«أم الطنافس» نموذج واقع نعيشه
«أم الطنافس» نموذج واقع نعيشه
اخبار مباشرة
عمر الصلح
نظراً إلى ضغط العمل، قرّرتُ هذا العام قضاء إجازتي بعيداً من الكتابة والقراءة. لم أضع في حقيبتي كتُباً ولا أوراقاً ولا أقلاماً، وقرّرتُ أن لا أتعاطى السياسة لا من قريب ولا من بعيد، باستثناء متابعة الأخبار العاجلة، والإستمتاع بالشمس والبحر، ومشاهدة مباريات المونديال.
سافرتُ برحلةٍ إلى الجُزر اليونانية للابتعاد عن مشاهد الدم والدمار، التي تحتلّ كلّ مساحات الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع، وما كنتُ أتوقّع أنّ «أم الطنافس» تنتظرني هنا في أرض الفلاسفة، إذ إنّ مجموعة القصص القصيرة التي حصلتُ عليها من الكاتب ممدوح حمادة، كانت لا تزال مختبئة في قعر حقيبة الكتِف.
وبعد أيام ثلاثة لم أتمكّن من الصمود أمام رؤية تلك المجموعة، فقرّرتُ الاطّلاع على بعض قصصِها، ولكن ما إن بدأتُ في قراءة صفحاتها الأولى حتى أعادتني إلى واقع ممتِع ومؤلم، لطالما أحببتُه وحاولتُ التهرّب منه في آن واحد.
فعلاً نجحَ الكاتب بمجموعته الجديدة في إعادتي إلى أحضان الشرق الممتلئ بتلك القصص التي لم يَقم بتدوينها إلّا قِلّة من الكتّاب في عصرنا الحديث، تلك القصص أعادتني إلى نقطة البداية التي كنّا نُطلق عليها في ذلك الزمن «النضال في سبيل رفاهية الإنسانية».
مجموعة «أم الطنافس» تتضمّن 25 قصّة في 230 صفحة من الحجم الوسط، صدرَت عن دار «أبعاد». غالبيّة قصص المجموعة لم تجسّد في المسلسل الكوميدي الناقد «ضيعة ضايعة»، الذي تابعَه عالمُنا العربي من أدناه إلى أقصاه ولِمرّات عدّة، حتى باتَ ينطق ببعض مصطلحاته التي دخلت إلى قاموس مفرداتنا اليومية، ليس لطرافتها فحسب، بل لارتباطها بواقع ومراحل وأحداث طالت عدّة أجيال من أجدادنا، مروراً بنا، وها هي تعصف بأبنائنا، وحتماً ستلاحق أحفادَنا وأحفادَهم لأنّها أشبهُ بحالةِ دوران في حلقة مفرغة.
عدّة قصص من مجموعة «أم الطنافس» استوقفَتني طويلاً، وخصوصاً قصّة «كلمة أصدقاء الفقيد»، فهي تعرض تلك الخطَب الرنّانة التي لا يزال رنين أبياتها في مسامعنا لكثرةِ ما سمعناها في مناسباتنا المختلفة، مع فارق الاسم والمكان والزمان. فعلاً تمكَّن الكاتب في هذه القصة الطريفة من تجسيد واقع مرير أدخلَنا في دهاليز وأحلام حتى بتنا لا ندرك تواريخَ ما كنّا نسمّيه « ثوراتنا».
أمّا قصّة «كلسون الخام الألماني» فهي نسخة طبق الأصل عن تلك البرامج السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي يتمنّن بها حكّامنا علينا بين الحين والآخر بخطاباتهم «التاريخية» لإظهار حِرصهم على مستقبلنا، وبالتالي ضمان استمرارية حُكم ذريتهم على عروش أوطاننا، لكن للأسف فإنّنا لم نصبح إلى اليوم على قدر شجاعة نجم القاضي لنفضّل أن نكون عراةً على أن نستر عوراتنا بكلسون عبّود مهنا سلطان.
«يهوذا الاسخريوطي» قصّة طريفة تجسّد الكثير من قيَم ومبادئ أجيالنا الثورية التي تخرّجَت من سجون الكلمة من دون أن تُدرك فعلاً معنى تلك الكلمة وأبعادها. فنحن فعلاً كما أورَد الكاتب، ناضلنا ضدّ «الإمبريالية» لعدّة عقود ولم ندرك مدى حقارتها، حملنا راية التغيير الثوري ولم نفهم خصوصيات «الإشتراكية»، إلى أن وصلنا إلى الحائط المسدود وتبعثرَت أحلامُنا ومعتقداتنا كافة.
الكاتب اختصرَ المجموعة بعدّة أسطر على الغلاف، وإن بدا وكأنّه يعترف بخطيئة ما باعترافه أنّ «الرجل» أخطأ، وانطلاقاً من مبدأ «جلّ من لا يخطئ»، آن الأوان للعفو عنه وإطلاق سراحه من السجن الذي دخله بذريعة شتمِ الحكومة.
لكن لا بدّ من القول للدكتور ممدوح، للأسف فإنّ سجون بلادنا لا تغسل الأخطاء، بل العكس، فهي تكرِّس في النفوس رغبةَ الإقبالِ على الخطيئة، ففي الواقع لا فارقَ بين الخروج من خلف قضبان سجن حديدية إلى سجن تختنق الحقيقة فيه قبل وصولها إلى أفواهنا.
وبعد أيام ثلاثة لم أتمكّن من الصمود أمام رؤية تلك المجموعة، فقرّرتُ الاطّلاع على بعض قصصِها، ولكن ما إن بدأتُ في قراءة صفحاتها الأولى حتى أعادتني إلى واقع ممتِع ومؤلم، لطالما أحببتُه وحاولتُ التهرّب منه في آن واحد.
فعلاً نجحَ الكاتب بمجموعته الجديدة في إعادتي إلى أحضان الشرق الممتلئ بتلك القصص التي لم يَقم بتدوينها إلّا قِلّة من الكتّاب في عصرنا الحديث، تلك القصص أعادتني إلى نقطة البداية التي كنّا نُطلق عليها في ذلك الزمن «النضال في سبيل رفاهية الإنسانية».
مجموعة «أم الطنافس» تتضمّن 25 قصّة في 230 صفحة من الحجم الوسط، صدرَت عن دار «أبعاد». غالبيّة قصص المجموعة لم تجسّد في المسلسل الكوميدي الناقد «ضيعة ضايعة»، الذي تابعَه عالمُنا العربي من أدناه إلى أقصاه ولِمرّات عدّة، حتى باتَ ينطق ببعض مصطلحاته التي دخلت إلى قاموس مفرداتنا اليومية، ليس لطرافتها فحسب، بل لارتباطها بواقع ومراحل وأحداث طالت عدّة أجيال من أجدادنا، مروراً بنا، وها هي تعصف بأبنائنا، وحتماً ستلاحق أحفادَنا وأحفادَهم لأنّها أشبهُ بحالةِ دوران في حلقة مفرغة.
عدّة قصص من مجموعة «أم الطنافس» استوقفَتني طويلاً، وخصوصاً قصّة «كلمة أصدقاء الفقيد»، فهي تعرض تلك الخطَب الرنّانة التي لا يزال رنين أبياتها في مسامعنا لكثرةِ ما سمعناها في مناسباتنا المختلفة، مع فارق الاسم والمكان والزمان. فعلاً تمكَّن الكاتب في هذه القصة الطريفة من تجسيد واقع مرير أدخلَنا في دهاليز وأحلام حتى بتنا لا ندرك تواريخَ ما كنّا نسمّيه « ثوراتنا».
أمّا قصّة «كلسون الخام الألماني» فهي نسخة طبق الأصل عن تلك البرامج السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي يتمنّن بها حكّامنا علينا بين الحين والآخر بخطاباتهم «التاريخية» لإظهار حِرصهم على مستقبلنا، وبالتالي ضمان استمرارية حُكم ذريتهم على عروش أوطاننا، لكن للأسف فإنّنا لم نصبح إلى اليوم على قدر شجاعة نجم القاضي لنفضّل أن نكون عراةً على أن نستر عوراتنا بكلسون عبّود مهنا سلطان.
«يهوذا الاسخريوطي» قصّة طريفة تجسّد الكثير من قيَم ومبادئ أجيالنا الثورية التي تخرّجَت من سجون الكلمة من دون أن تُدرك فعلاً معنى تلك الكلمة وأبعادها. فنحن فعلاً كما أورَد الكاتب، ناضلنا ضدّ «الإمبريالية» لعدّة عقود ولم ندرك مدى حقارتها، حملنا راية التغيير الثوري ولم نفهم خصوصيات «الإشتراكية»، إلى أن وصلنا إلى الحائط المسدود وتبعثرَت أحلامُنا ومعتقداتنا كافة.
الكاتب اختصرَ المجموعة بعدّة أسطر على الغلاف، وإن بدا وكأنّه يعترف بخطيئة ما باعترافه أنّ «الرجل» أخطأ، وانطلاقاً من مبدأ «جلّ من لا يخطئ»، آن الأوان للعفو عنه وإطلاق سراحه من السجن الذي دخله بذريعة شتمِ الحكومة.
لكن لا بدّ من القول للدكتور ممدوح، للأسف فإنّ سجون بلادنا لا تغسل الأخطاء، بل العكس، فهي تكرِّس في النفوس رغبةَ الإقبالِ على الخطيئة، ففي الواقع لا فارقَ بين الخروج من خلف قضبان سجن حديدية إلى سجن تختنق الحقيقة فيه قبل وصولها إلى أفواهنا.
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
06:46
محادثات أميركية ـ سعودية حول لبنان
1
14:44
الرئاسة السورية تنشر بياناً منسوباً لبشار الأسد.. ماذا تضمن؟
2
06:32
كيف سيحكم المتمرّدون سوريا؟ ماضيهم يقدّم أدلة
3
06:38
إخراج لبنان من القائمة الرمادية أو جرّه إلى القائمة السوداء؟
4
06:42
بيروت ـ دمشق: من الثابت "المتحوّل" إلى الواقعية السياسية... أو التقلّب الدائم؟
5
06:17
المانشيت- الرئيس التوافقي يواجه العراقيل.. وتركيز على برنامج الرئيس والحكومة
6
14:53
أدرعي: "لو نعيم بوقّف هالجحيم وبضب زعرانه"
7
10:38
عمليات إسرائيلية في العراق قريبا؟
8