عاجل :
وسائل إعلام سورية: سماع دوي انفجار في العاصمة دمشق
لبنان الدولة والسيادة الإعلاميّة المفقودة...!
لبنان الدولة والسيادة الإعلاميّة المفقودة...!
اخبار مباشرة
جورج كلاس


يتبين للناظر في وضع الدولة اللبنانية بعد اتفاق الطائف، ان الحكومات المتوالية منذ 1991، نجحت في إيقاف الحرب، وإسكات المدفع وإلغاء حدود التماس لفترة، ثم إستتبعت ذلك بإسترجاع بعض سيادتها الأمنية السليـبة، من التنظيمات والميليشيات والجماعات التي تقاسمت غلال الحرب على بيادر الفوضى، قبل إحتفالية حلّ الميليشيات، وتشريع بعضها «لضرورات وطنية»..!
كذلك حاولت الدولة، من خلال استراتيجية حضور توافقية بين الرئاسات الثلاث والأقطاب السياسيين الولائيين، من حيث أنهم أصبحوا شركاء الدولة في السلم، بعدما كانوا اسياد الأرض في زمن الحرب، من دون أي منافسة، حاولت هذه الدولة إستقطاب الناس وجعلهم رعايا مكتومي الصوت ومكفوفي البصر، على قاعدة، ان كل مَنْ ليس مع الحكومة، هو عدوّ لها وللسلم الأهلي، وعرضة للتخوين.
والخطوات الإستعادية لبقايا الدولة ولملمة رموزها، وإعادة ترميم صورتها، قدر الإمكان والمسموح به، ما كانت لتنجح لولا الإرادات الدولية والإقليمية الآمرة بوقف (حرب لبنان)، ولولا تجاوب القوى المحليّة مع تلك الإرادات التي رعت عملية السلم بالتراضي، وأوحَتْ للدولة بالتعامل مع الميليشيات المحميّة، بما يؤمّن لهذه الجماعات كياناتٍ خاصة، تنطبع علاقتها بالدولة، بطابع الشراكة، أكثر مما تنطبع بطابع الإنتماء.
وبذلك تبدّل مفهوم وطبيعة علاقات الجماعات بالدولة، بحيث أسّست لنوع من الاستقلالية، على مستوى الحضور السياسي الميداني، بما يشبه الفدراليات الإتنية المتوافقة على ترسيم خطوط التوافق والتعارض بينها، بما يضمن بقاءها ويوسّع سلطتها على إقطاعها.
وكان من الطبيعي، ان تعمل الفدراليات الإتنية، التي تحوّلت من ميليشيات الى حركات سلطوية مشرّعة ومُعتَرَف بها بالممارسة، على تحصين كياناتها بما يكفل لها ديمومة وفعالية، فعمدت الى إستخدام الإعلام، بوسائله وفنونه، لتسويق صورتها وأفكارها وبسط سلطتها أكثر، والعمل على إستعماله سلاحاً مركزياً في خططها وتحرّكها.
وهذا السعي،المتطلّع الى وضع إستراتيجية تلازم بين السياسة والاعلام، دفع الأقطاب، شركاء الدولة، الى تملّك الصحف والإذاعات والمحطات التلفزيونية الأرضية والفضائية، وحماية ملكيّتهم بنصّ تشريعي، وبذلك تقاسم المحظيون فضاء الصوت والصورة، فإتسع نطاق حضورهم وفعلهم، وازداد نفوذهم أضعافاً متصاعدة.
ومع إمتلاكهم الحنكة السياسية، والرؤية الاعلامية، تمكّن (فدراليو) الواقع اللبناني من السيطرة على مساحات الصورة والصوت، واتفقوا على تقاسم حصص (المونوبول) الاعلاني، كمصدر تمويل ضامن لإستمرارية سلطتهم السياسية، وكاريزما صورتهم لدى جمهورهم الخاص.
ومفهوم (الجمهور الخاص) في منطق الفدراليات اللبنانية، حلّ مكان مفهوم (الجمهور العريض)، والجمهور المفتوح على خيارات متعدّدة، ومتنوّعة ضمن التجانس، وهذا ما دفع بالزعماء "السياسييين الفدراليين"، الى تطوير نظرتهم، وتحديث فلسفتهم، واعادة صوغ خطابهم، فعملوا على تدعيم مواقعهم السياسية والسلطوية، بمواقع اعلامية، وبذلك تحوّل السياسيون بالفعل، الى إعلاميين بالقوّة، فحضروا وقاسموا وغنموا من الاعلام أكثر مما غنموا من الحرب، وسلام ما بعد الحرب. وكلّ ذلك على حساب إعلام الدولة، الذي صار مشاعاً وأرضاً بوراً، قابلة للإقتطاع والاستملاك ووضع اليد ببساطة وسهولة.
وبعد أن أرسى "الفدراليون" قواعد سلطتهم السياسية والاعلامية، أصبح الواقع الاعلامي اللبناني، أمام معادلة التشابه والتماثل، كما في السياسة، كما في الاعلام، وبالتالي أصبحنا نقرأ لكل الناس، من أصغر مجموعة الى أكبر جماعة، ولا نقرأ للدولة، ذلك، ان الدولة لا تكتب، ولا صحافة ولا صحيفة لها!
وأصبحنا نسمع، لأصغر صوت وأكبر صوت، ولا نسمع صوت إذاعة الدولة! ذلك، ان الدولة لا تقول ما يجب سماعه، ثم ليس لديها إذاعة مقبولة بالحدّ الأدنى. واذا ما قالت فليس لها (جمهورها الخاص) الذي ينصت اليها ويستمع لها!.
كذلك أصبحنا ننجذب لصور ومشاهد تلفزيونية، من صغيرها الى كبيرها، ولا نأبه لصورة تلفزيون الدولة! ذلك أن الدولة أفرغت تلفزيون لبنان من دوره، بعدما وزّعت امتيازاته وأرصدته، أسهماً في بورصة الولاء السياسي، وبعدما أغمضت عينيها (عيونها) عن ضياع أرشيف تلفزيون لبنان، والذي لولاه لما كان "للتلفزيونات الفدرالية" أرشيفها التأسيسي. وليس مَنْ يسأل، أين ذهب أرشيف تلفزيون لبنان الفيلمي؟ ولا كيف ذهب؟ ومَنْ المسؤول عن هذا (الذهاب) وفنيّة التخلص من ذاكرة لبنان المصوّرة؟ ولصالح مَنْ تمّ ذلك؟ وبأمرٍ من مَنْ؟
لقد نجح الأقطاب، الذين زاوجوا بين السياسة والاعلام، ان يرسموا لأنفسهم خططاً تضمن حضورهم الخاص، في مساحتهم الطائفية والمناطقية والعقيدية، بمثل ما تضمن لهم تلك الخطط حضورهم العام والرسمي في الحكومة والبرلمان والمحافل الحزبية. بمعنى انهم دخلوا الى حَرَم الدولة، من دون أن يسمحوا لأحد بالإقتراب من ترسيماتهم الاقطاعية، بحجّة التوافق على عدم الإختلاف.
الحقوق والهيبة وكرامة الإعلام الرسمي
نتج عن هذا التوافق الاستراتيجي المحصّلة الآتية: ان الدولة التي تنازلت عن الكثير من حقوقها وهيبتها لصالح الوفاق التقاسمي، قد أعطت ولم تأخذ. ولأن صورة الدولة مرتبطة إرتباطاً عضوياً بهيبتها، والهيبة مرتبطة بالسيادة، والسيادة مرتبطة ظاهرياً بالإعلام كعاكسٍ للهيبة والسيادة، فإن لبنان الدولة الرسمية، هو اليوم بلا صوت ولا صورة! وهو بالتالي بلا هيبة إعلامية!
فما من أحد يقرأ الدولة، لأن لا صحيفة لها ولا صحف في فلكها! وما من أحد يسمع الدولة، لأن لا إذاعة لها خارج التوصيف الوظيفي وجداول الرواتب الشهرية!
وما من أحد ينظر الى تلفزيون الدولة، لأنه فقد لونه وعصريته، لصالح الأبيض والأسود، وبدائية البرمجة وإنعدامية الحضور السياسي! بهدف إضعافه والعمل لبيعه بالمزاد السياسي الرخيص.
والسؤال الذي يلحّ بقوة، في أذهان المنتسبين بولائهم للوطن دون غيره، هو مَنْ المسؤول عن كرامة الاعلام الرسمي في لبنان؟ ولصالح مَن يتمّ التهاون مع السيادة الاعلامية للبنان الرسمي؟ ولماذا تجاهل هذه الأزمة المعضلة والتعامل معها على هذا النحو؟ ولماذا لا تكون ثمة دعوة للبحث في موضوع إحياء إعلام الوطن؟
وأي دور لوزارة الاعلام في إعادة ترميم وإحياء الاعلام الرسمي؟ وهل الاعلام الرسمي مسؤولية وزارة الاعلام وحدها، أم أن الأمر يرتبط برؤية الدولة الى وظيفة الاعلام الرسمي؟ ومَنْ يرسم سياسة الدولة في مجال الحضور الاعلامي؟ ومَنْ يضع استراتيجية استعادة السياسة الاعلامية المفقودة للبنان الدولة...؟
والخطوات الإستعادية لبقايا الدولة ولملمة رموزها، وإعادة ترميم صورتها، قدر الإمكان والمسموح به، ما كانت لتنجح لولا الإرادات الدولية والإقليمية الآمرة بوقف (حرب لبنان)، ولولا تجاوب القوى المحليّة مع تلك الإرادات التي رعت عملية السلم بالتراضي، وأوحَتْ للدولة بالتعامل مع الميليشيات المحميّة، بما يؤمّن لهذه الجماعات كياناتٍ خاصة، تنطبع علاقتها بالدولة، بطابع الشراكة، أكثر مما تنطبع بطابع الإنتماء.
وبذلك تبدّل مفهوم وطبيعة علاقات الجماعات بالدولة، بحيث أسّست لنوع من الاستقلالية، على مستوى الحضور السياسي الميداني، بما يشبه الفدراليات الإتنية المتوافقة على ترسيم خطوط التوافق والتعارض بينها، بما يضمن بقاءها ويوسّع سلطتها على إقطاعها.
وكان من الطبيعي، ان تعمل الفدراليات الإتنية، التي تحوّلت من ميليشيات الى حركات سلطوية مشرّعة ومُعتَرَف بها بالممارسة، على تحصين كياناتها بما يكفل لها ديمومة وفعالية، فعمدت الى إستخدام الإعلام، بوسائله وفنونه، لتسويق صورتها وأفكارها وبسط سلطتها أكثر، والعمل على إستعماله سلاحاً مركزياً في خططها وتحرّكها.
وهذا السعي،المتطلّع الى وضع إستراتيجية تلازم بين السياسة والاعلام، دفع الأقطاب، شركاء الدولة، الى تملّك الصحف والإذاعات والمحطات التلفزيونية الأرضية والفضائية، وحماية ملكيّتهم بنصّ تشريعي، وبذلك تقاسم المحظيون فضاء الصوت والصورة، فإتسع نطاق حضورهم وفعلهم، وازداد نفوذهم أضعافاً متصاعدة.
ومع إمتلاكهم الحنكة السياسية، والرؤية الاعلامية، تمكّن (فدراليو) الواقع اللبناني من السيطرة على مساحات الصورة والصوت، واتفقوا على تقاسم حصص (المونوبول) الاعلاني، كمصدر تمويل ضامن لإستمرارية سلطتهم السياسية، وكاريزما صورتهم لدى جمهورهم الخاص.
ومفهوم (الجمهور الخاص) في منطق الفدراليات اللبنانية، حلّ مكان مفهوم (الجمهور العريض)، والجمهور المفتوح على خيارات متعدّدة، ومتنوّعة ضمن التجانس، وهذا ما دفع بالزعماء "السياسييين الفدراليين"، الى تطوير نظرتهم، وتحديث فلسفتهم، واعادة صوغ خطابهم، فعملوا على تدعيم مواقعهم السياسية والسلطوية، بمواقع اعلامية، وبذلك تحوّل السياسيون بالفعل، الى إعلاميين بالقوّة، فحضروا وقاسموا وغنموا من الاعلام أكثر مما غنموا من الحرب، وسلام ما بعد الحرب. وكلّ ذلك على حساب إعلام الدولة، الذي صار مشاعاً وأرضاً بوراً، قابلة للإقتطاع والاستملاك ووضع اليد ببساطة وسهولة.
وبعد أن أرسى "الفدراليون" قواعد سلطتهم السياسية والاعلامية، أصبح الواقع الاعلامي اللبناني، أمام معادلة التشابه والتماثل، كما في السياسة، كما في الاعلام، وبالتالي أصبحنا نقرأ لكل الناس، من أصغر مجموعة الى أكبر جماعة، ولا نقرأ للدولة، ذلك، ان الدولة لا تكتب، ولا صحافة ولا صحيفة لها!
وأصبحنا نسمع، لأصغر صوت وأكبر صوت، ولا نسمع صوت إذاعة الدولة! ذلك، ان الدولة لا تقول ما يجب سماعه، ثم ليس لديها إذاعة مقبولة بالحدّ الأدنى. واذا ما قالت فليس لها (جمهورها الخاص) الذي ينصت اليها ويستمع لها!.
كذلك أصبحنا ننجذب لصور ومشاهد تلفزيونية، من صغيرها الى كبيرها، ولا نأبه لصورة تلفزيون الدولة! ذلك أن الدولة أفرغت تلفزيون لبنان من دوره، بعدما وزّعت امتيازاته وأرصدته، أسهماً في بورصة الولاء السياسي، وبعدما أغمضت عينيها (عيونها) عن ضياع أرشيف تلفزيون لبنان، والذي لولاه لما كان "للتلفزيونات الفدرالية" أرشيفها التأسيسي. وليس مَنْ يسأل، أين ذهب أرشيف تلفزيون لبنان الفيلمي؟ ولا كيف ذهب؟ ومَنْ المسؤول عن هذا (الذهاب) وفنيّة التخلص من ذاكرة لبنان المصوّرة؟ ولصالح مَنْ تمّ ذلك؟ وبأمرٍ من مَنْ؟
لقد نجح الأقطاب، الذين زاوجوا بين السياسة والاعلام، ان يرسموا لأنفسهم خططاً تضمن حضورهم الخاص، في مساحتهم الطائفية والمناطقية والعقيدية، بمثل ما تضمن لهم تلك الخطط حضورهم العام والرسمي في الحكومة والبرلمان والمحافل الحزبية. بمعنى انهم دخلوا الى حَرَم الدولة، من دون أن يسمحوا لأحد بالإقتراب من ترسيماتهم الاقطاعية، بحجّة التوافق على عدم الإختلاف.
الحقوق والهيبة وكرامة الإعلام الرسمي
نتج عن هذا التوافق الاستراتيجي المحصّلة الآتية: ان الدولة التي تنازلت عن الكثير من حقوقها وهيبتها لصالح الوفاق التقاسمي، قد أعطت ولم تأخذ. ولأن صورة الدولة مرتبطة إرتباطاً عضوياً بهيبتها، والهيبة مرتبطة بالسيادة، والسيادة مرتبطة ظاهرياً بالإعلام كعاكسٍ للهيبة والسيادة، فإن لبنان الدولة الرسمية، هو اليوم بلا صوت ولا صورة! وهو بالتالي بلا هيبة إعلامية!
فما من أحد يقرأ الدولة، لأن لا صحيفة لها ولا صحف في فلكها! وما من أحد يسمع الدولة، لأن لا إذاعة لها خارج التوصيف الوظيفي وجداول الرواتب الشهرية!
وما من أحد ينظر الى تلفزيون الدولة، لأنه فقد لونه وعصريته، لصالح الأبيض والأسود، وبدائية البرمجة وإنعدامية الحضور السياسي! بهدف إضعافه والعمل لبيعه بالمزاد السياسي الرخيص.
والسؤال الذي يلحّ بقوة، في أذهان المنتسبين بولائهم للوطن دون غيره، هو مَنْ المسؤول عن كرامة الاعلام الرسمي في لبنان؟ ولصالح مَن يتمّ التهاون مع السيادة الاعلامية للبنان الرسمي؟ ولماذا تجاهل هذه الأزمة المعضلة والتعامل معها على هذا النحو؟ ولماذا لا تكون ثمة دعوة للبحث في موضوع إحياء إعلام الوطن؟
وأي دور لوزارة الاعلام في إعادة ترميم وإحياء الاعلام الرسمي؟ وهل الاعلام الرسمي مسؤولية وزارة الاعلام وحدها، أم أن الأمر يرتبط برؤية الدولة الى وظيفة الاعلام الرسمي؟ ومَنْ يرسم سياسة الدولة في مجال الحضور الاعلامي؟ ومَنْ يضع استراتيجية استعادة السياسة الاعلامية المفقودة للبنان الدولة...؟
الأكثر قراءة
الأكثر قراءة
06:11
اتفاقية الهدنة كمخرج آمن

1
Mar 16
للحدّ من مُمارسات "الحزب".. أميركا تدلي برأيها في اختيار "حاكم المركزي الجديد"!

2
Mar 16
زياداتُ رواتب الموظفين والمعلمين للعام 2025... "وزارة التربية" توضح!

3
Mar 15
الخطة الهادئة لإدخال «الحزب» في التسوية

4
05:51
مانشيت "الجمهورية": جهد ديبلوماسي لتأمين انسحاب إسرائيل... 4 مقترحات لآلية التعيينات

5
13:05
"حزب الله" يدين الضربات الأميركية على اليمن: مُحاولة يائسة...

6
Mar 16
الراعي: هذا ما ينتظره الشعب اللبنانيّ من السلطة السياسيّة الحاليّة...

7
14:12
البطريرك يوحنا العاشر: لحكومة تعمل يداً بيد مع رئيس الجمهورية للنهوض بلبنان

8
