المحيط العائلي من دون أن يَعي ذلك. إلّا أنّ نتائج بَحثه هذا تتجَلّى في السنوات اللاحقة، حيث أثبتت دراسات كثيرة أنّ «الشاب يبحث عَن زوجة لهُ تكون شبيهة والدته».

والأمر مماثل لدى الفتاة، فما إن تنتهي «عقدة إلكترا»، حتّى تبدأ البحث عَن رجُل يُشبه والدها في صفاته وأخلاقه، إذ تفهم أنّهُ لا يمكنها سَلب الحُبّ الذي يُكنّه والدها لوالدتها.
theme::common.loader_icon